هل دقت طبول الحرب؟ .. شرق المتوسط

  • 5/15/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أن التصعيد الخطير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط ، يشكل مصدرا لقلق غالبية المحللين والسياسيين ، مع تصاعد حدة الصراع وفتح جبهتين جديدتين إحداهما "شرق المتوسط " بين كل من مصر وتركيا الثانية في "الخليج العربي " بين كل من مصر الإمارات والسعودية والبحرين في مواجهة التحالف الإيراني القطري التركي من ناحية أخرى. ولم تكن التطورات الأخيرة وليدة اللحظة ، فهي ترتبط بشكل مباشر بتوازنات القوى في المنطقة بعد تشكل تحالفات جديدة بين كل من تركيا وإيران وقطر في مواجهة الرباعي العربي "مصر والسعودية والإمارات والبحرين" ، وارتباط كل ذلك بالمصالح الأمريكية الروسية في المنطقة ولايمكن قراءة التطورات الأخيرة بعيدا عن الأوضاع في كل من ليبيا والسودان وسوريا واليمن ، بعد تراجع نفوذ التحالف الإخواني وتلقيه هزائم متتالية على الأرض في مناطق الصراع ، كما لاينفصل أيضا عن الأزمات الداخلية التي تعاني منها الدول الثلاث على المستويين السياسي والاقتصادي ، فلا يخفى على أحد ما تعانيه قطر من خسائر اقتصادية وعزلة سياسية نتيجة سياسات تميم بن حمد الخبيثة والتآمرية ضد أشقائه العرب، والتى جعلته منبوذًا وفى عزلة عن الدول العربية؛ والتي تجلت مظاهرها في هبوط أسهمه المحلية خلال الأشهر الماضية بما يعادل 7 مليارات دولار شهريا ، فى وقت يعيش فيه الاقتصاد القطرى حالة ركود وانكماش شديدة.من ناحية أخرى يواجه الاقتصاد الإيراني مشكلة أكبر خطورة ، حيث تواجه العملة الإيرانية موجة انهيار جديدة مقابل ارتفاع سعر الدولار، وهو ما انعكس على الأسواق التي ارتفعت فيها أسعار السلع الأساسية بشكل كبير مع حلول شهر رمضان، الأمر الذى دفع طهران للحدیث مجددا عن اللجوء لنظام "الكوبونات"، وذلك لمواجهة الغلاء ونقص المنتجات.أما نظام الخليفة المزعوم رجب طيب إردوغان فيمر هو الأخر بأسوأ فتراته منذ سيطرة حزب العدالة والتنمية على الحكم في تركيا ، في ظل تراجع كافة المؤشرات الاقتصادية وانزلق الاقتصاد في حالة من الركود كما أكدت أحدث تقارير المؤسسات الاقتصادية الدولية وعلى الصعيد السياسي يمر حزب إردوغان بأزمة سياسية بعد الهزيمة التي تلقاها حزبة في بلدية إسطنبول لصالح مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو وهي أكبر وأهم بلدية في تركيا ، ولجوء نظام إردوغان إلى تزوير نتيجة الانتخابات وإرادة الناخبين لإعادة الانتخابات في أكبر فضيحة سياسية لإردوغان وتعد الهزيمة في إسطنبول ضربة قاسية على نحو خاص بالنسبة لإردوغان، الذي بدأ مسيرته السياسية رئيسا لبلدية إسطنبول في التسعينيات وحقق الفوز في أكثر من عشر انتخابات منذ وصول حزبه العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002إذا من الواضح أن نظام إردوغان بانتمائه الإخواني يفكر حاليا في الخروج من أزماته الداخلية وحالة الغضب المسيطرة على الشارع التركي تجاه ، عن طريق اختلاق أزمة خارجية في محاولة لإلهاء الشارع التركي وكسب المزيد من الوقت ، لذلك لجأ لاستفزاز جيرانه بأفعال غير قانونية، معلنا نية تركيا الحفر في منطقة بحرية تطالب بها قبرص وبالقرب من المياه الاقتصادية لمصر لم يكتف الخليفة المزعوم بذلك بل أعلنت حكومته عن خططها إرسال سفينة حفر ثانية لمنطقة شرق البحر المتوسط، للتنقيب عن النفط والغاز ، وهو ما قوبل برد حازم وقاطع من وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي حذر تركيا صراحة من العبث في شرق المتوسط ، لكن الاستفزازت لم تتوقف ففي اليوم التالي أعلنت تركيا انطلاق مناورات بحرية "ذئب البحر2019" في نفس المنطقة محل النزاع بمشاركة 131 سفينة بحرية، و57 طائرة حربية، و33 مروحية.ورغم هشاشة التهديدات التركية التي تعدو كونها نوع من "البروباجندة" أو "الشو" الإعلامي الذي يهدف لإثبات الوجود باختلاق بطولات وهمية يستطيع من ورائها جني أي مكاسب ، وذلك لعلمه التام بخطورة الإقدام على أي خطوة قد يترتب عليها مواجهة عسكرية مباشرة مع مصر ، وإدراكه أن موازين القوة العسكرية ترجح كفة الجانب المصري الذي نجح في أقل من 5 سنوات في إنشاء أقوى ترسانة بحرية في الشرق الأوسط ، إلا أن جميع السيناريوهات تظل مطروحة على طاولة الحكومة وأجهزة الأمن القومي المصرية التي من الواضح أنها استعدت جيدا لمواجهة أي تصعيد محتمل لكن ماذا لو قرر نظام إردوغان المضي قدما في خطواته الاستفزازية في البحر المتوسط تجاه مصر ؟. الإجابة على هذا السؤال بكل تأكيد تحسمها الحسابات العسكرية واللوجستية التي تؤكد بما لايدع مجالا للشك أن أي صراع عسكري بين مصر وتركيا لن يتخذ شكل الحروب التقليدية ، و سيكون أساس "المعركة" بين مصر وتركيا في البحر قائما على توسيع رقعة النفوذ وحماية المياه الإقليمية وسرعة رد الفعل ضد أي أهداف معادية تظهر في نطاق العمليات ، أو معركة فرض سيطرة بحرية كاملة، لحرمان "العدو" من التواجد أو الإبحار . لكن بكل تأكيد فأن أي مقارنة عسكرية بين القوات البحرية المصرية ونظيرتها التركية ستكون لصالح مصر وفقا لتقرير أكبر مراكز التحليلات العسكرية، "Global Firepower" حيث تحتل مصر المرتبة السادسة على العالم من حيث القوة البحرية بـ 319 نقطة ، بينما تحتل تركيا المرتبة الثانية عشر بـ 194 نقطة ، فالبحرية التركية تمتلك فرقاطات كبيرة الحجم مثل فرقاطة "BARBAROS"، من طراز "OLIVER HAZARD PERRY" المحدثة، وغواصات من طراز "TYPE-209"وتتمتع الفرقاطات التركية بقدرات كبيرة في مجال الدفاع الجوي، نظرا لما تمتلكه من رادارات وصواريخ سطح/جو متطورة، بالإضافة لقدرات خاصة على مكافحة الغواصات وإمكانية حمل مروحيات "SEA HAWK" المخصصة لكشف واصطياد الغواصات، وكل هذا تحت حماية وتغطية من مقاتلات سلاح الجو التركي "F-16 BLOCK-52، وF-4 TERMINATOR المحدثة بمعدات أمريكية وإسرائيلية.أما البحرية المصرية، فتتفوق على نظيرتها التركية في كم التسليح وقوته، حيت تمتلك حاملتي مروحيات من طراز "ميسترال"، وغواصات ألمانية حديثة من طراز "تايب"، وفرقاطات "فريم" و"أوليفر هازرد"، وزوارق صواريخ مثل "مولنيا" الروسي الذي يحتوي على صواريخ "موسكيت" الأسرع من الصوت، وزوارق "أمباسادور"بالإضافة إلى ذلك، اكتملت أعمال بناء وتجهيز الكورفيت الشبحي المصري الثالث "المعز" رقم 981 وسمي "Gowind-2500"، وتبلغ إزاحته 2600 طن وطوله 102 متر وعرضه 16 مترا وسرعته القصوى 47 كم/ساعة ومداه الأقصى 6850 كم.ولا تتوقف قدرة البحرية المصرية على الفرقاطات وزوارق الصواريخ، ولكن القوات المصرية تمتلك قدرات دعم جوية كبيرة تتمثل في المقاتلات والمروحيات الهجومية، مثل مقاتلات "الرافال" الفرنسية، و"ميغ-29" الروسية، و"إف-16" الأمريكية، بالإضافة إلى مروحيات "كا-52" الروسية الهجومية، وغيرها من وسائل الحرب الإلكترونيةتلك الحسابات العسكرية التي تصدر عن مؤسسات عالمية كبرى في مجال التسليح ، تؤكد على قدرة وجاهزية القوات المسلحة المصرية وترسانتها البحرية على التصدي لأي تهديد محتمل لحدود مصر البحرية ، هي نفسها التي تناولت بدهشة قدرة الجيش المصري على تطوير منظومته الدفاعية بهذا الشكل في أقل من 5 سنوات وبعد ثورتين شعبيتين كان لهما عظيم الأثر على الاقتصاد المصري ولكي نكون منصفين ، وممن يردون الحق لأصحابه ، يجب أن نعترف أن المؤسسة العسكرية المصرية استعدت مبكرا لكل تلك السيناريوهات ، بنجاحها في إبرام العديد من الصفقات العسكرية الناجحة و تطوير منظومة التسليح داخل الجيش المصري وتنويع مصادرها .

مشاركة :