حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني أمس من أن البنوك القطرية تواجه ضغوطا متزايدة من الانكشاف المرتفع على سوق العقارات المتباطئة التي تضررت بسبب فائض المعروض المرتبط باستعدادات إقامة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022. وقالت إن “قطاعي العقارات والضيافة، اللذين يواجهان بالفعل تراجعا في الأسعار بفعل فائض المعروض استعدادا لبطولة كأس العالم في عام 2022، يتعرضان للمزيد من الضغط بسبب تراجع السياحة ومعدلات الإشغال نتيجة مقاطعة قطر”. وتشير البيانات إلى تراجع حاد في أسعار العقارات والإيجارات بنسب تصل إلى 20 بالمئة في الأعوام الثلاثة الأخيرة. ونسبت وكالة رويترز إلى محللين ترجيحهم أن تشهد سوق العقارات المزيد من التراجع مع تزايد وتيرة طرح مجموعة من المشروعات المرتبطة ببطولة كأس العالم خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وأكدوا أن قطر تواجه تحديا إضافيا بسبب المقاطعة التجارية والدبلوماسية، التي فرضتها عليها السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ 5 يونيو 2017. وقالوا إن المقاطعة أضرت بالسياحة وقلصت طلب المشترين الأجانب على العقارات. وقالت وكالة فيتش إن الأصول العقارية المتدهورة تشكل الآن “خطرا رئيسا” في ظل معاناة البنوك القطرية من مشكلات السيولة الناتجة عن المقاطعة، التي أدت إلى خروج ودائع تصل قيمتها نحو 30 مليار دولار من النظام المصرفي القطري. واتخذت الحكومة القطرية إجراءات كثيرة تتضمن تقديم الكثير من الحوافز وتحرير قطاع العقارات وإتاحة مناطق جديدة للمشترين الأجانب في محاولة لتعزيز الطلب، لكنها لم تتمكن من تخفيف أزمة القطاع. وقالت وكالة التصنيف الائتماني إن “انكشاف البنوك القطرية المركز على سوق العقارات المحلية المتداعية يشكل خطرا متزايدا على جودة الأصول”. وذكرت أن البنوك الأكثر انكشافا هي بنك الدوحة والبنك التجاري القطري وبنك قطر الدولي. لكن الوكالة استبعدت أن تتأثر التصنيفات الائتمانية للبنوك القطرية “نظرا لأنها تستند إلى افتراضنا بشأن رغبة وقدرة السلطات على تقديم الدعم للبنوك”.ويعني ذلك أن الحكومة القطرية تبدد مبالغ طائلة لأغراض سياسية من أجل الزعم بأن الاقتصاد القطري لم يتأثر بالمقاطعة، رغم موجة هروب الأموال نتيجة انحدار ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد القطري. وضخت المؤسسات السيادية عشرات المليارات من الدولارات في النظام المصرفي، كما باع جهاز قطر للاستثمار الكثير من الأصول الأجنبية لإطفاء أزمة السيولة في البلاد. وتشير البيانات الرسمية إلى أن قطر ضخت نحو 40 مليار دولار في نظامها المصرفي في الأشهر التي أعقبت فرض المقاطعة بهدف تعزيز السيولة. ويرى محللون أن الكثير من مشاريع العقارات والفنادق والبنية التحتية سوف تستخدم لمرة واحدة خلال بطولة كأس العالم لتتحول بعد انتهاء البطولة إلى عبء كبير على الاقتصاد القطري. ويمثل مشروع مترو الدوحة، الذي جرى افتتاح أول خطوطه في الأسبوع الماضي، مثالا صارخا على غياب الجدوى الاقتصادية للمشاريع الكبيرة التي بنيت لاستضافة البطولة فقط. وقد اتضح ذلك في انحسار عدد الركاب وخلو العربات بعد ساعات قليلة من افتتاحه الاستعراضي قبل أكثر من 3 سنوات على استضافة الدوحة لبطولة كأس العالم لكرة القدم. ويشير مخطط المشروع الذي تصل تكلفته 18 مليار دولار، إلى أن شبكة مترو الدوحة ستتألف من ثلاثة خطوط هي الأحمر والأخضر والذهبي، وتشمل 37 محطة من المفترض أن ينتهي العمل بها في العام المقبل. وشكك محللون في جدوى المشروع، وأكدوا أن المسؤولين القطريين سيجدون صعوبة في استقطاب الركاب لتبرير تكلفة تشغيله الباهظة، وهو ما أكده خلو العربات من المسافرين بعد ساعات من افتتاح أول الخطوط. ومن المتوقع أن ينتظر المشروع طويلا من أجل استخدامه لمرة واحدة خلال بطولة كاس العالم ليتحول بعدها إلى عبء على السلطات البلدية في ظل قلة عدد السكان وغياب ثقافة المواصلات العامة. ويبدو من المستبعد أن يستخدمه المواطنون القطريون، الذين يفضلون استخدام السيارات الخاصة، وأن يقتصر استخدامه على بعض العمال الآسيويين في أوقات الذهاب والعودة من العمل فقط.
مشاركة :