بين مناطق فعاليات "مسك جدة التاريخية"، كان الفنان خالد الأمير شارف على الانتهاء من لوحته الفنية الجديدة التي خلدت ذاكرة بيوت المنطقة، مستلهماً في ذلك المدرسة التشكيلية الواقعية، مشاركاً بإبداع أنامله وفكره الفني في إعادة إحياء المكان الذي يمثل بالنسبة له شريان جدة النابض. وأتاح معهد مسك للفنون، بين الفعاليات، لعدد من الفنانين والفنانات المشاركة، بحكاية تفاصيل هذا المكان برؤية فنية هادئة انعكست على الزوار الذين لم يجدوا من لغات التواصل فيما بينهم سوى الهمس ونظرات العيون، خشية أن يقطعوا برفع أصواتهم أفكار من جندوا إبداعهم الفني من أجل المكان. وإذا أرادوا رؤية مغايرة لما هو موجود في بطون كتب التراث عن جدة التاريخية، فما عليهم سوى ثني الركب عند هؤلاء التشكيليين الذين يقصون حكايتهم عن المكان بطريقة مختلفة وفريدة، فهم كما وصفهم خالد الأمير -رجل التعليم المتقاعد والعاشق للرسم التشكيلي- جنود خيال وإبداع المنطقة والمعززين لهذا التراث الأصيل بكل مكوناته وحيثياته. "اللوحات تتحدث عن ذاتها"، عبارة أصبحت بمثابة "الإجابة عن الأسئلة الشائعة" التي تجدها في بعض المواقع الإلكترونية المتخصصة؛ لكثرة الأسئلة والاستفسارات التي ترد للتشكيليين من الزائرين، عن سبب اختيار هذه الفكرة دون غيرها في اللوحة. مكان الفعالية يعد استراتيجياً؛ لكونه يتوسط منتصف "مسك جدة التاريخية"، وهو ما ساهم في كثرة من دخل عتبته من الزوار، فهنا رسمت عبرات أفضل اللوحات الفنية عما تحمله المنطقة في بطنها من جمالية بيوتها ورواشينها دون الحاجة إلى المرشد السياحي ليدلهم على أسرارها. مزيج من التفاعل يحصل في هذه المنطقة دون غيرها بين التشكيليين والزوار، لتحقيق طلبات الأخيرين في زيادة رسم اللوحات التراثية للتعبير عن جمالية الطراز المعماري التي اتسمت به بيوت "جدة التاريخية"، وللمحافظة على هوية المكان من عوامل التعرية، في إشارة إلى النسيان.
مشاركة :