لندن: فاضل السلطاني قرار الأكاديمية السويدية بمنح جائزتها للآداب 2013 لكاتبة القصة القصيرة الكندية أليس مونرو هو، كما يقال «ضربة معلم»، ليس لأنها تستحقها فقط، بل لأنه قرار يعيد الاعتبار لفن القصة القصيرة النبيل، والصعب حقا، بعدما هجره الكثيرون إلى الرواية والشعر، وكأنهم يقللون من شأنه. تبلغ مونرو من العمر 82 سنة، وهي المرأة الثالثة عشرة التي تفوز بهذه الجائزة منذ تأسيسها عام 1901، وأول مواطن كندي يفوز بها. بدأت مونرو كتابة القصة القصيرة في وقت متأخر نسبيا، حين بلغت السابعة والثلاثين، بعدما حاولت كتابة الرواية من دون نجاح. فنشرت مجموعتها القصصية «رقصة الظلال السعيدة»، ثم «قريبا»، 1969، و«حياة الفتيات والنساء»، 1971، لتتوالى أعمالها التي استحقت عنها جوائز عديدة. ومن هذه الجوائز جائزة مان بوكر الدولية، التي تمنح لمجمل أعمال الكاتب، وليس لرواية واحدة كما في مان بوكر البريطانية، كما فازت بجائزة «الحاكم العام» ثلاث مرات. واعتبر النقاد مونرو منذ فترة طويلة من أفضل كتاب القصة القصيرة، التي انحسرت، وقل كتابها على المستوى العالمي لصالح الرواية، وغالبا ما قورنت بأنطوان تشيخوف الروسي، أحد أفضل كتاب القصة القصيرة في كل تاريخها. لكنها أعلنت في الفترة الأخيرة عن رغبتها في اعتزال الكتابة «لأن هناك في حياة الإنسان مرحلة يفكر فيها بشكل آخر». تمتاز أعمال مونرو بالتقاطاتها الصغيرة الذكية، وخاصة في ما يتعلق بالعالم النسائي، برهافته ورقته وعذاباته وصراعاته أيضا في الأسرة الصغيرة والبلدات الهامشية والمجتمع عموما، مازجة السخرية بالتراجيديا، كما في «الهاربة» و«أقمار جوبيتر» وغيرهما. والأرضية الأساسية التي تستند إليها في كتاباتها هي مسقط رأسها أونتاريو، الواقعة في الجنوب الغربي من كندا، لتنطلق منها إلى العام والشامل، عاكسة تعقيدات حياتنا المعاصرة، بأسلوب بسيط يذكرنا بأسلوب تشيخوف، وبمعالجته القصصية أيضا، ومن هنا أطلق عليها النقاد لقب «تشيخوف كندا». إنها مثل تشيخوف، كما يقول الناقد غاران هولكمب، تبني كل شيء على لحظة اكتشاف، على إدراك مفاجئ، أو على تفصيل دقيق كاشف. وقد تبدو الموضوعات التي تعالجها مونرو محدودة جدا: الحب والعمل، ثم الفشل في كليهما، لكنها غالبا ما تصعد هذين الموضوعين إلى مستوى المطلق، عبر إدخالها عنصر الزمن، كما عند تشيخوف، هذا الزمن الذي لا يمكن التحكم به، أو إيقافه، عن جريانه الأبدي، وعن انقلاباته غير المتوقعة. في قصصها المبكرة خاصة، نلمس التأثير المدمر للزمن عبر حيوات شخصياتها النسائية، المحبوسة في بيئاتها الضيقة، في مواجهة يائسة مع مرور الحياة من دون معنى محدد. وفي أعمالها الأخيرة، كما في «الكراهية» و«الصداقة» و«المحبة» و«الزواج» و«الهروب» ركزت على الأشياء الصغيرة عديمة الفائدة في حيوات شخصيات نسائية في منتصف العمر، أو الشيخوخة، كاشفة، في الوقت نفسه، عن تعقيدات الحياة التي قد نراها في غمرة انشغالاتنا الحياتية. وهي بذلك، كما يلاحظ الناقد روبرت ثاكر، «تخلق اتحادا عاطفيا بين مثل هذه الشخصيات والقارئ.. ليس عبر المحاكاة، أو عبر ما يسمى بالواقعية، بل عبر الشعور بالذات.. الشعور بكونك إنسانا». ولدت أليس آن ليدلو في العاشر من يوليو (تموز) 1931، في وينغهام، مقاطعة أونتاريو، بكندا, لأب مزارع وأم معلمة. عملت كنادلة، ثم موظفة مكتبة أثناء دراستها في جامعة «وسترن أونتاريو»، لكن تركت الجامعة عام 1949. تزوجت عام 1951 من جيمس مونرو، وانتقلا للعيش في فيكتوريا، حيث افتتحا محلا لبيع الكتب باسم «كتب مونرو»، لكنهما انفصلا عام 1972. وتزوجت عام 1976 من الجغرافي غيرالد فيرملين، لكنها ظلت محتفظة باسم زوجها الأول. وانتقل الزوجان للعيش في «كلينتون»، حيث لا تزال تعيش وحيدة بعدما توفي زوجها الثاني في أبريل (نيسان) من هذا العام.
مشاركة :