الواضح أن البعض في مجتمعنا الكويتي... لا يفقه المعنى الحقيقي لمصطلح «ناقد».. ولا يفرق بين (متذوق) وآخر (ناقد)، فالسائد في مجتمعنا هو الخلط بين المصطلحات والوظائف، فما نراه اليوم في عالم السوشيال ميديا ماهو إلا غزو فكري.. واجتهادات فردية، فكل من (هب ودب) أعطى لنفسه الحق أن يدرج نفسه تحت مسمى ناقد، نرى العديد من الصفحات في السوشيال ميديا تحمل اسم ناقد... وتعبر عن ذوقها ورأيها الخاص في ما يعرض ويقدم من أعمال فنية، ونرى أشخاصاً نسبوا لأنفسهم السيادة في تقييم الأعمال الفنية من دون أن يحمل أحدهم شهادة وخبرة تعطيه الحق في تقييم الأعمال الفنية وتحليلها التحليل الصحيح. واعتاد المبدعون على النمطية في النقد من قبل الصحافة والأقلام المغرضة التي ترفع من شأنهم، وأصبحت المنافسة هي هدفهم الأول، ولا يعيرون اهتماماً للفن وللعمل الفني نفسه، والرسالة المراد إيصالها، والهدف من العمل الفني. لذلك لا يتقبلون النقد الحقيقي الذي من أدواره الارتقاء بالعمل الفني، ولا يتقبلون النقد اللاذع الذي يسلط الضوء على الأخطاء او التهاون في ما يقدم للمتلقي. فالعمل الفني يتكون من عناصر فنية عدة، والناقد الحقيقي لا بد أن يحلل ويفسر هذا العمل الفني وعناصره، ومن حقه أن ينقد - كناقد حقيقي - العمل الفني من دون وضع اعتبار لأي علاقة شخصية تربطه بالمبدع نفسه، فالناقد الحقيقي لابد ان يبتعد عن الذاتية ويقترب من الموضوعية. فما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي ماهو إلا تذوق فني لأن للنقد أسسا وضوابط يسير عليها الناقد، فالفرق بين النقد والتذوق الفني؛ ان النقد له مسؤولية مثالية في تنوير الرأي العام عن طريق التفسير الفني والتقدير والحكم الجمالي. ووظيفة الناقد تقوم على أساس عملية التفسير، وهي تبسيط مفردات العمل الفني وشرح ما عصي فهمه على الجمهور وصعُب إدراكه... ولا بد أن يترك الناقد الحرية للمتلقي في التفاعل مع العمل الفني، طبقاً لمفاهيمه وإدراكه الذاتي كمتذوق مع التوقف في محطات العمل الفني الرئيسية فقط. تقييم العمل الفني وإصدار الحكم عليه جمالياً طبقاً للمعايير والأسس الفنية الجمالية المتعارف عليها، لكل نوع من الفنون، متناولاً المحيط الزماني والمكاني والنفسي للعمل الفني... هي وظيفة الناقد الحقيقي. ويتطلب من الناقد توضيح بنيوية ومضمون العمل الفني من داخله، بهدف الارتقاء بالذوق الفني العام للجمهور، وتنمية موهبة الذوق لديهم. وعليه توضيح نقاط القوة والمثالية الجمالية والإشارة إلى نقاط الضعف أو تدني المستوي الجمالي أو الحرفي أو الأدائي أو اللغوي في بناء العمل الفني. فأين هذا الناقد في مجتمعنا، كي يقوم بهذا الدور؟ نحن لا نرى سوى متذوقين زعزعت آراؤهم مستوى الفن وأوصلته إلى الهاوية. فعوا وارتقوا... وبالعربي (عطوا الخباز خبزه ويسكم تباهي بما لا تفقهون). * فنانة وناقدة كويتية
مشاركة :