سدرة المسلسل الأكثر تميزاً من بين برامج دورة رمضان التلفزيونية، عندما وضف المخرج المبدع يوسف البلوشي الصورة السينمائية بلغة أشعل فيها القراءة والتحليل الفني، والحضور من حيث الإبهار والدهشة، وضف البلوشي كل أدوات النجاح في عملية الإبداع الحقيقي، إذ اعتمد على ثقافة تكاملية ما بين جمال الطبيعة والتفاعل التصويري للمؤثرات الموسيقية والتناغم الحسي ما بين الإنسان والحيوان، لم يتوقف حديث المتلقي عن المسلسل كلغة وصناعة، بل ما تم في كيفية الخلط منهجيا بين الصورة السينمائية ووجودها المادي ونِتاج مختلف اعتمد على الرؤية العصرية الممزوجة بالخيال الغائر في العملية الفكرية الإبداعية، تم توظيفه في منظومة جماعية، إضافة إلى الجانب الأدبي وذلك فيما يتعلق بالقصة وبناء السيناريو، لما له من وجود ذهني، قدم بأسلوب بلاغي مجازي. الصورة السينمائية، أتت متوافقة مع النص والرؤية التي لم تتوقف عند توافق الخطوط وتضاربها والصراع ما بين القوى داخل الحبكة الدرامية، بل للخلفية التاريخية للأحداث، ومسارات الشخصيات داخل القصة، والأسلوب الذي اعتمد عليه البلوشي الذي استطاع محاكاة المتلقي وسلب وجدانه واستفزاز ثقافته البصرية. من جانبه، تحدث مخرج العمل المخرج العماني يوسف البلوشي، إذ رأى أن لغة الصورة مبنيا على إعطاء كل مشهد نسيجا مختلفا، وذلك أشبه باللوحة التشكيلية بحسب الظرف والزمان وطبيعة المكان، إضافة إلى ألوان أزياء الممثلين وديزاين الديكور بحسب مواقع التصوير، والاعتماد على تدرج الألوان الساخنة إلى الباردة أو العكس والانتقال من حقبة إلى أخرى بتغيير درجة التباين بين الظل والضوء من حيث تقنية الصورة. وأشار إلى أن للممثلين دور رئيسي في ترجمة هذا التَصور، مشيداً بفريق التصوير، لتميزهم في التعبير الإجرائي التقني وتنفيذ مجموع الاختيارات الجمالية التي تم الاتفاق عليها، وصولا عند مرحلة تصحيح الألوان، كآخر مرحلة لتحديد الشكل النهائي للمسلسل. وعن مشاركة الفنان سعد الفرج من الكويت والسعودي سعيد قريش في إنتاج عماني ضخم، ومدى انسجامهم مع باقي نجوم الدراما العمانية وكيف يرى هذه التجربة من الناحية الفنية، قال البلوشي: "إن وجود فنانين كبار بحجم سعد الفرج وسعيد قريش هو مكسب للدراما العمانية"، واصفاً وجودهم إلى جانب نجوم الدراما والمسرح في عمان يشكل حراكاً فنياً مهنياً متبادلاً نبحث من خلاله عن الخبرات والثقافات في الوقت الذي تشهد فيه الدراما الخليجية في الكويت والسعودية تطوراً ملحوظاً من حيث الإنتاج والمادة الأدبية والتقنية والمهنية فيما يتعلق بالصورة. بدوره، رأى الفنان سعيد قريش، أن مسلسل سدرة حقق حضوراً لافتاً ونسباً عالية من المتابعة، عطفاً على تميز الصورة السينمائية كونها تحكي وتلامس الوجدان والفكر والثقافة البصرية. وأضاف أنها مساهمة في خلق المعنى وإيصال الرسالة، و التعبير عن أهداف العمل والقضية التي تم طرحها عبر أحداث المسلسل، مؤكداً أن المخرج كرس الجهد للبحث أكثر عن حلول فنية هي العامل الحقيقي في اكتشاف إمكانات جديدة لمحاكاة المتلقي الواعي، من خلال استقطابه لمدير تصوير يمتلك قدرات فنية عالية المستوى في توظيف الصورة السينمائية. وأشاد بمدير الإضاءة وجميع من شارك في بناء وصناعة المسلسل ليقدم كمادة فنية يحترم من خلالها المشاهد، وتمنى قريش أن يجد مسلسل سدرة مكانه من العرض في قنوات "MBC"، والقناة الرسمية في السعودية "SBC"، كونه تناول قضايا اجتماعية مهمة ومن أبرزها الجانب الإنساني في تسليط الضوء على شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة. ولفت إلى أن هذا الجانب يتمثل في ثقافة ورؤية مخرج العمل، وقدرته على الدخول في مثل هذا العالم والاهتمام به، ووضعه في خيارات جمالية صارمة.
مشاركة :