الباليه رقصة البجع على أصابع من دم

  • 5/14/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحلم كثير من الفتيات الصغار بارتداء حذاء راقصة الباليه الستان ذي الأشرطة الحريرية والنعل المسطح والطرف المدبب. لونه في الغالب وردي فاتح، وتشد أشرطته برومانسية شديدة إلى الكاحل، وكلما كانت مقدمته مدببة كلما برزت أناقة الراقصة ورقّة أسلوبها، وهي تتألق على المسرح مرتدية هذا الحذاء الأنيق وكأنها فراشة لا تكاد تلامس الأرض أصلا. بعيدا عن أحلام الأطفال الوردية، بالنسبة إلى راقصات الباليه المحترفات، يمثّل هذا الحذاء بمواصفاته هذه جزءا من زي العمل الرسمي، الذي يرتدينه لساعات طوال خلال البروفات وتجارب العروض والعروض الفنية الرسمية. ومن أول الأمور المؤلمة التي تتوارى خلف سحر وأناقة عالم الباليه، أن الراقصة المحترفة تستهلك نحو 8 أزواج من هذه الأحذية المدببة في الشهر. وبالفعل يوجد منصب شديد الخصوصية في فرقة باليه بافاريا الرسمي بميونيخ، وهو منصب رئيس قسم أحذية الباليه، نظرا إلى أن كل راقصة من أعضاء الفرقة الثلاثية تنتعل ماركة معينة، ويجب أخذ قياس أقدام كل واحدة منهن للحذاء الذي سترتديه على حدة وبمنتهى الدقة. تحرص شيفرين فيروليير، راقصة الفرقة الأولى، على التأكد بنفسها من وجود عدد كافٍ من الأزواج الجديدة في خزانة أحذية الباليه بحجرة تبديل الملابس الخاصة بها. وكل عضو في الفرقة لديها خزانة خاصة تحتفظ فيها بالأحذية الجديدة تحسبا لأي طارئ. تستخدم الأحذية الأقدم أولا، ويتم الاحتفاظ بالجديدة، من منطلق أنه كلما كانت أقدم، كلما كانت أكثر صلابة وتستطيع الراقصات استعمالها بسهولة. من جانبها تؤكد صوفي سمبسون من مصنع فريد الإنكليزي لتصنيع أحذية الباليه “هذا الحذاء له عمر افتراضي”، وتوضح لإحدى الراقصات بعض التعليمات الأساسية عن طريقة استخدامه، وأفضل الأوضاع والحركات لكي تحصل منه على نتيجة جيدة. تدور الراقصة على أطراف أصابعها حتى تشكل أقدامها خطا مستقيما مفرودا تماما، ثم تفرد ركبتيها بقوة وتتوج الحركة بالوقوف تماما على أطراف أصابعها. وبعين خبير تقرر سمبسون في ثوان إذا كان الحذاء مناسبا للراقصة أم لا، وهل تحتاج زوجا أكبر أو أصغر، وهل هو ضيق للغاية أم واسع، والأهم من ذلك، إذا كانت القدم تحتاج إلى حماية أكبر أم لا.على سبيل المثال، بالنسبة إلى إحدى الراقصات قد يستلزم الأمر بطانة داخلية صلبة مستديمة، في حين تحتاج راقصة أخرى نعلا مختلفا لكي يمكنها من بسط القدم دون مشاكل. هناك بعض الراقصات يتطابق مشط قدمهن مع الطرف المدبب بصورة مثالية، وهناك راقصات أصابع مشط أقدامهن أقصر من المعتاد. وهناك من تحتاج أقدامهن إلى تقصير الجانبين لأسباب جمالية، وهناك من يحتجن أن يكون الجزء الخلفي أعلى من المعتاد لكي لا يتزحلقن. ومن ثم توضح سمبسون أن “كل الأحذية لها نفس المواصفات والمكوّنات، ولكن التفاصيل النهائية هي التي تختلف”. يستغرق تصنيع زوج واحد من أحذية الباليه، ثلاثة أسابيع، ويتطلب الأمر اشتراك خمسة عشر شخصا. وفي العادة تتعامل كل راقصة مع صانع أحذية واحد لا تغيره لسنوات طويلة، وهي رفاهية لا تقدر عليها إلا الراقصات المحترفات بالفرق المهمة فقط. ويستلزم الأمر سنوات لكي تشعر الراقصات بالارتياح والرضا التام مع أحذيتها، ففي بعض الأحيان قد تلجأ راقصات لطرق الحذاء في بعض المناطق لكي يصبح أكثر ليونة أو يستخدمن الغراء لكي يزدن من صلابته. أما هدف سمبسون فيكمن في صناعة زوج الأحذية المثالي لكل راقصة، مؤكدة أن هذا لا يتعلق بالجانب الجمالي فقط، بل يتعداه إلى صحة الراقصة، لأنه في بعض الأحيان قد تصاب أقدامهن بتمزقات في الأربطة وشروخ نتيجة الحمل الزائد، أو للسقوط لأن النعل كان ألين من المعتاد أو لتشوه أصابع القدم لأن الحذاء كان أصلب أو أضيق من المعتاد. تنتصب الراقصات، يقفزن، ويدرن في الهواء وتسكن حركاتهن فجأة حين يقفن على أطراف أصابعهن بمشط قدم مفرود ومشدود تماما وكل هذا في مساحة لا تتجاوز أحيانا ستة سنتيمترات، إنه أمر شاق ومرهق للغاية، ولأنهن يقمن بهذا كثيرا، فإنه يمكن أن يكون أي شيء باستثناء أن يكون مريحا. ولهذا فإن خلف الصورة البراقة لراقصة البالية الرومانسية الحالية، توجد أقدام متورمة أصابعها ملتوية وأظافرها محتقنة من الدم المحبوس بسبب الضغط الزائد أو مكسورة، بخلاف الكالو والكدمات. تلجأ بعد الراقصات لاستخدام فواصل بين الأصابع أو بطانات لتخفيف الضغط، وقد يستخدمن بطانات السيليكون المتوافرة على نطاق تجاري واسع، وأحيانا أقماع من القطن، وقد يصل الأمر لاستخدام ورق التواليت. تقول فيروليير وهي تمارس الباليه منذ كانت في السادسة من عمرها، وهي الآن في الثانية والأربعين “لم أعثر على حذاء الباليه المناسب على مدار 37 عاما”، وتعتبر نفسها الآن جدة في عالم الباليه. زميلتها في الفرقة بريشكا زيسل في الثالثة والعشرين من عمرها، ومع ذلك فقدت الأمل في العثور على الحذاء المثالي وتصفه بأنه “الحذاء الذي يجعل الضغط محتملا على أقل تقدير”.

مشاركة :