هل تعوض نخبة رجال الأعمال أردوغان خسارة قاعدته الشعبية من العمّال

  • 5/18/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الثالث عشر من أبريل في إسطنبول، جمع حفل زفاف فاخر في قصر عثماني كبير يطل على مضيق البوسفور أبرز عائلات الأعمال المؤيدة للحكومة في تركيا. تمتلك عائلة العروس يلدا ديميرورين مجموعة ديميرورين التي تبلغ قيمتها المليارات من الدولارات، وهي أكبر إمبراطورية إعلامية في تركيا، وتمتلك خمس صحف وقناتين تلفزيونيتين ووكالة أنباء، بالإضافة إلى أصول كبرى في قطاعات البناء والتعدين والطاقة. وتدير عائلة العريس خلوق كاليونكو مجموعة كاليون، وهي مجموعة كبرى تعمل في مجال الإنشاءات والطاقة والبنية التحتية، وتمتلك أيضا قناتين تلفزيونيتين وصحيفتين يوميتين. شهد الرئيس رجب طيب أردوغان وزوجته أمينة على عقد القران، الذي قام به رئيس بلدية إسطنبول السابق مولود أويصال. وكان من بين حوالي الألفي ضيف وزير الخارجية ورئيس البرلمان ومدير وكالة المخابرات التركية. تم إغلاق حركة المرور بالقرب من المكان، وعندما طرح المحامي سيرتوي سورين أوغلو سؤالا بشأن التفاصيل الأمنية الكبرى، أمسكوا به وأوسعوه ضربا، حسبما أفاد محاموه. يتناقض الهجوم، إضافة إلى صخب الحفل، بشكل حاد مع مشكلات تركيا الاقتصادية. عبّر العديد من المحللين ومنتقدي الحكومة عن غضبهم على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ رأوا في حفل الزفاف رمزا لنخبة رجال الأعمال التي أنشأها حزب العدالة والتنمية. وقالت شبنيم غوموشو، أستاذة العلوم السياسية في كلية ميدلبري، “إنه نوع من التجسيد، إضفاء الطابع المؤسسي على تلك الروابط بين زبائن حزب العدالة والتنمية”. ويعود نجاح حزب العدالة والتنمية منذ فترة طويلة إلى حد كبير إلى الدعم القوي الذي يحصل عليه من الناخبين المحافظين من الطبقة العاملة، الذين تحسنت حياتهم خلال الطفرة الاقتصادية لأول عشر سنوات من حكم الحزب.ووفقا لعدد من التقارير، على الرغم من الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية عن الاشتراك في التضحية مع مؤيديه المخلصين، فقد بات العديد من ساسته يعيشون أنماط حياة غنية للغاية، إذ ساعد الحزب في إنشاء نخبة جديدة تسمى نمور الأناضول. وقال خليل ينيجون، الباحث التركي في الدراسات الإسلامية بجامعة ستانفورد، “لدينا الآن هذه الطبقة العليا الضخمة من حزب العدالة والتنمية. هناك سلسلة كاملة من الأشخاص المنتسبين إلى حزب العدالة والتنمية وهم يجدون وظائف ويدخلون المدارس التي يرغبون فيها ويتم تعيينهم في مناصب مهمة، كل ذلك بسبب سلطة حزب العدالة والتنمية… أعتقد أن هناك توترا بين هويتهم الثقافية من ناحية والاختلافات الطبقية الخاصة بهم، وحتى الصراع، من ناحية أخرى”. وقد ضمن الحزب سيطرته على تركيا جزئيا عن طريق منح المؤيدين عقود شراء ضخمة وأصولا حكومية تُباع بشروط تفضيلية، في حين يعاقب أولئك الذين يرفضون دعمه بالتدقيق الضريبي وتحصيل الديون. وصادرت حكومة حزب العدالة والتنمية المئات من الشركات التي تقدر قيمتها بالمليارات من الدولارات، بما في ذلك وسائل الإعلام الكبرى، والآلاف من القطع العقارية من المنافسين السياسيين (معظمها من حركة غولن) وباعتها إلى الحلفاء بأسعار متدنية. وفي ورقة بحثية شاركت غوموشو في كتابتها عام 2017، وجدت أن حزب العدالة والتنمية سهل نقل أصول بقيمة 62 مليار دولار في قطاعات مثل التعدين والطاقة والبناء والسياحة والرعاية الصحية، ومعظمها من خلال الخصخصة وتحويل الخدمات الاجتماعية إلى سلع، في الغالب إلى كوادره وأنصاره. وقالت إسراء غوراكار، وهي خبيرة اقتصادية ومؤلفة كتاب سياسة المحسوبية في المشتريات العامة في تركيا، إن 255 من أكبر 1000 شركة في تركيا مملوكة لسياسيي حزب العدالة والتنمية أو أقاربهم. وأضافت أن السياسيين الأتراك كانوا دائما يشاركون في الأعمال، لكن هذا لم يحدث أبدا بهذه الدرجة. وتعرضت تكتلات عديدة صديقة للحكومة لضغوط من الحكومة للاستحواذ على الحد الأدنى من الأصول الإعلامية المربحة، وفي الكثير من الأحيان بمساعدة قروض من بنوك الدولة. وأدى ذلك في نهاية المطاف إلى سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام الرئيسية. وفي تسجيل صوتي تم تسريبه في عام 2014، قام الرئيس أردوغان بتوبيخ أردوغان ديميرورين رئيس مجموعة ديميرورين، بسبب قصة تنطوي على انتقاد في صحيفة ميلليت التي تملكها مجموعة ديميرورين. وتشير غوراكار إلى أن خسارة العديد من المدن الكبرى في الانتخابات المحلية الأخيرة أضرت بقدرة حزب العدالة والتنمية على توزيع الموارد، لأن البلديات هي من بين أكبر المتعاقدين مع المؤسسات المملوكة للدولة. وتمثل كل من إسطنبول وأنقرة ما يقرب من نصف عمليات الشراء. علاوة على ذلك، شهدت تركيا تباطؤا اقتصاديا كبيرا. وقالت غوموشو إن الطبقة العاملة قد تبدأ في التخلي عن حزب العدالة والتنمية لأنه فشل في معالجة مخاوفها وسط توترات متنامية بين من يملكون ومن لا يملكون بين مؤيدي حزب العدالة والتنمية التقليديين. وتابعت قائلة إن “الفجوة بين نخبة حزب العدالة والتنمية وفقرائه تتزايد بسرعة”.

مشاركة :