المصائب والكدر والحزن والألم والضيق أمور لا تكاد تخلو منها أسرة مع تفاوت الضيق والأسى بين شخص وآخر وبين أسرة وأخرى، ومن نعم الله أن نجد مع كل عسر هناك يسر يتبعه والحمدلله وعليه تتبدل الأمور وتنجلي الأحزان وكما يقال دوام الحال من المحال، ما يحز في النفس أن هناك أفرادا في المجتمع أبرياء لكن منبوذون وتبقى مصائبهم ملازمة وآلامهم تزداد عمقا وأسى مع مرور الزمن كل ذنبهم انهم (مجهولو الابوين)!. ينقل لي زميل عن احدى قريباته عملت في فريق عمل في احد المؤتمرات، « تقول كان معها خمس فتيات في المجموعة ومن بينهن فتاة في العشرين من عمرها كانت متقدة حيوية ومحبوبة من الجميع وتقول مع الأيام تكونت بيني وبينها علاقة اخت لاختها وفي يوم من الأيام كنا في فترة الاستراحة وكان الحديث عن الأم وفضلها رمقتها دون أن تعلم منزوية تبكي بحرقة وألم وبحكم انني أقرب المجموعة لها عرفت فيما بعد أنها من دار الأيتام (لقيطة)، ومع الأيام أصبحنا نتحدث عن الدار وأهلها وكيف مستوى الخدمات المقدمة في الدار وما توفره لهن الدولة من برامج وتطوير إلى آخره، كانت اجاباتها ايجابية حول الخدمات ولكن انصدمت من اجاباتها حول تعامل بعض الموظفات المنزوعة الرحمة من قلوبهن عندما قالت المؤلم في الدار ليس الخدمات ولكن ما يصدر من تصرفات من بعض موظفات الدار ممن افتقدن الانسانية في تعاملهن معنا، تجدهن مع أي تصرف نعمله ينعتوننا بألقاب وأسماء تسم البدن روحو يا (بنات ........؟!)» قبل أن نعتب على هذه العينة من الموظفات، علينا أن نعتب على المجتمع ونعترف بأننا سبب في وجود بعض العقليات وعليه لا بد أن نعمل جاهدين على تصحيح مفاهيمنا بما فيها أمثالنا والحكم حول هؤلاء الذين لا ذنب لهم، ألم يحن الوقت أن نعيد حساباتنا في التعامل مع ابنائنا وبناتنا واخواننا واخواتنا ممن شاء الله أن يوجدوا بيننا (مجهولي الأبوين) نتيجة غلطة غيرهم، وش ذنبهم تبقى تلاحقهم لعنة الاحتقار والتندر ليل نهار حتى الأمثلة الدارجة لم يسلموا منها! ألم نتعود على سماع المثل التالي في المسلسلات والأفلام وفي حياتنا اليومية عندما نقول (العشرة ما تهون إلا على ابن الحرام)، أليس من الظلم أن نتداول هذا المثل؟!! هل عملنا معهم وهل عاشرناهم حتى نحكم عليهم ؟ عن نفسي تعرفت على أكثر من أخ وأخت بحكم عملي في التطوع من هذه الفئة، وبكل صدق وجدتهم قمة في الخلق والتعامل وكلما تقربت منهم أكثر أشعر ما بدواخلهم من حزن دفين وهموم تهد الجبال! كان الله بعونهم. وهنا أقول (حرام نقول ما تهون العشرة إلا على ابن الحرام). انصح كل من يريد أن يتعرف على حياة مجهولي الأبوين عن قرب وكأنه عايشهم أن يقتني كتاب (سعودي ولكن لقيط) للمؤلف الأخ سمير لما فيه من قصص مبكية وواقعية وجميلة فيها من الوفاء والبطولة والعاطفة الكثير والمثير وروعة الكتاب تكمن في مصداقية المؤلف، أخيرا - أهمس في أذن كل مجهولي الأبوين كلكم على رؤوسنا من فوق ولكم كل الحب والتقدير وما ينتقصكم إلا ناقص عقل ومروءة. مستشار تدريب وتطوير
مشاركة :