من مجلس الفيصل .. المنهج الخفي

  • 3/23/2015
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

بعد عودته الميمونة لأم القرى وما حولها فتح الأمير خالد الفيصل قلبه قبل مجلسه ليجمع المثقفين والمفكرين في حوار هادىء رصين طرحت فيه الآراء وتبادلت الأفكار، لصالح الوطن وأهله، لفت انتباهي ما قاله الفيصل أنه قبل ربع قرن من الزمان كان له الفضل في كشف المنهج الخفي الذي هو أخطر منهج أضاع أبناءنا وليس المدارس ولا المقررات ولكن هذا المنهج الذي يدرس خارج الحصة الرسمية ويمارس فيه بعض المعلمين دورهم كمحفزين على الجهاد المتفلت والعداء للآخرين (وقد حاربته لأنه هو سبب ما نحن فيه)، قد عاد هذا المنهج مرة أخرى للظهـور عن طريق المخيمات الدعوية بعد أن تم تضييق الخناق عليه في المدارس. ففي خبر تداولته صحفنا المحلية أن 350 شابا أعلنوا توبتهم وندمهم أمام الحضور صاعدين إلى المسرح لتصحيح سلوكهم الخاطئ معلنين ندمهم وتوبتهم وسط دموعهم وسجودهم على الأرض، أرفقت مع الخبر صورة طفل لا يتجاوز العاشرة من عمره ساجدا على الأرض بين أقدام المتفرجين وذلك داخل أحد المخيمات الدعوية. عودة هذه المخيمات إلى المشهد الاجتماعي بخطابها المتشدد والمتطرف في طرحه، لا يتماشى وتوجه الدولة الذي يحث على الاعتدال والوسطية ونبذ التطرف والغلو والتجييش ضد الآخر، ومن المفترض أن يكرس الخطاب الدعوي جهده على فضح فكرة الجهاد المتفلت وتجارة دعاته الذين يخرجون أولادنا إلى مناطق القتال يلوون أعناق الآيات والأحاديث لصالحهم يزرعون في عقولهم الصغيرة أن جهادهم واجب تحفه الملائكة وترعاه الحور العين. لابد من فضحهم وأنهم تجار دم يبيعون أولادنا ويقدمونهم قربانا رخيصا يجبرونهم على تفخيخ أنفسهم لتفجير الأبرياء وما مناطق القتال من حولنا إلا شاهد حال.. فما أحوجنا في هذه الفترة بالذات إلى التركيز على خطورة الجماعات الإرهابية، وتحذير الشباب منهم وبيان أخطائهم ودحض حججهم الزائفة. إن إعلان التوبة بشكل جماعي وعلى مسائل خلافية وما يصاحبها من بكاء وتكبير وتصويرها على وسائل التواصل الاجتماعي هي بدعة لا وجود لها في دين الله، يقول الحق «وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات». وليس في مكان عام فالتوبة الصادقة هي التي تكون بين العبد وربه لا رياء فيها ولا مباهاة ولا استعراض أمام الناس، فالتوبة الحقيقية تكون في الخفاء يحفها الستر بين العبد وربه فهي عبادة قائمة بذاتها، فالإخلاص في العبادة أمر واجب ومحتم على المسلم والعبادة متى استعرض بأدائها فقدت مضمونها والغرض منها. ذكرت الحياة 18945، أن طفلا تائبا في مخيم دعوي يتحول إلى مقاتل في سوريا وأن مقطع الطفل الذي وقف بين الحاضرين في أحد المخيمات الدعوية وهو لم يتجاوز العاشرة ليعلن عن نفسه كأول تائب لم يكن جديدا على من خبر وعلم كيف تقدم المحاضرات الوعظية في المخيمات. كما لم يكن مدهشا انهيار الطفلة غيداء، في مقطع لها، وهي تتحدث عن التوبة بعد وجبة «دسمة» قدمت لها، حول وفاة امرأة، وهي تستمع للموسيقى وترقص، وأنها لم تدفن في المقبرة، لأنها «كافرة»، وقوبل ذلك بالتكبير والاحتفاء من منظمي المخيم. هؤلاء الأطفال، وعشرات آخرون انتشرت مقاطعهم المصورة، التي أعلنوا خلالها «توبتهم» من المعاصي. في أفكار صحوية مقيتة بعيدا عن التوجه الرسمي للدولة وخطوات الحوار الوطني الواثقة لمجتمع أفضل ومشروع الملك سلمان للتنمية الثقافية والتي طرحت في ندوة بمعرض الكتاب وغيرها. يقول سلطان (14 عاما) انضممت إلى مجموعة دعوية في مدرستي، بعد أن أفهمني المدرس أني «عاصي ومهدد بالخلود في النار»، والسبب عشقي لأغاني عبادي الجوهر، وأشجع نادي الهلال. وأن ذلك معصية تهوي به في النار، فأعلن توبته على الملأ، وأتلف أشرطته ووزع منشورا يحرم «النظر إلى لاعبي كرة القدم وعوراتهم مكشوفة»، مؤثرا على زملائه، لإعلان توبتهم مثله أيضا، والقيام بجولات «احتسابية». وغاب سلطان عن الأنظار متوقعين أنه في «رحلة دعوية كعادته»، مستفيدا من فكرة «الشحن وعذاب القبر» التي دفعته لإعلان توبته، بعد أن تم تطويرها، لتصبح مصحوبة بأدوات مرئية وصوتية قادرة على التأثير أكثر. ليتضح أنه سافر للعراق متسللا، إلا أنه تم القبض عليه. وخرج سلطان من السجن، ليجد كل شيء من حوله تغير، إلا خطاب «الشحن» للتنفير من الحياة، وتشجيع النفس على الموت الذي تقدمه المخيمات الدعوية ولكن على شكل مخيمات صغيرة متنقلة، تقدم الخطاب ذاته. وحزم سلطان حقائبه إلى سوريا، واستطاع أن يعبر، لتعبر معه أفكاره التي حملها معه. قبل أيام أطلت علينا وسائل التواصل الاجتماعي لشخص مهدد «من يخالف مطالبنا فهو في مرمى أسلحتنا» متبنيا فكر داعش هو نفسه، هذا الداعشي كان يحاضر في أحد هذه المخيمات. صورا كدنا أن ننساها لتظهـر ثانية بآلامها وذكرياتها لشباب غسلت أدمغتهم وأحرقت بنار تشددها قلوب آباء وأمهات غـرر بأبنائهم. لا نريد عودة هذه الصحوة ولا نضيق صبرا على أدواتها وما سببته لنا من ألم ووجع في قلوبنا. لابد من وقف هذه المخيمات وما يدور فيها فنحن لا نحتاجها، لدينا مقررات الدولة ومدارسها ففيها الخير والكفاية. ولطرح قادم من مجلس الفيصل.. حفظ الله بلادنا من كل مكروه.

مشاركة :