لو احتفينا بها كل أيام السنة لا نوفيها حقها، هي الأم وما يحمله ذلك الاسم من معانٍ ومشاعر وأحاسيس جميلة تعجز الكلمات والهدايا والعبارات والاحتفالات أن ترد لها ولو جزءاً يسيرًا من حبها وعطائها وتضحياتها التي لا تنضب ما دام بها عرق ينبض. احتفل العالم «بعيد الأم» الذي يوافق 21 مارس واستقبلنا فيه رسائل التهاني والتبريكات وسمعنا الأغاني التي صدحت تمجيداً لها والأشعار التي نظمت تعظيماً لدورها ومكانتها، وقد لامس أولادنا «أكبادنا التي تمشي على الأرض» قلوبنا باحتفائهم بِنَا، وأكاد: أجزم بأن أنهاراً من الدموع انهملت من عيون الأمهات في ذلك اليوم، فرحين بأبنائهم، سعيدات بالمبادرات التي قدمت إليهن في ذلك اليوم المعبرة عن حب الأبناء وعطفهم وبرهم، لقد أسهموا ولو بلفتات بسيطة وعبروا عن امتنانهم لعطائها اللامحدود. في هذا اليوم من كل سنة، لنحاول أن نرد لها ولو جزءاً بسيطاً من جميلها ونعيد إليها اعتبارها، ليس فقط بالهدايا والتبريكات والعبارات والاحتفالات فقط بل بالممارسات التي تحمل جميل المعاني. أقل هذه الجمائل التي نستطيع أن نسهم في ردها إليها بعد أن سلبت منها هي» الفخر والاعتزاز باسمها» وترديده أمام الجميع بدون أي شعور بالخجل أو العيب أو النقص. المرأة في مجتمعنا العربي ما زالت تقاسي من سلب حقوقها وأول هذه الحقوق سلبها اسمها، فيستحي الابن مثلاً من التصريح باسم أمه أمام الناس، ففي مجتمعنا السعودي مثلاً المرأة هي «كريمة فلان ابن فلان» قبل أن تتزوج، وبعد الزواج ونقل ولايتها من الأب للزوج تصبح «حرم فلان ابن فلان»، وعند زوجها قبل أن تنجب يصبح اسمها «الأهل» إلى أن تلد الابن الأول فتكرم وتصبح «أم فلان». نعيب دوماً على الثقافة الغربية في تنازل المرأة عن اسم عائلتها وانضمامها لاسم زوجها وعائلته ونفتخر بأن الإسلام كرمنا في الاعتزاز باسمنا واسم عائلاتنا والاحتفاظ به بزواج أو بدونه، ولكن تظهر التناقضات عند الخجل من ذكر الاسم، تظهر جلياً هذه الظاهرة «ثقافة الخجل من إظهار اسم المرأة» في بطاقات دعوات الزواج، ففي الغالب يكتب عبارة «زفاف كريمتنا» ولا يذكر اسم المرأة إلا ما ندر أو في البطاقات الخاصة بدعوات النساء فقط. في اللاوعي يشب الابن فلا يسمع تداولاً لاسم والدته متعرضاً بشكل مستمر لتلك الثقافة البائسة التي تستحي من ذكر اسم أمه! ماذا نتوقع منه سوى أن يستحي هو الآخر من ذكر اسمها واعتباره عيباً. لقد باتت تلك الثقافة جلية بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي واطلاعنا عليها من خلال مقاطع للفيديو مسجلة، يسأل فيها المذيع مجموعة من الشباب عن أسماء أمهاتهم، لقد كانت ردودهم متباينة، ولكن اللافت أن الغالبية كانوا يخشون من ذكر اسم أمهم من باب «العيب»!!. مبادرة جميلة أطلقتها «هيئة الأمم المتحدة للمرأة» بمناسبة «عيد الأم» في هذه السنة 2015، في هيئة حملة على تويتر وهاشتاق بمسمى «اسم أمي هو» وتم أيضاً من ضمن الحملة إطلاق فيديو باسم «أعد للأم اسمها»، لقد تم مشاهدة الفيديو أكثر من 22000 مرة في أقل من يوم لإطلاق الحملة «يوم عيد الأم». لقد لاقى الهاشتاق والفيديو المرافق تفاعلاً كبيراً يبشر بسطوع نجم جيل من الشباب العربي الداعم للمرأة وتمكينها ابتداءً من الاعتراف والاعتزاز بكيانها والفخر باسمها المستخدم غالباً في الشهادات الرسمية وشهادات الولادة والوفيات وانتهاءً بمساندتها والوقوف بجانبها في استرجاع كامل أهليتها.
مشاركة :