مخاطرة درامية تعود إلى الواجهة من خلال مسلسل سوري

  • 5/18/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نادرا ما يقدّم ممثل شخصيتين في عمل فني واحد، لما يترتب عن ذلك من مخاطر فنية كبيرة قد يقع بها العمل، فيما لو لم تكن الحرفية المطلوبة موجودة عند الفريق التقني خاصة المخرج، لذلك، لم تسجل لهذه الحالة ظهورا بارزا في حركة الفن عموما، في السينما أو التلفزيون على الساحتين العالمية والعربية. في الدراما السورية، ظهرت هذه التجربة بحالات نادرة، كانت أهمها مسلسل “وادي المسك” الشهير، الذي ظهر في ثمانينات القرن الماضي، وكان من تأليف الشاعر والكاتب محمد الماغوط وإخراج خلدون المالح، حيث جسد الفنان دريد لحام في العمل شخصيتين هما غوار والتكميل غوار، الإنسان البسيط الذي يرحل لبلاد الريح كي يعمل ويأتي ببعض المال ليتزوج خطيبته التي يتركها في وطنها، والتكميل هو الشخص المزيف الذي خدع أهل الوادي بانتحاله شخصية غوار الحقيقي وتركه موجودا في بلاد الريح. وعاد ليأخذ مكانه ويبدأ بنهب الناس وإشاعة الفوضى والفساد بين الناس. ولم تظهر هذه التجربة في التمثيل لاحقا بشكل واضح طيلة عقود. وفي جديدها للعام الحالي، تقدم الدراما السورية ذات التجربة في سياق آخر تماما. ففي مسلسل “ورد أسود” الذي كتبه جورج عربجي وأخرجه سمير حسين وأنتجته شركة جزائرية. تظهر شخصيتا ورد، الشاب البسيط الذي يحب جارته بيسان، ويريد الزواج بها، وشقيقه التوأم رواد، الذي لا يشاركه الطيبة، بل على العكس، يحمل في عمقه الشر والحسد والقدرة على فعل أي جرم. وكلا الدورين يقدمهما ممثل واحد، هو جابر جوخدار. في تجربة أولى له في هذا الشكل الفني الذي يتطلب كثيرا من الجهد والقدرة على التحدي.في شخصية ورد يقدم جوخدار، نمط الإنسان البسيط الذي ينغمس في حب فتاة في الحي، هي بيسان، الممثلة الشابة ترف التقي، وهي تبادله هذا الحب، ويريد الزواج بها رغم سطوة الظروف التي تحيط بهما، وتمنعهما من إكمال حلمهما. وهو في نمط حياته مستكين إلى درجة كبيرة، ويحاول غالبا أن يكون متوازنا في حياته مع محيطه الذي يعيش فيه خاصة في علاقته مع شقيقه رواد. إلى أن تصل الظروف به إلى مقاومة هذا النهج فيقوم بمقاومة العنف بعنف مثله. أما شخصية رواد فهي في غالبها شريرة، تمتلك أسلوبا فجا ومباشرا في التعاطي مع ظروف حياته، فلا يكلف نفسه عبء التفسير أو التبرير، فهو يستعجل طريق الوصول، وعندما يجد أن ذلك يمر من بوابة الأفعال الإجرامية كالسرقة والتهريب لا يتردد في القيام بذلك. مشاركا بعض معارفه الذين يشاطرونه هذا النهج والسلوك، وهو لا يحمل أي قيمة لمعاني الأخوة أو المشاعر الأسرية، فعند أول منعطف، يبيع حب أخيه لبيسان ويضحي بهما في مقابل صفقة مالية كبيرة لأحد أغنياء الجزائر بالتنسيق مع شريكه السابق. يسجن فترة من الزمن، ثم يخرج، وهو يحمل روح الانتقام من شريكه، وحتى أخيه الذي لم يزره طوال فترة السجن. جوخدار، الذي درس فن المسرح في سوريا، وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية قبل سنوات، يرى أن هذه الفرصة في تقديم شخصيتين متناقضتين في مسلسل واحد، معتبرا أنها “مسؤولية كبرى، وتحد فني كبير قمت به من خلال نص كتب ببراعة، ليعرفنا بتفاصيل هامة عن الإنسان ونوازع الخير والشر فيه، وهو تحد فني لي في التعاون الأول لي مع مخرج كبير مثل سمير حسين، الذي دعمني وأعطاني الكثير من الثقة والوقت حتى وصلنا إلى تنفيذ الدور بالشكل الذي كان عليه”. ويضيف “هذا الظهور، استثنائي وصعب، ويحمل روح المخاطرة، عانيت فيه مهنيا من تبدل الحالة العاطفية للشخصيتين المتناقضتين، وما يمكن أن تقدماه من ردود أفعال، لكنني بالتعاون مع المخرج تجاوزت هذه الحالة، وقدمنا ما كنّا نصبو إليه”. جابر جوخدار، ابن بيت يهتم بالفن، فعمه المخرج المسرحي سعيد جوخدار، الذي درسه في أوروبا، درس المسرح في دمشق وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية، وظهر في عدة أعمال فيه مثل “وعكة عابرة” و“حلم ليلة صيف” وغيرها. كما شارك في العشرات من الأعمال التلفزيونية منها “ذكريات الزمن القادم”، “الظاهر بيبرس”، “التغريبة الفلسطينية”، “ممرات ضيقة”، “الحصرم الشامي”، “ظل امرأة”، “ليس سرابا”، “طريق النحل”، “رايات الحق”، “ملح الحياة”، “أبوخليل القباني”، “حدث في دمشق”، “سنعود بعد قليل”، “عمر”. كما عمل في السينما، فشارك في أفلام قصيرة في سينما الشباب وكذلك في أفلام “روداج”، “سوريون”، “الأب”، “درب السما”، والفيلم اللبناني “محبس”.

مشاركة :