أكد خبراء أمن واقتصاد وسياسيون مصريون لـ«الاتحاد»، أن استهداف محطتي «أرامكو» بالرياض، عمل تخريبي وإرهابي وتهديد أمني لا يستهدف المملكة العربية السعودية فقط، وإنما يستهدف إمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي. وهو ما يستدعي تكاتف المجتمع الدولي، وإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بحماية مثل هذه المنشآت الحيوية الخاصة بعنصر الطاقة، لأن حماية المنشآت النفطية في دول المنطقة أمن اقتصادي وقومي عربي وعالمي. وأشار الخبراء إلى أن السعودية أكبر منتج للطاقة على مستوى العالم، وتشترك مع دول الخليج العربي، وغيرها من الدول في توفير نسبة كبيرة من الطاقة التي يحتاجها العالم كله، وبالتالي فإن مثل هذه الحوادث التخريبية والإرهابية تستهدف العبث بسوق الطاقة العالمي، وهذا من الخطورة التي تترجمها العملية التي وقعت على هذه المنشآت الحيوية، مؤكدين أن ميليشيات الحوثي الإيرانية هي أحد المتهمين الرئيسين في مثل هذه الحوادث التخريبية. إثارة الفوضى وقال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب المصري، لـ«الاتحاد»، إن التحقيقات ستكشف خلال الساعات المقبلة هوية من قام بالعملية الإرهابية التي استهدفت خطوط إمداد النفط لشركة أرامكو السعودية والتي تحاول إثارة أكبر قدر ممكن من التهديد الأمني وإثارة الفوضى في منطقة الخليج العربي، مشيراً إلى أننا أمام تهديد جديد يتعلق بخطوط ضخ البترول ونقله عبر هذه الأعمال الإرهابية، التي تستخدم تقنيات متطورة وجديدة، تدخل أول مرة في استهداف خطوط نقل النفط إلى أماكن التصدير، واصفاً هذه الحادثة بأنها شديدة الخطورة. وأوضح عكاشة أن هذا العمل التخريبي والإرهابي لا يستهدف السعودية فقط، وإنما يستهدف أمان إمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي، مؤكداً أن منطقة الخليج تُعامل باعتبارها كتلة واحدة، وأن تهديد حركة الملاحة في الخليج العربي، وكذلك تهديد ضخ الطاقة ليس أمراً قاصراً على المملكة العربية السعودية فقط، وإنما يهدد أمن المنطقة بأكملها. وقال عكاشة: إن ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران هي أحد المتهمين الرئيسين في مثل هذه الحوادث التخريبية، حتى يثبت عكس ذلك نظراً لأعمالهم الإجرامية في المنطقة وبالتحديد في السعودية، باستخدام هذه التقنيات واستهداف المصالح والمنشآت الحيوية للسعودية على وجه التحديد. وأكد عكاشة وجود ضرورة في اللحظة الراهنة للتصدي لكافة الجهات الإرهابية التي تنفذ مثل هذه الأعمال التخريبية، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية والعسكرية في دول المنطقة تقوم بهذا الدور بصورة كبيرة، مطالباً هذه الجهات الأمنية برفع درجة الاستعداد للدرجة القصوى، مؤكداً وجود حالة استنفار كبيرة في المنطقة خاصة بعد استخدام الوسائل التقنية الحديثة لإثارة الفوضى في المنطقة. وشدد على أن جميع الأجهزة الأمنية مطالبة بمواجهة المليشيات والمنظمات الإرهابية والاستعداد الجيد لها واستخدام تقنيات أعلى وأحدث تكون قادرة على إجهاض أي عمليات تخريبية مستقبلاً، وكذلك تأمين المناطق الاستراتيجية والمشروعات الكبرى؛ لأنها من أكثر المناطق تهديداً في الفترة القادمة، وهي محل استهداف من قبل الجماعات الإرهابية. بصمات إيرانية من جانبه، أكد الدكتور طه علي، الباحث السياسي في الشأن الخليجي، لـ«الاتحاد» أن مثل هذه العمليات التخريبية تختلف عن أسلوب التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» وغيرها، ولكن هذه العمليات الكبيرة ممولة وممنهجة، وتتم دراستها بناء على تقارير استخباراتية ترتقي إلى مستوى الدول والإمكانيات الكبيرة مثل استخدام الطائرات المسيرة، وبالتالي فكل هذه الأعمال التخريبية تشير فيها أصابع الاتهام إلى الطرف الإيراني في محاولة منها لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بقدرتها على زعزعة أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية التي تهم مصالح العالم وهي منطقة الشرق الأوسط. وأشار إلى أن ميليشيات الحوثي في اليمن والتي هددت مسبقاً بتنفيذ هجمات على منشآت حيوية في السعودية، هي أحد الأذرع الإيرانية في اليمن مثلها مثل «حزب» الله في لبنان، ومجموعة التنظيمات الخفية التي تعمل بشكل فردي في المنطقة، مشيراً إلى أن توقيت العمليات التخريبية في المنطقة يُفسر مغزاها، حيث جاءت هذه الحوادث بعد أيام من إعلان القيادة الإيرانية أن القرار الأميركي والضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على إيران تأتي في إطار الحرب النفسية على الإيرانيين. ومن جانبه، حذر الدكتور إسلام شاهين، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة ورئيس القسم الاقتصادي بمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، من ارتفاع أسعار النفط عالمياً بعد استهداف أنابيب النفط الخاصة بشركة «أرامكو» بالمملكة العربية السعودية بأعمال إرهابية وتخريبية، مؤكداً أن مثل هذه الأعمال التخريبية ضد المنشآت الحيوية تؤثر بالسلب على الاقتصاد العالمي. وقال شاهين لـ«الاتحاد»: إنه غير مستبعد أن يكون لبعض الجماعات الإرهابية يد في هذه التفجيرات، لإشاعة القلق والاضطرابات في هذه المنطقة، مؤكداً أن الخاسر الأول في هذه المعركة هي إيران، على وجه الخصوص، لأن مثل هذه الأزمات والحوادث سوف تجعل المنطقة في حالة صراع مستمر، وبالتالي سيؤثر ذلك على أسعار البترول بالارتفاع. وأكد شاهين أهمية الحماية الأمنية للمنشآت الاقتصادية، وعلى رأسها قطاع الطاقة والبترول، والذي يُعد من أهم السلع على مستوى العالم، موضحاً تأثر هذه السلع بدرجة كبيرة وتضاعف أسعارها في المرحلة المقبلة في حالة وجود تهديد مباشر لها، مطالباً بأهمية وجود حماية خليجية لهذه المنشآت الحيوية في المقام الأول، وحماية دولية لهذه المنشآت الحيوية التي تتعلق بمصالح دول العالم أجمع.
مشاركة :