روت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، اليوم السبت، الحكاية الغريبة لصاحب أول صورة التُقِطت لمكة المكرمة بعد بيعها في مزاد علني، وهو المستكشف الهولندي الشهير كريستيان سنوك هرخرونيه، مثيرة حوله الكثير من التساؤلات والشكوك. وقالت الصحيفة: إن أول صورة فوتوغرافية على الإطلاق التُقِطت لمكة المكرمة عام 1888م، قد بيعت مؤخراً في مزاد لدار "سوذبي" للمزادات بـ250 ألف دولار، والصورة التقطها المستكشف الهولندي الشهير كريستيان سنوك هرخرونيه، حين كان موظفاً في القنصلية الهولندية في جدة، وقضى بها عاماً ونصف العام من 1887 إلى 1888م. وأضافت: وراء هذه الصورة وصاحبها قصة غريبة، بدأت بمراقبة منزل أحد الجيران في جدة، وانتهت باحتلال إقليم آتشيه في إندونيسيا. وروت صحيفة "الديلي ميل" قصة الهولندي الشهير كريستيان سنوك هرخرونيه، والتي جرت وقائعها أثناء حرب آتشيه 1873- 1914. وحسب موسوعة "ويكيبيديا"، فإن حرب آتشيه عبارة عن نزاع عسكري وقع بين سلطنة آتشيه الإسلامية في إندونيسيا، والإمبراطورية الهولندية الاستعمارية، وتعتبر واحدة من أطول الحروب في نهاية القرن التاسع العشر وبداية القرن العشرين، حيث استمرت لمدة 44 سنة، فقد بدأت في سنة 1873 وتمكنت هولندا من احتلال منطقة آتشيه في سنة 1904 وقاموا بقتل سلطان آتشيه علاء الدين محمد داؤد صياح الثاني، وقد قُتِل خلال هذه الحرب أكثر من 100 ألف شخص. وقالت "الديلي ميل": كان سنوك هرخرونيه يمتلك خلفية أكاديمية في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، فقد درس علم اللاهوت في جامعة ليدن، كما تعلم اللغة العربية وتخصص في الإسلام، ولهذا أرسلته الحكومة الهولندية عام 1887م كموظف في القنصلية الهولندية بجدة، حيث قضى عاماً ونصف العام، لكن هرخرونيه لم يكن موظفاً عادياً، بل شخص لديه مهمة سرية سيقوم بها، وهي مراقبة بيت جاره وتحركات ساكنيه. وأضافت: كانت البيت المجاور لمنزل سنوك هرخرونيه في جدة، يخص أحد النبلاء من أقليم آتشيه الإندونيسي، والذي كان ضمن مجموعة نبلاء آتشيه الذين استقروا في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية، ولهم صلات قوية بسلطنة آتشيه الإسلامية عدوة هولندا في حرب آتشيه، كانت مهمة سنوك هرخرونيه التجسس وجمع المعلومات الاستخبارية عن الإندونيسيين الأقوياء الذين يسافرون إلى مكة المكرمة، خاصة النبلاء وعلماء الدين من أعضاء مجلس العلماء المسلمين بإندونيسيا، بالإضافة إلى جمع المعلومات عن عادات وتقاليد المجتمع الإسلامي الإندونيسي، وكانت مراقبة الحج وقوافل الحجاج مهمة ضرورية، حتى تعرف هولندا عدوها في حرب آتشيه. وأردفت الصحيفة: تُظهر مجموعة الصور الرائعة التي التقطها سنوك هرخرونيه قوافل الحجاج على الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة، وكان من بينهم نبلاء إندونيسيا ومعهم العبيد والخدم، وتشمل كتابات "هرخرونيه" تفاصيل عن الحياة اليومية لسكان مكة المكرمة وتوثيق ممارسات العلماء الإندونيسيين. وتابعت: لقد وضع "هرخرونيه" توثيق الحياة الاجتماعية في مكة المكرمة ومجموعة الصور في كتابين هما "مكة" و"صور من مكة". وقالت الصحيفة: في طريق إنجاز مهمته للتجسس، واجهت "هرخرونيه" مشكلة دخول مكة المكرمة مصاحباً لقوافل الحجاج، وتقول الصحيفة: إن "هرخرونيه" زعم للسكان المحليين أنه اعتنق الإسلام، وساعدته على ذلك دراسته للإسلام، ونجحت خطته فأصبح أول عالم غربي يمنح التصريح لدخول مكة والتنقل والتقاط الصور، ومن بينها الصورة الشهيرة للكعبة المشرفة، التي التقطها عام 1888م. وأضافت: كان "هرخرونيه" باحثاً متحمساً، وعايش أسلوب الحياة في مكة وما حولها وأعجب جداً بالحج، وتردد في كتابات "هرخرونيه" اسم "عبدالغفار"، وهو شخص مسلم تعرف عليه الهولندي في مكة المكرمة، وقضى معه وقتاً في كل من الشرق الأوسط وإندونيسيا. وأردفت: في عام 1888م كان "هرخرونيه" يأمل أن ينضم لقوافل الحج للمرة الثانية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حين ترددت شائعات مصدرها السفارة الفرنسية، أن "هرخرونيه" كان يسرق القطع الأثرية القديمة، وهو ما دفع الهولندي للهرب سريعاً من جدة، حسب موقع "أوراسيا ريفيو". وتابعت: بعد عودته إلى هولندا، استكمل "هرخرونيه" كتاباته عن مكة المكرمة والحياة فيها، واشتهر في جميع أنحاء العالم باعتباره مستشرقاً بارزاً. وقالت الصحيفة: في وقت لاحق من حياته المهنية، عمل "هرخرونيه" في إندونيسيا وحظي بكرم الضيافة من النبلاء الذين التقى بهم أثناء وجودهم في مكة المكرمة، ورغم ذلك لم يتردد في تقديم النصيحة إلى الهولنديين حول كيفية سحق سكان إندونيسيا في حرب آتشيه. وأضافت: يعد "هرخرونيه" شخصية تاريخية معقدة، فهو حسب الكثيرين لا ينكر أبداً أنه متعاطف مع الإسلام، ومع ذلك لم يتردد في استغلال معرفته بالإسلام وحياة المسلمين لخدمة مصالح بلاده واحتلال هولندا إقليم آتشيه.
مشاركة :