دعا الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان بمناسبة عيد النوروز السبت من جديد إلى إنهاء التمرد الذي بدأ في 1984 ضد السلطات التركية وأعلن عن بداية «عصر جديد». وفي رسالة تليت بمناسبة رأس السنة الكردية أمام أكثر من مائتي ألف شخص في ديار بكر جنوب شرق تركيا عبّر أوجلان الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة عن أمله في تنظيم مؤتمر لحركته «لإنهاء الكفاح المسلح». وقال أوجلان: «أرى من الضروري تنظيم مؤتمر لنتمكن من إنهاء لكفاح المسلح المستمر منذ حوالى أربعين عامًا ضد الجمهورية التركية». كما عبّر عن أمله في أن تبدأ حركته «عصرًا جديدًا» عبر إعداد «إستراتيجية سياسية ومجتمعية». وتابع أوجلان: «نسير باتجاه مستقبل تفرض المعايير الديموقراطية العالمية نفسها فيه»، داعيًا إلى إقرار «دستور ديموقراطي جديد يأخذ في الاعتبار حرية المواطنين والمساواة بينهم». وتلت نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعوب الديمقراطي «برفين بولدان» باللغة الكردية كلمة مؤسس حزب العمال الكردستاني الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة أمام مئات الآلاف من مؤيديه. ويتزامن هذا النص مع احتفالات كبيرة في ديار بكر وغيرها من المدن التركية ذات الغالبية الكردية مع عيد النوروز رأس السنة الكردية. ويطلق مؤيدو أوجلان المسجون في تركيا منذ توقيفه من قبل عناصر أتراك في كينيا في 1999 اسم «أبو» (العم) وهو يبقى زعيم الأكراد الأتراك على الرغم من سجنه. وأطلق حزب العمال الكردستاني تمرده في 1984 من أجل الحصول على حكم ذاتي لجنوب شرق تركيا، وأدى النزاع إلى سقوط أربعين ألف قتيل حتى الآن. وقال النائب الكردي سري سريا أوندر: «إنها خارطة طريق للأمة والمنطقة بتفاصيل نظرية وعملية على طريق السلام». وكان أوجلان قدم دفعًا كبيرًا للمفاوضات التي كانت تراوح مكانها بطلبه في 28 فبراير من مؤيديه الدعوة الى مؤتمر للبت في وقف القتال. وقال أوجلان في رسالة مكتوبة حينذاك: «نقترب من تسوية هذا النزاع الذي يبلغ عمره ثلاثين عامًا عبر إقرار سلام نهائي». ولقيت هذه الدعوة ترحيبًا واسعًا وجاءت بعد سنتين على نداء مماثل لوقف إطلاق النار ما زال محترمًا. لكن عقبات كثيرة تقف في طريق السلام قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية التي ستجري في السابع من يونيو، وخصوصًا على الجانب الكردي. وما زال أوجلان المسجون منذ 16 عامًا على الرغم من كل شيء يتولى قيادة حزبه وأنصاره الذين يطالبونه بضمانات للتأكد من إنجاح الاتفاق. وقال جميل بايك من معقله في جبل قنديل شمال العراق: «لا بد من حل أولًا قبل نزع الأسلحة». ولا يطالب المتمردون الأكراد بالاستقلال ولكن بحكم ذاتي واسع لـ15 مليون كردي تركي يشكلون عشرين بالمائة من سكان البلاد. والشرط الآخر الذي يضعه الأكراد هو التخلي عن قانون «الأمن الداخلي» المثير للجدل الذي تجري مناقشته في البرلمان وتعتبر المعارضة أنه سيؤدي إلى خنق الحريات. واقترحت الحكومة هذا النص لتعزيز صلاحيات الشرطة بعد اضطرابات عنيفة في مناطق الأكراد على إثر رفض الحكومة التركية طلب مساعدة مدينة كوباني الكردية السورية التي كان يحاصرها الجهاديون. من جهته، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جذب الناخبين الأكراد للحصول على غالبية الثلثين في البرلمان، التي لا بد منها لإصلاح في الدستور يعزز صلاحياته كرئيس دولة. لكن مع اقتراب موعد الانتخابات اضطر للجوء إلى التشدد في خطبه إرضاء للقوميين. وقال الأسبوع الماضي: «لا وجود لمشكلة كردية». وتبنى زعيم الحزب الكردي صلاح الدين دمرتاش لهجة متشددة أيضًا متهمًا الرئيس بأنه «سلطان يوزع النعم»، ولرص صفوف مؤيديه نفى التفاوض حول «اتفاق مشين» يجعل حزبه يصوت على تعزيز صلاحيات أردوغان مقابل مزيد من الحكم الذاتي للأكراد. وبعد فشل أول في 2010 أعادت الحكومة الإسلامية المحافظة في تركيا في خريف 2012 إحياء المحادثات مع حزب العمال الكردستاني في محاولة لوضع حد للنزاع، وقد عملت هذه المرة على بدء حوار مع أوجلان الذي يمضي عقوبة السجن مدى الحياة. ومنذ مارس 2013 أمر الزعيم الانفصالي بوقف لإطلاق النار جرى احترامه بشكل عام منذ ذلك الوقت، وبعد شهرين أعلن بداية انسحاب مقاتليه إلى العراق. لكن حزب العمال الكردستاني علق هذه المبادرة بعيد ذلك متهمًا أنقرة بعدم الوفاء بالتزاماتها. ومنذ ذلك الوقت توقفت المحادثات، وفي أكتوبر 2014 نزل آلاف الشبان الأكراد إلى شوارع مدن تركية للتنديد برفض الحكومة التركية التدخل لدعم الميليشيات الكردية التي كانت تدافع عن مدينة كوباني (عين العرب) الكردية السورية التي حاصرها جهاديو تنظيم داعش قبل أن يستعيد الأكراد السيطرة عليها.
مشاركة :