نصف سكان الكرة الأرضية حرموا من مشاهدة الكسوف بسبب الغيوم

  • 3/21/2015
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

كان أرخبيل سفالبارد قبالة سواحل النرويج واحدا من أفضل الأماكن في أوروبا بالنسبة لعلماء الفلك وغيرهم من المهتمين بالظواهر الطبيعية لمشاهدة أول كسوف كلي للشمس في عام 2015، بينما شهدت مناطق أخرى في أوروبا كسوفا جزئيا. ومن الأماكن الأخرى التي كانت تتيح مراقبة جيدة لهذه الظاهرة الفلكية جزر فارو بشمال المحيط الأطلسي حيث احتشد قرابة 8 آلاف سائح لمشاهدة الكسوف. ويحدث كسوف الشمس عندما يتحرك القمر على استقامة واحدة بين الشمس والأرض مما يؤدي إلى اختفائها. كما عرضت هيئة الأخبار الدنماركية (دي آر) لقطات مباشرة للقمر وهو يتحرك ببطء ويغطي قرص الشمس. وبدأ مشهد الكسوف في العاصمة النرويجية أوسلو في نحو الساعة التاسعة و46 دقيقة (08.46 بتوقيت غرينتش) ووصل إلى ذروته في الساعة 10.53 صباحا (09.53 بتوقيت غرينتش). كما حدث كسوف جزئي للشمس في أفريقيا الشمالية وآسيا الجمعة. والجدير بالذكر أن آخر كسوف كلي للشمس في أستراليا وقع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وكان مشهد الظاهرة واضحا تماما في شمال السويد والنرويج ولكنه كان جزئيا. وللمفارقة أن قطر الشمس أكبر 400 مرة من قطر القمر إلا أنها 400 مرة أبعد منه. ويمكن تاليا للقمر أن يحجب الشمس كليا عن الناس الذين يقفون في الظل الذي تعكسه على سطح الأرض. وحالت السحب الكثيفة التي غطت سماء بريطانيا الجمعة دون مشاهدة الكسوف حيث بدا اليوم كما لو كان مجرد يوم آخر غائم. وجاء في تغريدة لدوق يورك الأمير أندرو: «لا أرى الكثير من كسوف الشمس من قصر باكنغهام!». ومنعت بعض المدارس ومراكز الرعاية الصباحية في السويد الأطفال من الخروج في الهواء الطلق خوفا من أن ينظر بعض الأطفال الفضوليين إلى الشمس دون حماية ملائمة. وكان من المرتقب معاينة هذا الكسوف في أوروبا وشمال غربي أفريقيا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط، لكن الغيوم، وليس القمر، هي من حجبت الشمس عن الأنظار في أغلبية الحالات. وأثارت هذه الظاهرة الفلكية الحماس على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تم تداول الصور مع بعض التعليقات الساخرة أحيانا. وكتب أحد مستخدمي «تويتر» في فرنسا «كسوف بين غيمتين، ثم كسوف آخر». وأضاف مستخدم ثان من بريطانيا «لحسن الحظ أن الأمر قد انتهى، فالمرة المقبلة التي سيحدث فيها كسوف من هذا القبيل في بريطانيا، سنكون قد فارقنا هذا العالم جميعنا». وفي لندن، حيث كان من الممكن مشاهدة الكسوف بنسبة 84 في المائة، تجمع نحو 500 شخص في متنزه «ريجنتس بارك». وتجهز البعض منهم بتلسكوبات متطورة، في حين حمل البعض الآخر أدوات بسيطة يدوية الصنع. وكان أحد رجال الشرطة يعير نظارته الواقية. لكن الأحوال الجوية السيئة عكرت الفرحة في العاصمة البريطانية وفي فرنسا أيضا حيث لم تتسن رؤية الكسوف إلا في شمال شرقي البلاد. وكان البعض أوفر حظا، فقد ركبوا طائرات حلقت فوق الطبقات السحابية للسماح لركابها بالتفرج على «الشمس السوداء». وركب 50 دنماركيا في طائرة «بوينغ 737» أقلعت خصيصا في هذه المناسبة، في مقابل مئات الدولارات للتذكرة الواحدة. ويصادف هذا الكسوف الظاهرة المعروفة بالاعتدال الربيعي عندما تنتقل الشمس من النصف الجنوبي إلى النصف الشمالي للأرض من جهة، وأيضا مع الظاهرة المعروفة بـ«القمر العملاق» عندما يكون القمر على أقرب مسافة له من الأرض، من جهة أخرى. وسيكون القمر في الواجهة السبت مع حركات مد كبيرة جدا ستطال خصوصا خليج فوندي في كندا وسواحل الأطلسي والمانش وبحر الشمال. والمد ناجم عن قوة جاذبية القمر والشمس على المحيطات. ومن المتوقع أن يحصل الكسوف الكامل التالي للشمس في 12 أغسطس (آب) 2026 في أوروبا. وفي الشرق الأوسط تجمع سياح ومواطنون مصريون عند الهرم الأكبر في الجيزة لمشاهدة كسوف جزئي للشمس من مكان كان المصريون القدماء ذات يوم يعبدون فيه الشمس. وقال علاء إبراهيم الأستاذ المشارك للفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء إن للكسوف دلالة خاصة في مصر حيث كان قدماء المصريين يعبدون الشمس. وأضاف: «كانت الشمس إلها في الحضارة المصرية القديمة وفي أماكن عديدة في مصر يمكننا رؤية تعامد الشمس على المعابد.. وهو ما يوجد رابطا مهما للغاية بين الشمس والحضارة المصرية. أردنا أن نستعيد هذا التراث بأن نتيح الفرصة للجماهير وللسائحين الذين يزورون مصر لاستعادة هذه الروح بفهم كيف يحدث الكسوف وبمشاهدته في مكان رائع مثل هذا المكان». وفي المغرب شهدت العاصمة الرباط كسوفا جزئيا بدأ في حدود الساعة الثامنة صباحا وانتهى عند الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش. ويعد هذا الكسوف الأكثر وضوحا من البلدان العربية، لذا حذرت مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة المواطنين بعدم النظر إلى الشمس بالعين المجردة ولكن يجب استعمال العدسات الخاصة التي تسمح بمرور أشعة بسيطة من الشمس دون دخول الأشعة غير المرئية والتي تمكن من رؤية كسوف الشمس دون تأثيرها على عين الإنسان، على اعتبار أن أي تسرب لهذه الأشعة إلى شبكة العين يمكن أن يسبب تلفا فيها. وكانت وزارة التربية الوطنية المغربية عممت مذكرة على جميع الأكاديميات والمؤسسات التعليمية تحثهم على عدم السماح للتلاميذ برؤية الشمس في فترة الكسوف دون استعمال أقراص خاصة، مما دفع بعدد من المدارس إلى منع الأطفال من الخروج إلى الساحة في الفترة الصباحية إلى حين انتهاء عملية الكسوف، فيما تمكنت مؤسسات أخرى من توفير المعدات اللازمة لتتبع الظاهرة بسلام. وفي واحدة من أشهر التجارب قدم كسوف للشمس عام 1919 شواهد تعضد نظرية النسبية لأينشتاين إذ أدت كتلة الشمس الهائلة إلى انحناء الضوء المنبعث من نجوم في الفضاء السحيق. ويتناقض العدد المحدود الذي راقب الظاهرة اليوم مع عشرات الملايين من الناس ممن شاهدوا أحدث كسوف في أوروبا عام 1999. وفي مدينة هامبورغ الألمانية تابع ملك هولندا فيليم ألكسندر وزوجته الملكة ماكسيما بداية كسوف الشمس على ضفاف نهر الإلبه في ألمانيا. وتفقد الزوجان الملكيان خلال زيارتهما الرسمية في مدينة هامبورغ الألمانية اليوم الجمعة محطة عائمة لتوليد الكهرباء بالغاز وذلك خلال بدء ظاهرة الكسوف. وكانت السماء ملبدة بالغيوم والسحب قبل بدء الكسوف، وكانت الشمس تظهر أحيانا وتختفي مجددا. وفي طريق عودتهما من محطة الكهرباء إلى السيارة التي كانت في انتظارهما ألقى الملك فيليم وزوجته ماكسيما نظرة على كسوف الشمس وهما يرتديان النظارات الواقية. وعلى صعيد آخر أعلنت شبكات القوى الكهربية في قارة أوروبا نجاحها الجمعة في التعامل مع حالة التشوش التي لم يسبقها مثيل التي طرأت على إمدادات الكهرباء المستمدة من الطاقة الشمسية لمدة ساعتين ونصف الساعة بسبب كسوف الشمس الذي تسبب في تذبذب الطاقة الكهربية صعودا وهبوطا في بداية الحدث وانتهائه. وتفخر ألمانيا بأنها أكبر بلد يستعين بالطاقة الشمسية في القارة الأوروبية وهي أيضا أكبر اقتصاد في القارة. واستمدت البلاد في العام الماضي 6 في المائة من إجمالي القدرة الكهربية للشبكات من الطاقة الشمسية. والانخفاض المبدئي الذي بلغ 13 غيغاواط في ألمانيا أقل مما توقعته شركات الطاقة التي بادرت إلى الاستعانة بمصادر بديلة ضخت طاقة إلى شبكات الكهرباء منها الفحم والغاز والغاز الحيوي ومحطات الكهرباء التي تعمل بالطاقة المائية. وقالت شركة تينيت وهي واحدة من 4 شركات بالشبكة ذات الجهد العالي في بيان على موقعها الإلكتروني: «ترددات الشبكة مستقرة وتمت الاستعانة بالأحمال الاحتياطية». وزادت هذه القدرة بصورة حادة إلى 38.2 غيغاواط منذ أحدث كسوف رئيسي تشهده المنطقة في عام 2003 لذا فإن على ألمانيا - المتاخمة في حدودها لتسع دول - أن تبرهن على أن سوق الطاقة ومراكز التعامل مع شبكات القوى بالبلاد بإمكانها العمل في ظل الأحوال الاستثنائية. والليلة الماضية زادت التوقعات الخاصة بإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية اليوم إلى 22 غيغاواط - وهو ما يعادل 20 محطة للطاقة النووية - مما يشير إلى احتمالات أكبر لانقطاع الكهرباء المستمدة من الطاقة الشمسية. وراقب الناس في ألمانيا هذه الظاهرة من خلال كاميرات محلية الصنع أو باستخدام التطبيقات الخاصة بالصور على الهواتف الجوالة. أما محطات الطاقة الكهربية في أرجاء أوروبا - والتي ستكون أقل تأثرا خارج ألمانيا - فقد اتخذت استعدادات منذ عدة أشهر؛ إذ أعدت تجهيزات للاتصالات ومعدات للتدريب وتخطط لزيادة أعداد العاملين. وفي بريطانيا قالت الشبكة القومية للكهرباء إن الطاقة المستمدة من الطاقة الشمسية ستتناقص بواقع 850 ميغاواط لكن من المتوقع انخفاض الطلب على الكهرباء لأن الناس سيكونون خارج منازلهم لمشاهدة هذه الظاهرة. وفي إسبانيا قالت شركة ريد الكتريكا للشبكات إنه تم رفع مستويات الطاقة الاحتياطية فيما سيتم قطع الكهرباء عن الجهات ذات الاستهلاك العالي إذا اقتضى الأمر. وقالت شركة تيرنا الإيطالية للشبكات إنه سيجري قطع خطوط القوى الخاصة بالطاقة الشمسية والتي تضخ 4.4 غيغاواط إلى الشبكة القومية وسيتم تعويض ذلك من مصادر أخرى.

مشاركة :