خابت ظنون قيادات حزب العمال اليساري، في استقطاب دعم سياسي من طرف الفاعلين في الطبقة الحزبية والمجتمع المدني، لدعم زعيمته لويزة حنون، الموجودة رهن الحبس المؤقت بقرار من القضاء العسكري بمدينة البليدة، وذلك بعد الوقفة المحتشمة التي انتظمت بوسط العاصمة، حيث غابت عنها رموز النضال السياسي، رغم حالة الحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد منذ ثلاثة أشهر. وينتظر أن تمثل حنون نهار اليوم الاثنين، بالمحكمة العسكرية في البليدة، مجددا أمام القضاء العسكري، بعد الطعن الذي تقدم به فريق الدفاع لدى المحكمة، من أجل إعادة النظر في التهم المنسوبة إلى رئيسة الحزب المحبوسة مؤقتا، والتي تتمحور حول مشاركتها في لقاءات سرية كانت تستهدف سلطة الجيش والدولة. وفتحت قيادات حزب العمال حملة تضامنية مع زعيمتهم، لكنها لم تحقق الرواج المأمول لدى الرأي العام لأسباب متضاربة، بحسب متابعين لقضية الزعيمة السياسية المحبوسة، ولو أنهم أجمعوا على أن حبس حنون خلف حالة من الارتباك والخوف لدى الطبقة السياسية في البلاد. ويقول هؤلاء إن حالة الالتباس لم تتوضح إلى حد الآن، حيث لم يتبين للمراقبين خط التماس بين الحق في النشاط السياسي، وبين خضوع الجميع للقانون وللمساءلة في حال ارتكاب الجرم. ومع ذلك كانت عدة أحزاب سياسية ومنظمات ونقابات، قد أعربت عن تضامنها مع حنون، في ما وصفته بـ”تصفية الحسابات السياسية بين القوى الضاغطة في النظام”، وفي ما حذرت منه على أنه خطر داهم يهدد الممارسة السياسية في البلاد، بعد الصدى المخيف الذي خلفه حبس لويزة حنون. إلا أن الوقفة المحتشمة التي نظمها الحزب للتضامن مع حنون، والتردد لدى الطبقة السياسية والمجتمع المدني في دعم السياسية المحبوسة، استحضرا المواقف القديمة والعلاقات المشبوهة للمرأة مع بعض أجهزة النظام، مع جهاز الاستخبارات السابق، والتي لا زالت تلاحق المرأة حتى وهي في أسوأ ظروفها.واعترف المحامي رشيد خان، لأول مرة، بأن لويزة حنون، التقت في ذروة الحراك الشعبي بالمدير السابق لجهاز الاستخبارات المنحل الجنرال المتقاعد محمد مدين (توفيق)، وشقيق ومستشار رئيس الجمهورية السابق سعيد بوتفليقة، في إحدى الإقامات الرسمية للدولة، لبحث التطورات التي تعيشها البلاد. وقال في منشور له على صفحته الرسمية في الفيسبوك “تنويرا للرأي العام أحيط الجميع علما، بان لويزة حنون، حضرت لقاء تشاوريا فقط، بحضور كل من مستشار الرئيس السابق سعيد بوتفليقة بالإقامة الرسمية (دار العافية) التابعة للدولة، وهذا في مساء السابع والعشرين من مارس 2019، حيث دام اللقاء قرابة ساعة واحدة، وكان موضوع اللقاء التشاوري إبداء الرأي عمّا يحدث في الساحة السياسية، وكانت تعتقد حينها أن اللقاء يحمل طابعا رسميا ويحمل موافقة رئيس الجمهورية، وإلا كيف يفسر فقط في خلال ساعة واحدة أن ترتكب كل هذه الأفعال، والتي تشكل تهما ثقيلة تؤدي إلى الحكم بالإعدام”. وأضاف المحامي “أثناء زيارتي لها في السجن صرحت لي بأنها متفاجئة من هذا الاتهام نظرا لكونها أدت واجبها فقط، باعتبارها مسؤولة سياسية لحزب معتمد، وباعتبارها نائبة برلمانية يخول لها الدستور تمثيل الشعب أمام مختلف الجهات الرسمية، وهو ما قامت به فعلا”. Thumbnail وتابع “صرحت لي.. أنه من مسؤوليتي في ظل الظروف الراهنة إيجاد مخرج للوضع الراهن، ولا يمكن أن أتصور أنه يمكن تجريم عمل سياسي محض، ولم أكن أتصور أنه في سنة 2019 تهان مسؤولة حزبية بمجرد أنها قدمت مساهمة سياسية، علما أنها التقت في وقت سابق وبالضبط سنة 2014 بالسيد نائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي”. ولفت المحامي إلى أن لويزة حنون، تعتبر نفسها معتقلة سياسية، وأن الذنب الوحيد الذي ارتكبته هو أداء مهامها السياسية المفروضة عليها، وواجبها الذي يلزمها بالحفاظ على تكامل الدول وتفادي أي انزلاق. ومع ذلك لم تتم الإشارة إلى مناطق الظل في علاقة رئيسة حزب العمال بالمدير السابق لجهاز الاستخبارات المنحل الجنرال (توفيق)، لاسيما وأن عملية التوقيف جاءت في أعقاب تصريحات جريئة للويزة حنون، أشادت فيها برمزية قائد الاستخبارات السابق، ووجهت انتقادات لاذعة لقائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح. وكان المئات من الناشطين السياسيين والنقابيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في فرنسا، قد وقعوا الأسبوع المنقضي عريضة من أجل الإطلاق الفوري لسراح حنون، وهو ما شكل حرجا لدى النخب السياسية والنقابية والحقوقية في الجزائر، بحسب تصريح رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان المتضامن مع رئيسة حزب العمال. ومن بين الشخصيات الفرنسية التي وقعت على النداء الموجه للسلطات الجزائرية لإطلاق سراح زعيمة حزب العمال دون قيد أو شرط، رئيس الوزراء السابق جان مارك آيرولت، وزعيم حزب فرنسا الأبية اليساري الراديكالي جان لوك ميلنشون، والأمين العام للكنفيدرالية العامة للشغل فيليب مارتينيز، والرئيس الشرفي لرابطة حقوق الإنسان المحامي هنري لوكلير.
مشاركة :