شاء القدر أن تكون آخر مباراة للحارس التشيكي المخضرم بيتر تشيك مع نادي آرسنال أمام فريقه السابق تشيلسي في نهائي الدوري الأوروبي. يقول تشيك عن ذلك: «إنني أشعر أنني أحلم، لأنه من الرائع أن تكون آخر مباراة لك في نهائي بطولة أوروبية وأمام تشيلسي الذي أعشقه. ربما يكون هذا كثيرا جدا، لكن هذه هي الطريقة التي سارت بها الأمور». وكان آرسنال قد تأهل للمباراة النهائية للدوري الأوروبي بعد الفوز على فالنسيا الإسباني في مجموع مباراتي الذهاب والعودة بنتيجة سبعة أهداف مقابل ثلاثة، وسيكون من الرائع بالنسبة لتشيك لو قاد «المدفعجية» للفوز باللقب الأوروبي على حساب ناديه السابق تشيلسي. وانتقل تشيك لآرسنال في عام 2015 بهدف مساعدة النادي على تحقيق نجاح على المستوى الأوروبي، وأن يحاكي ولو بصورة جزئية ما حققه على مدى 11 عاما مع تشيلسي. وكان من المقرر أن تنتهي مسيرة تشيك مع آرسنال بنهاية الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز أمام بيرنلي، لكن وصول الفريق للمباراة النهائية للدوري الأوروبي يعني امتداد مسيرة الحارس التشيكي المخضرم، المستمرة منذ عقدين من الزمان، إلى أسبوعين أخرين لمواجهة «البلوز» في مواجهة إنجليزية خالصة بهذا النهائي الأوروبي. ويعد تشيك أحد أبرز حراس المرمى في العصر الحديث، ولم يقترب أي حارس مرمى آخر من الإنجاز المسجل باسمه عندما حافظ على نظافة شباكه في 202 مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز، بفارق 33 مباراة عن أقرب منافسيه في هذا الأمر. وانتقل تشيك من رين الفرنسي إلى تشيلسي الإنجليزي عام 2004 ليدافع عن ألوان الفريق اللندني في 494 مباراة. وعندما كان في قمة عطائه الكروي، كان تشيك يتميز بالهدوء والشجاعة، وكان أحد العناصر الأساسية، إلى جانب عدد من اللاعبين الكبار مثل جون تيري وفرانك لامبارد وديديه دروغبا، الذين قادوا النادي للحصول على الكثير من البطولات والألقاب على مدى أكثر من عقد من الزمان. وفي مرحلة ما، وربما خلال الصيف الجاري، عندما يعتزل تشيك فسيكون لديه بعض الوقت لينظر إلى الخلف ويرى ما حققه خلال مسيرته الحافلة. وبسبب رغبته الهائلة في تطوير مستواه بشكل مستمر وتحقيق نجاح كبير مع آرسنال، لم يكن الحارس البالغ من العمر 36 عاما لديه الوقت لكي ينظر إلى الإنجازات التي حققها في السابق، والتي ربما كان أهمها قيادته نادي تشيلسي للحصول على دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه عام 2012 على حساب نادي بايرن ميونيخ الألماني. وتألق تشيك بشدة في هذه المباراة وتصدى لركلة جزاء في الوقت الإضافي من النجم الهولندي أرين روبن، كما تصدى لثلاث ركلات ترجيح من كل من أرين روبن وإيفيكا أوليتش وباستيان شفانيشتايغر. يقول تشيك عن ذلك: «لقد شاهدت بعضا من ركلات الجزاء فقط عندما كان نجلي يشاهدها، وعندما عدنا للفندق وكانت القنوات التلفزيونية تنقل الأخبار المتعلقة ببطولة دوري أبطال أوروبا، شاهدت جزءا منها أيضا. لقد عرضت هذه القنوات الركلتين الأخيرتين من ركلات الترجيح، لكنني لم أشاهد المباراة كاملة، ولم أشاهد المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام مانشستر يونايتد عام 2008 أيضا. عندما ينظر الناس إلى الخلف فإنهم يفقدون التركيز فيما يحدث في الوقت الحالي، ومثل هذه اللحظات يشاهدها المرء عندما يعتزل». وخلال الاستعدادات للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا عام 2012، شاهد تشيك ومدرب حراس المرمى، كريستوف لوليتشون، مقطع فيديو مدته 160 دقيقة يتناول بالتفصيل كيف سدد لاعبو بايرن ميونيخ ركلات الجزاء على مدار الخمسة أعوام السابقة، حتى يتعرف الحارس التشيكي على طريقة تنفيذهم لركلات الترجيح. يقول تشيك عن ذلك: «ومع ذلك، لا يزال الأمر يتعلق باللاعب الذي يتخذ القرار تحت ضغط كبير داخل الملعب. لقد نفذ شفانيتشتايغر ركلة الجزاء بطريقة مختلفة تماما عما قام به في جميع مقاطع الفيديو التي شاهدتها له من قبل، لكن اللحظة التي قلل فيها من سرعته قبل تنفيذ ركلة الجزاء جعلتني أتوقع الطريقة التي سيسدد بها، لأنني أعرف أنه عادة عندما يتوقف قبل التسديد فإنه يسدد الكرة على الجهة اليمنى. لقد كان هذا على الأقل مؤشرا على ما سيقوم به». ويضيف: «وقد شاهدنا مقطع فيديو أيضا لمانويل نوير وكيف يتصدى لركلات الجزاء، وتوصلنا إلى أنه عادة ما يذهب للجهة اليسرى عندما يكون من يسدد الكرة من أصحاب القدم اليسرى. وقبل أسبوعين من المباراة النهائية، تحدثنا مع خوان ماتا حول هذا الأمر، وقام على مدار الأيام التالية بالتدريب على التسديد في الجهة الأخرى. وبعد كل هذا، وخلال ركلات الترجيح سدد ماتا الكرة على يسار نوير، الذي تمكن من التصدي لها! وعندما قلنا لماتا كيف يفعل ذلك وهو يعرف بالفعل أن نوير سوف يذهب إلى هذه الزاوية، رد قائلا: هل تعتقدون حقا أنني كنت أريد التسديد في هذه الزاوية؟ وبينما كان ماتا يتحرك من منتصف الملعب باتجاه المرمى لكي يضع الكرة على نقطة الجزاء، فإنه رأى نوير يتحرك بطريقة معينة وبالتالي غير رأيه وقرر التسديد ناحية اليسار. في النهاية، لا يتمكن من إحراز ركلة الجزاء إلا اللاعب الذي يتغلب على هذه الضغوط النفسية الرهيبة في مثل هذه الأوقات». وقد أظهر تشيك قوة من نوع آخر في الملاعب الإنجليزية، فعندما أصيب في عام 2006 بعد التدخل عليه من قبل لاعب ريدينغ ستيفين هانت، أصيب الحارس التشيكي إصابة كان من الممكن أن تهدد حياته، لكنه عاد للملاعب مرة أخرى بعد ثلاثة أشهر وهو يرتدي القناع الشهير. يقول تشيك عن ذلك: «لم أكن أشعر بأنني طبيعي فيما يتعلق بجلدي وشعري وأنا أرتدي هذا القناع، وكان هذا هو التغيير الوحيد الذي طرأ على أدائي بعد ارتدائي لهذا القناع». وأضاف: «لقد دخلت في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام، ولا أتذكر أي شيء عن التدخل الذي أدى إلى إصابتي، وربما ساعدني هذا الأمر، لأنه عندما تتعرض لحادث سيارة وتتذكر تفاصيل ما حدث فإنك في كل مرة تقود فيها السيارة وترى شيئا يقترب منك فسينتابك الشعور الذي شعرت بها وقت الحادث، لكنني لا أعاني من ذلك لأنني لا أتذكر شيئا. القفز على قدم اللاعب المنافس هو مجرد شيء قمت به كثيرا من قبل ولا أشعر بالقلق مطلقا من القيام به مرة أخرى». وتابع: «لقد طالبني الجميع بعدم اللعب مرة أخرى في ذلك الموسم، لكن بمجرد أن ارتديت القناع وبدأت التدريب شعرت بأنني على ما يرام. وكان الخطر الوحيد يكمن في الإجهاد اللاحق للصدمة، لكنني شعرت بالسعادة عندما نزلت إلى أرض الملعب. كنت أعاني بعض الشيء، لكن اللعب ساعدني كثيرا في حقيقة الأمر». وانتهت مسيرة تشيك مع تشيلسي في عام 2015، عندما ثبت تيبو كورتوا مكانه في التشكيلة الأساسية للبلوز على حسابه، في الوقت الذي طلب فيه الحارس التشيكي الدولي، الذي خاض مع منتخب بلاده 124 مباراة دولية في رقم قياسي، الرحيل عن الفريق في لقاء مع مالك النادي رومان أبراموفيتش. يقول تشيك عن ذلك: «لم يكن أبراموفيتش سعيدا، ولم يكن يريد أن يراني وأنا أرتدى قميص آرسنال، لكنه كان يعرف أنني قمت بكل شيء من أجل هذا النادي. لقد شرحت له الأسباب التي تدعوني للرحيل، لكنه أغلق عينيه وقال: حسنا، يمكنك أن ترحل. لقد كنت متوترا لأنه لم يكن لدى خطة بديلة». وأضاف: «في الموسم الأول لي مع آرسنال كنا قريبين من الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، لكننا ارتكبنا بعض الأخطاء القليلة في نهاية الموسم، وفاز ليستر سيتي باللقب. لكن الشيء الذي جعلني أشعر بالإحباط هو أنني جئت إلى آرسنال لأن الفريق كان يريد أن يذهب بعيدا في بطولة دوري أبطال أوروبا، لكن ذلك لم يحدث إلا في مرات نادرة. إنه ناد رائع ولديه مسؤولون رائعون، ولديه تاريخ عريق، لكنني جئت إليه من أجل الحصول على لقب أوروبي، لكن من الصعب للغاية القيام بذلك إذا لم تلعب. وهذا هو السبب الذي يجعلني أتمنى أن يحصل الفريق على لقب الدوري الأوروبي هذا الموسم. وربما يتحقق الحلم الذي جئت من أجله إلى هذا النادي». وعند مرحلة ما، سوف يعود تشيك إلى «ستامفورد بريدج» مرة أخرى، سواء كمدير فني أو ضمن الطاقم الفني للفريق. وقد حصل تشيك على الرخصة الأولى في التدريب من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وأشار إلى أنه «يدع كل الأبواب مفتوحة» أمام ما سيقوم به المستقبل. وأضاف: «إنها خطوة هامة للغاية فيما يتعلق بما سأقوم به بعد ذلك. لكنني أتمنى أولا أن نحصل على لقب الدوري الأوروبي».
مشاركة :