ظهر الارتباك واضحا في موقف تركيا من الضربة الجديدة التي تلقتها من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي ألغت مزايا المعاملة التجارية التفضيلية، وهو ما يمكن أن يفاقم الأزمات الاقتصادية العميقة. وركزت وزيرة التجارة روهصار بكجان على الترحيب بقرار ترامب خفض الرسوم على واردات الصلب من تركيا من 50 بالمئة إلى 25 بالمئة، رغم أنها مجرد إلغاء للزيادة الاستثنائية في الرسوم بسبب تصاعد الخلاف بين البلدين في العام الماضي. لكن الوزيرة قالت بتحفظ شديد يميل إلى العتاب، إن قرار الولايات المتحدة إنهاء اتفاق المعاملة التجارية التفضيلية مع تركيا يتناقض مع هدف بلوغ التجارة بين البلدين 75 مليار دولار. وتشير التصريحات إلى أن أنقرة أدركت الثمن الباهظ لأي خلاف مع واشنطن، بعد أن أدى تصعيدها للخلاف في العام الماضي إلى نتائج قاسية، ساهمت في سقوط الاقتصاد التركي في قبضة الانكماش والركود. وقال البيت الأبيض مساء الخميس إنه أنهى تأهل تركيا لبرنامج نظام الأفضليات المُعمم اعتبارا من الجمعة استنادا إلى مستوى تقدمها الاقتصادي، كما خفض الرسوم على واردات الصلب التركية، لتعود في مستوى الرسوم التي تفرضها واشنطن على عدد من البلدان الأخرى عند 25 بالمئة. وأكدت بكجان أن “خفض الرسوم الجمركية على الحديد هو أمر إيجابي، لكننا نتوقع إزالة جميع العراقيل التي تواجه التجارة الثنائية”. وأوضحت أن تلك العراقيل تؤثر على الشركات الأميركية أيضا وأن الحكومة التركية سوف تواصل العمل من أجل تعزيز حجم التبادل التجاري. وتشير بيانات موقع الممثل التجاري الأميركي أن الولايات المتحدة استوردت سلعا من تركيا بقيمة 1.66 مليار دولار في عام 2017 بموجب برنامج نظام الأفضليات المُعمم، وهو ما يشكل 17.7 بالمئة من إجمالي الواردات من تركيا. وتتضمن الواردات سيارات وأجزائها ومجوهرات ومعادن نفيسة.وبدأت واشنطن في مراجعة وضع أنقرة في أغسطس الماضي عندما توتر بينهما. وكانت تركيا تأمل في ألا تمضي واشنطن قدما في الخطوة، قائلة إنها تتناقض مع الأهداف التجارية للبلدين. وكانت تركيا واحدة من بين 120 دولة تشارك في برنامج نظام الأفضليات المُعمم، وهو أقدم وأضخم برامج المعاملة التفضيلية التجارية الأميركية. ويهدف إلى تعزيز التنمية الاقتصادية في الدول والمناطق المستفيدة عبر إزالة الرسوم الجمركية عن الآلاف من المنتجات. وفي خضم الخلاف العام الماضي، رفع الرئيس الأميركي رسوما جمركية على واردات الصلب بهدف الضغط على تركيا لإطلاق سراح قس أميركي كانت تحتجزه بتهم تتعلق بالإرهاب. وأُطلق سراح القس في أكتوبر الماضي، لكن النزاع ساهم في انطلاق أزمة عملة دفعت الاقتصاد التركي إلى الانكماش في النصف الثاني من العام الماضي، مما تسبب إجمالا في فقدان الليرة التركية حوالي 30 بالمئة من قيمتها على مدى العام. وعادت الليرة التركية أمس إلى الانخفاض بعد إعلان إلغاء المعاملة التفضيلية لتصل خسائرها منذ بداية العام إلى نحو 15 بالمئة، في وقت تدرس فيه الأسواق تأثير القرار الأميركي على الاقتصاد التركي المتعثر. وقال متعامل في أحد البنوك إن المخاوف بشأن آفاق الاقتصاد التركي سوف تفاقم الضغوط على العملة المحلية بعد القرار الأميركي، والذي ستكون له آثار متباينة ترتبط بطبيعة ردود فعل أنقرة. وأوضح أن “الأسواق سوف تراقب التصريحات السياسية بشأن العلاقات بين البلدين، بالنظر إلى ما انطوت عليه من مخاطر في الآونة الأخيرة” في إشارة إلى مخاوف الأسواق من تصريحات استعراضية غاضبة من جانب الرئيس رجب طيب أردوغان. وكانت تصريحات أردوغان بشأن الخلافات مع واشنطن وتدخله في السياسات المالية والاقتصادية عنصرا أساسيا في زعزعة ثقة المستثمرين بمستقبل الاقتصاد التركي. في هذه الأثناء كشفت وكالة بلومبرغ نقلا عن مصادر مطلعة أن البنوك التركية فشلت في التوصل لاتفاق مع المشترين المحتملين للديون المشكوك في تحصيلها، الأمر الذي يؤكد ضعف الثقة في النظام المصرفي التركي. وقالت الوكالة إن البنوك التركية والمشترين المحتملين، ومنهم بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس وشركة الاستثمار المالي باين كابيتال فشلوا في التوصل إلى اتفاق بشأن تعريف “الديون المشكوك في تحصيلها”.
مشاركة :