هل اختلف حال الشعر بين الأمس واليوم؟ - نعم، ثمّة اختلاف بيّن سواء من قِبل المبدع ووعيه لمفهوم الشعر، ومفهوم التجربة الشعرية، والتحولات التي تحدث خارجياً وداخلياً في عقلية المبدع وتؤثر فيه. أو من قِبل المتلقي الذي تجاوز التلقي المدهش الذي يحدث في اللحظة الأولى إلى الوعي الذي يجعل الشعر، باعتباره نصاً، يعيش في ذهنه ومخيلته ولا يمكن أن نحصر بكل سهولة هذا الاختلاف، والسبب بذلك هو الاتساع الشعري والتنوع في عطاءاته والاختلاف في أنساقه، وكذلك من جهة المتلقي ومقدار ثقافته وبيئته وانتمائه الثقافي والفكري الذي يحكم التلقي لديه. r هروب الشعراء إلى جنس الرواية بماذا تفسره؟ - الموضوع يحتاج إلى دراسة إحصائية، وهب أن ذلك صحيح، المبدع الحقيقي الذي يملك الموهبة في أي مجال سيبدع، المشكلة حين يكون التحول من الشعر إلى الرواية مجرد تقليد فتكون محاولة فاشلة في إثبات الوجود، مع الأسف كثير من الروايات التي كتبت هي محاولات لم ترتقِ إلى المستوى الروائي المطلوب، والحقيقة أنّ الرواية – وبخاصة الرواية السعودية - أخذت أكثر مما تستحق بناءً على فنيتها ولغتها وحتى كثير من الأحداث التي طُرحت في ثناياها، تجد أنّ عدداً من تلك الروايات اعتمد في رسم أحداث الرواية وهوامشها على سير ذاتية، فعدد غير قليل ممن كتب روايته الأولى صمت عن الكلام المباح منذ سنوات، وتحولت تلك الروايات إلى سير ذاتية أكثر من كونها عملًا روائياً ممزوجاً بين الواقعية والخيال صادراً عن موهبة؛ ما يدل على هوس كتابي يكشف عن استسهال في التعامل مع فن الرواية. r غياب الشاعر الجماهيري/ النجم كنزار قباني – محمود درويش هل أثر في القصيدة العربية؟ - بكل صراحة نعم، وبخاصة مع وسائل التواصل الاجتماعي التي أحدثت نقلة نوعية في الثقافة، حيث سيطرت ثقافة الصورة والمقطع القصير والأحداث السريعة، والوجبات الثقافية الخفيفة، فلم يعد لدى الشاعر القدرة على إثبات وجوده إلا بالتعامل مع هذه الوسائل المتنوعة، ولكن لم يعد الأفق يتسع له وحده، فثمة منافسون آخرون ظهروا على السطح، وأثبتوا قدرتهم على التحكم بثقافة المتلقي، من مشاهير هذه الوسائل المتنوعة. ولذا أصبح الشاعر في ورطة ثقافية بين الشعر الأصيل المتجذر في تاريخنا وبين واقع يحتفي بثقافة جديدة مختلفة. r هل صحيح أن الشعر أصبح عبئاً وغير مربح للناشر، وأن ما نراه من دواوين في معارض الكتاب هي بالأصل نسخ مسبقة الدفع من قبل أصحابها؟ - أغلب الشعراء ينشرون على حسابهم الخاص، وسوى الأندية الأدبية فلا ناشر يقدم على نشر ديوان شعري إلا نادراً. فلذا الشعر والشعراء في ورطة ما دام الوضع على هذه الصورة التي تجعل الشاعر يتكفل بنشر ديوانه والناشر ليس لديه الاستعداد لنشر أي ديوان شعري.
مشاركة :