خطاب الملك.. مضامين عميقة ومحددات لأداء الوزارات

  • 3/21/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

القراءة الفاحصة لمضامين خطاب الملك سلمان بن عبدالعزيز تبرز بوضوح تام الرغبة الأكيدة في تحقيق إنجازات نوعية على كل المستويات، ولهذا لا بد من اعتبار هذا الخطاب بمثابة (معايير) ومحددات تقاس بها إنجازات الوزارات والمؤسسات.. تعيد به الوزارات والمؤسسات النظر في أهدافها وآليات عملها وبرامجها الزمنية لتتوافق مع مضامين الخطاب بشموليته وعمقه لتكون في مستوى الشمولية والعمق.. لأنه يبدو من الواضح أنه سيتم تتبع عمل كل القطاعات وبشكل حازم وحاسم للنظر في أهدافها وآليات عملها، ومن ثم إنجازاتها وفقا للمحددات التي وضعها الخطاب الملكي بوضوح، فالخطاب رسالة قوية وواضحة حددت بالضبط سياسة العهد الجديد وتأكيده على تحقيق أهداف تتماشى مع مكانة المملكة العربية السعودية وإمكانياتها وتطلعاتها وطموحاتها لتكون ضمن الدول المتقدمة في كل المجالات، كما هو واضح في مضامين الخطاب العميقة والمهمة، وسأتحدث عن أهم عشرة مضامين تضمنها الخطاب الملكي: أولا: بدأ الخطاب بتوجيه رسالة لم يستثن فيها أي قطاع من القطاعات فهو يقول منذ البداية: "أتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن" وهذه العبارة لها مدلولات عميقة فكلما كثر عدد المشاركين في التنمية، زاد الوطن علوا ورفعة.. تماما مثل استخدام المجاديف في السفينة.. كلما زاد عدد المجدفين، ازدادت سرعة السفينة.. كما تتضمن كلمة "الجميع" أنه لا مكان للخاملين والمتهاونين وقليلي الإنتاج والإنجاز في هذا العهد، الكل مسؤول، والكل منوط به تحقيق الأهداف والسياسات والخطط والبرامج المرسومة والواضحة، ثم انتقل الخطاب بعد إشارته الواضحة إلى أنه موجه للجميع، وأن كل مسؤول ستتم محاسبته على إنجازاته.. انتقل الخطاب ليبين بكل وضوح تفاصيل السياسة والخطط والبرامج التي يريدها الملك أن تتحقق والتي تليق ببلادنا والتي تأتي ثانيا.. فبلادنا قامت على أسس راسخة وثوابت متينة قوامها الدين الإسلامي والعقيدة الصافية المتينة وتطبيق الشريعة والحفاظ عليها وذلك منذ أن تأسست بلادنا إلى اليوم، ويجيء هذا تأكيدا من الملك سلمان على أن الوطن يسير بنفس النهج الذي قام عليه منذ تأسيس البلاد.. ثم تنطلق الكلمة ثالثا في بيان أولوية هذا العهد بأنه الاهتمام بالمواطن بحكم أن الرصيد النفيس والثروة الحقيقية لهذه البلاد والذي لا يعادله رصيد ولا تساويه ثروة، ويقول الملك سلمان: "إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي، فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى"، لكن بالمقابل يوضح الملك بجلاء مسؤولية المواطن حيث يقول: "أتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن". ثم يؤكد الخطاب الملكي رابعا على التخلص من ما بدأنا نلحظه من اختلاف بين أفراد الوطن والذي يؤدي للفرقة لا يحقق التقدم بالمستوى المأمول ليؤكد الحرص على "التصدي لأسباب الاختلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية". ويؤكد أيضا على أن "أبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات"، ثم يبدأ الخطاب الملكي بالتوجه للوزارات ليضع معايير ومحددات تتناسب مع طموحات قائد المسيرة ووجه خامسا رسالة للإعلام.. لأننا نعيش عصر الإعلام المؤثر في كل مناحي الحياة، الإعلام المسؤول بالدرجة الأولى عن كل تقدم وكذلك عن كل تخلف، ولا أظن التأكيد على الإعلام مصادفة بل جاء بوعي كامل بالأهمية التي يشكلها الإعلام في العصر الرقمي الذي نعيشه: "إن للإعلام دورا كبيرا وفق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في دعم هذه الجهود وإتاحة فرصة التعبير عن الرأي، وإيصال الحقائق وعدم إثارة ما يدعو إلى الفرقة أو التنافر بين مكونات المجتمع، فالواجب على الإعلام أن يكون وسيلة للتآلف والبناء وسببا في تقوية أواصر الوحدة واللحمة الوطنية". محددات دقيقة وسياسة واضحة رسمها الخطاب الملكي للإعلام.. وإن لم يقم الإعلام بتنفيذ هذه السياسة فلن يكون إعلاما ناجحا، هنا لا مجال للاجتهاد في ضوء هذه السياسة الواضحة المعالم للإعلام.. ثم انتقل الخطاب الملكي سادسا للتأكيد على أهمية مجاراة العصر بما لا يضطرنا بالتخلي عن ثوابتنا، وأن تأسيس مجلسي الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يجيء في هذا السياق، حيث ذكر الخطاب أنه تم التأكيد على هذين المجلسين" بمضاعفة الجهود للتيسير على المواطنين والعمل على توفير سبل الحياة الكريمة لهم، وهو أقل الواجب المنتظر منهما، ولن نقبل أي تهاون في ذلك. "ثم توجه الخطاب سابعا للوزراء "بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين". وناقش ثامنا أسعار البترول والسياسة الاقتصادية التي سوف تعمل "على بناء اقتصاد قوي قائم على أسس متينة تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو من خلاله المدخرات وإيجاد فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وتشجيع المؤسسات المتوسطة والصغيرة على النمو، ودعمها لتكوين قاعدة اقتصادية متينة لشريحة كبيرة من المجتمع". وتطرق الخطاب إلى الصحة التي يعاني منها الناس حيث قال: "سنعمل على تطوير أداء الخدمات الحكومية، ومن ذلك الارتقاء بالخدمات الصحية لكل المواطنين في جميع أنحاء المملكة بحيث تكون المراكز الصحية والمستشفيات المرجعية والمتخصصة في متناول الجميع". وقال في الإسكان: "عازمون بحول الله وقوته على وضع الحلول العملية العاجلة التي تكفل توفير السكن الملائم للمواطن". وقال في التعليم: "وجهنا بتطوير التعليم من خلال التكامل بين التعليم بشقيه العام والعالي، وتعزيز البنية الأساسية السليمة له بما يكفل أن تكون مخرجاته متوافقة مع خطط التنمية وسوق العمل". ورسالته تاسعا لرجال الأعمال: "أنتم شركاء في التنمية، والدولة تعمل على دعم فرص القطاع الخاص ليسهم في تطوير الاقتصاد الوطني، فأنتم جزء من نسيج هذا الوطن الذي قدم لكم الكثير من التسهيلات والامتيازات، وينتظر منكم كذلك الكثير، فعليكم واجب الإسهام بمبادرات واضحة في مجالات التوظيف والخدمات الاجتماعية والاقتصادية". وتوجه عاشرا للعسكريين بالقول: "أنتم محل القلب من الجسد، وأنتم حماة الوطن ودرعه، وكل فرد منكم قريب مني ومحل رعايتي واهتمامي، والوطن يقدر جهدكم وعملكم، بارك الله فيكم جميعا". وخلاصة القول وللأمانة فإن مساحة هذا المقال لا تفي بإعطاء هذا الخطاب حقه لعمقه وشموليته.. وفق الله قائد مسيرتنا لكل ما فيه خير ديننا وأمتنا ووطنا وأبنائه.

مشاركة :