قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن باريس بدأت في ملاحقة عناصر المخابرات التركية بعد أيام من إعادة فتح التحقيق في اغتيال الناشطات الكرديات. ووجه القضاء الفرنسي الاتهام للمخابرات التركية، وعادت القضية إلى الواجهة من جديد، لتسلط الأضواء على جرائم الحزب الحاكم ضد معارضيه. وتأتي التحركات الفرنسية بناء على بلاغ قدمه أقاربهن ضد “مجهولين” اتهموهم بالضلوع في عملية الاغتيال في إطار عملية إرهابية. وكان 3 من كوادر حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا لقين حتفهن رميا بالرصاص، وهن سكينة كنسيز (54 عاما) وفيدان دوغان (28 عاما) وليلى سليماز (24 عاما). وجاء اغتيال الناشطات في إطار مخطط يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقضاء على معارضيه، سواء داخل البلاد عبر التنكيل والزج بمئات الآلاف منهم في السجون، أو عبر ملاحقة الجاليات التركية خصوصا في فرنسا وألمانيا وهولندا التي تنشط فيها استخبارات أردوغان بشكل كبير. وفي مطلع 2017، اضطر القضاء الفرنسي لإغلاق الملف، عقب وفاة المشتبه به الرئيسي في القضية عمر جوناي، وهو تركي يبلغ 34 من العمر عاما، قبل شهر من موعد بدء محاكمته. ومع أن الوفاة نجمت عن مضاعفات ناتجة عن ورم في المخ، إلا أن محققين فرنسيين لم يستبعدوا احتمال أن تكون المخابرات التركية على اتصال بـ”جوناي”، والأخير كان يتصرف بناء على تعليمات منها. لكن وبعد نحو عامين من إسقاط جميع الإجراءات القضائية المتعلقة بالجريمة فُتحت باريس التحقيقات من جديد، وأسندت إلى قاضي تحقيق من وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لمكتب المدعي العام الفرنسي. وهذه المرة، يستهدف القاضي اكتشاف المسؤولية المحتملة للمخابرات التركية في جريمة الاغتيال، خصوصا أن التحقيقات سلطت الضوء قبل وفاة المشتبه به الرئيسي على علاقته بالجهاز التركي. وتأكدت الشكوك، ولو بصفة جزئية، حين قدمت أسر الضحايا شكوى في مارس/آذار 2018، أرفقوها بوثائق دعمت الشكوك، عززت أدلة أخرى قدمتها محاكم ألمانية وبلجيكية تنظر بدورها في قضايا اغتيالات أو محاولات استهدفت كوادر أكرادا في بلادهم. الصحيفة الفرنسية قالت إن وثائق أخرى دفعت القضاء الفرنسي لإعادة فتح القضية أبرزها “أمر بمهمة” صادر عن المخابرات التركية، تضمن خطة تنفيذ الجريمة بأكملها. الوثيقة نفسها أشارت إلى أن دبلوماسياً تركياً في فرنسا قد يكون أدى دورا في تنسيق عملية الاغتيال. وفي تصريحات نقلها إعلام دولي، قال أنطوان كومتي، محامي الأسر التي تقدمت بالشكوى: “هناك أمل كبير يتملك عائلات الضحايا، يجعلنا قادرين على الحديث بيقين عن الطريقة التي دبرت بها هذه الاغتيالات، تمهيدا لإدانة الأطراف المتورطة”. لوموند الفرنسية ذكرت أنه حتى وقت قريب قبل جريمة اغتيال الناشطات، لم يكن لـ”جوناي” أي صلة بالجالية الكردية في فرنسا، ما يؤكد الطرح القائل إنه جرى زرعه عمدا في صفوفها تمهيدا لاختراقها. ووفق التحقيقات، فإن جوناي سافر أكثر من مرة إلى تركيا في العام الذي سبق الاغتيال، كما أن أحاديث جرى تسجيلها له أثناء زيارته من قبل أشخاص في سجنه بفرنسا، أظهرت وجود روابط وثيقة بينه وبين عناصر من المخابرات التركية في بلجيكا وألمانيا. الشرطة الألمانية ألقت القبض على جوناي وسلمته إلى باريس، عقب هروبه إلى ألمانيا.
مشاركة :