يجسد التراث العمراني في منطقة نجران ثقافة الفرد، والمجتمع، فهو المُعبر الصادق عن الإنجازات الفكرية المتجسدة في المباني والمدن التاريخية والمواقع الأثرية، ويمثل الرمز المادي والدلالة التي تبرز تاريخ المنطقة وتراثها الحضاري والعمراني تاريخيًا وثقافيًا وفنيًا. ويعد هذا الموروث هو المحرك والمؤثر في وجدان المجتمع وبالتالي تستقي منه الأجيال موروثها، وانتماءها الحضاري، بشكل يعزز الناحية الثقافية، حيث يعد التراث العمراني في مدينة نجران من المنظور التاريخي كغيره من مدن المملكة الأخرى كنزًا حضاريًا ثمينًا، فهو الشاهد على الإبداع الإنساني ورؤاه الفنية ويعمل على إبرازعناصر الفن والجمال والتميز والإبداع والأصالة، ويعكس جانبًا مهمًا من جوانب الهوية الوطنية، وذلك من خلال إبراز الدور التاريخي وأصالته. ويتنوع الطراز المعماري لبيوت الطين في منطقة نجران في عدد من الأشكال المعمارية منها «المشولق» ويتكون من طابقين إلى ثلاثة وتطل جميع غرفه على المدخل الرئيس. أما «المربع» و»القصبة» فتبنى بشكل دائري حيث تكون القاعدة أكبر وتضيق الدائرة كلما ارتفع للأعلى وتكون بالعادة في زوايا البيت للحماية. فيما يتكون «المقدم» عادة من ثلاثة طوابق وحوش، ويستخدم الطابق الأرضي منه كمجلس وغرف للتخزين. أما المواد الأولية التي تستخدم في البناء فهي الطين وجذوع وسعف النخل والأثل إضافة إلى استخدام خشب السدر في صناعة الأبواب والنوافذ. ويبدأ البناء لبيوت الطين بوضع الأساس المسمى «وثر» وهو من الحجارة والطين، ثم يبدأ بوضع المدماك الأول وبعد الانتهاء منه يترك لمدة يوم حتى يجف وذلك في الصيف أما في الشتاء فيترك يومين أو ثلاثة ثم يقام المدماك الثاني وهكذا حتى يتم البناء وبعد الانتهاء، تتم عملية «الصماخ» وهو لياسة السقف من أسفل بالطين، والسقف عبارة عن خشب من جذوع وسعف النخيل وأشجار الأثل أو السدر وبعد 15 يومًا يتم البدء بما يُسمى «القضاض» من الجير الأبيض ثم تتم عملية «التعسيف» وهو عملية الدرج والتلييس بالطين بعد ذلك تأتي العمليات الجمالية الإضافية للمباني من الداخل والخارج، ومن الجميل والملفت في ذلك بأن بيوت الطين كانت في منطقة نجران تسمى قديمًا بأسماء معروفة وعلى سبيل المثل (قصر سعدان، مستور، واسط،...). وأوضح مدير فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بنجران صالح آل مريح أن التراث العمراني في منطقة نجران يحظى بالاهتمام والمتابعة من سمو رئيس هيئة السياحة والآثار، وسمو أميرمنطقة نجران، وذلك من خلال المحافظة على التراث العمراني وتنميته بما يضمه من أحياء وقرى ومبانٍ وحرف وصناعات تقليدية ومعالم تاريخية والعمل على توظيفها ثقافيًا واقتصاديًا، مشيرًا إلى أن منطقة نجران تحتضن العديد من البيوت الطينية ذات الطابع التراثي العريق. مبينًا أن هيئة السياحة تسعى للمحافظة على التراث بكافة أشكاله وتشجع الأجيال على الاهتمام به، ويبرز ذلك حاليًا في مهرجان «كلنا نحب التراث» الذي يقام في منتزه الملك فهد بمدينة نجران ويلقى إقبالًا متزايدًا من الزوار من داخل المنطقة وخارجها. المزيد من الصور :
مشاركة :