اليمين الشعبوي يتوعد باجتياح البرلمان الأوروبي

  • 5/20/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

احتشدت أحزاب قومية ويمينية متطرفة من شتى أنحاء أوروبا بقيادة ماتيو سالفيني نائب رئيس وزراء إيطاليا، السبت، متعهدة بإعادة تشكيل القارة الأوروبية بعد انتخابات البرلمان الأوروبي التي تجري هذا الأسبوع. ويشعر سالفيني زعيم حزب الرابطة بالثقة في أن تحالفه الذي تشكل حديثا سيفوز بعدد قياسي من المقاعد في الانتخابات التي تجري في الفترة من 23 إلى 26 مايو، وسينجح في اجتياح البرلمان الأوروبي، مما سيعطيه صوتا قويا في تحديد كيفية إدارة الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة خلال السنوات الخمس المقبلة. لكن شابت هذا التجمع أمام الكاتدرائية القوطية في مدينة ميلانو الإيطالية فضيحة شملت أحد أبرز حلفاء سالفيني وهو حزب الحرية النمساوي الذي استقال زعيمه من منصب نائب المستشار بعد بث شريط فيديو له يظهر فيه وهو يعرض عقودا حكومية مقابل الحصول على دعم سياسي. وتعليقا على هذه الحادثة دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أوروبا إلى التصدي للأحزاب اليمينية المتطرفة، قائلة إن “الحركات الشعبوية تريد تدمير قيم أوروبا الأساسية مثل مكافحة الفساد وحماية الأقليات”. ولئن بدت الأحزاب المشككة في جدوى الوحدة الأوروبية بعيدة عن تحقيق أغلبية، كما تفيد استطلاعات الرأي، فإنها يمكن أن تساهم في تغيير التوازنات التاريخية في البرلمان الأوروبي الذي تهيمن عليه منذ 1979 وبلا انقطاع تقريبا، أحزاب اليمين واليسار المؤيدة لأوروبا. وعلى الرغم من اضطرار حزب الحرية النمساوي إلى الغياب عن احتشاد أحزاب اليمين المتطرف في ميلانو فإن أحزابا من 11 دولة شاركت من بينها حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب البديل من أجل ألمانيا وحزب الحرية الهولندي المناهض للإسلام. لعبة التحالفاتاعتبرت مارين لوبان زعيمة حزب التجمع الوطني أن “هذه لحظة تاريخية”. وينوي سالفيني ولوبان إرساء تحالف بين هذه الأحزاب التي لا تزال منقسمة بشأن مسائل مثل الانضباط في مستوى الميزانية وتوزيع المهاجرين الموجودين في دول الاتحاد الأوروبي، أو حتى بشأن روسيا، التي يُعتبر حزب الرابطة والتجمع الوطني الفرنسي قريبين منها. وهدفهما هو جعل كتلة أوروبا الأمم والحريات التي تضم أصلا الرابطة والتجمع الوطني وحزب الحرية النمساوي وحزب مصلحة الفلامنك الهولندي، ثالث كتلة في البرلمان الأوروبي، وهي مرتبة ينافس عليها أيضا تحالف الديمقراطيين والليبراليين لأجل أوروبا الذي يمكن أن يضم النواب الفرنسيين من تيار الرئيس إيمانويل ماكرون. وفي حالة توحد الأحزاب الشعبوية يتعذر التكهن بتداعيات هذا التطور على الاتحاد الأوروبي، ومن الممكن لمثل هذا التجمع أن يصبح أكبر كتلة برلمانية، وإذا حدث ذلك فإن منتقدي الاتحاد الأوروبي سيتولون أرفع المناصب في بروكسل. وستكون لعبة التحالفات هذه حاسمة في تحديد من سيترأس مؤسسات التكتل الأوروبي مستقبلا واختيار خلف لرئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وهي لعبة ستنطلق وتتسارع منذ اليوم الأول لانتخاب البرلمان الجديد. وقد سبق لسالفيني أن أثار بالفعل احتمالات أن يتولى منصب رئيس المفوضية الأوروبية، حيث صرح لصحيفة “ريبوبليكا” الإيطالية بأن “أصدقاء في العديد من الدول الأوروبية يطالبون بذلك”. ومن المنتظر أن يبدأ الاختراق المتوقع للأحزاب الشعبوية في القارة الأوروبية الخميس في هولندا حيث يتصدر حزب المنتدى من أجل الديمقراطية المناهض للهجرة وقضايا البيئة، الاستطلاعات. وسيكون الناخبون الهولنديون مع البريطانيين أول من يصوت لانتخاب ممثليهم في البرلمان الأوروبي. ومن أبرز السياسيين حاليا في هولندا تييري بوديه الذي يقول إنه “مؤيد لأوروبا لكن ضد الاتحاد الأوروبي”. ويتوقع أن يكون حزبه المنتدى من أجل الديمقراطية أكبر الفائزين في الاقتراع الأوروبي في هذا البلد. كما يتوقع أن تحقق الأحزاب المؤيدة لأوروبا، على غرار حزب الليبراليين بزعامة رئيس الوزراء والديمقراطيين وأنصار البيئة، نتائج جيدة وتحتفظ بمقاعدها احتفاظا متفاوتا. لكن النجاح المتوقع لحزب المنتدى من أجل الديمقراطية المناهض لليورو والمعارض بشدة لسياسة الهجرة الأوروبية المشتركة، سيشكل مؤشرا على ما سيحدث في القارة، بحسب محللين. وقال كلايس دو فريسي أستاذ العلوم السياسية في جامعة أمستردام “إن ما يجري في هولندا يجري في باقي أوروبا”. وبوديه المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل خصوصا بشأن الهجرة والنساء والانتقال البيئي هو الاكتشاف السياسي لهذه السنة في هولندا. في مقابل ذلك يفقد غيرت فيلدرز -النائب اليميني المعادي للمسلمين وحليف مارين لوبان- شعبيته. وضوح شعبويفي هولندا كما في باقي أوروبا يحتاج الناخبون “الضائعون” -بشأن طرق تسيير الاتحاد الأوروبي ودوره- إلى الوضوح. ولاحظت ايمي فيردون أستاذة السياسة الأوروبية في جامعة ليدن (وسط) أن “أوروبا كانت لفترة طويلة شأنا تقنيا جدا والكثير من الناس لم يفهموه. والشعبويون يبسطون الأمور”. وتابعت “مع عباراتهم الواضحة والبسيطة يجعلون الاتحاد الأوروبي مفهوما لدى المواطن” متوقعة نتائج جيدة “للأحزاب التي لديها سياسة قوية حيال أوروبا سواء ضد الاتحاد الأوروبي أو معه”. من جهة أخرى، نجم عن النضال من أجل البيئة تباين من نوع آخر تقدم على الخلاف التقليدي بين اليمين واليسار. وأضافت فيردون “بات الناس أكثر تطرفا، ويريدون إما منح أهمية أكثر بكثير للبيئة، أو يقولون بوضوح إن الدولة لا دخل لها في الأمر، إذا رغبت في الاستمرار في الطبخ بالغاز، يجب أن يكون ذلك متاحا”. وتزيد هذه المخاوف من حظوظ الشعبويين الذين يركزون على هذه القضايا. لكنهم إذا لم يتحدوا في البرلمان الأوروبي فلن يتحول نجاحهم على المستوى الوطني إلى نجاح أوروبي وقد كسبوا الكثير من المقاعد في الانتخابات الأوروبية السابقة، غير أنهم لم ينجحوا أبدا في الاتحاد.

مشاركة :