هل تخسر إيران الحرب قبل أن تبدأ ؟

  • 5/20/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

د. علي حسين باكير – بالرغم من تزايد الدعوات الى التهدئة واحتواء التصعيد الجاري بين أميركا وإيران، فإنّ احتمالات احتدام الصراع بين الطرفين لا تزال قائمة. وفي ظل التشنّج المخيّم على المشهد والحرب الكلامية الجارية بين الطرفين، فإنّ إمكانية نشوب حرب بالخطأ تبقى موجودة كذلك. المسؤولون الإيرانيون يعتقدون أنّ قدراتهم العسكرية هي التي تردع الولايات المتّحدة عن مهاجمتهم. وفي هذا السياق، قال السفير الايراني في الكويت لصحيفة الراي «إنّ الحرب لو وقعت، فإنّها ستحرق الأخضر واليابس في المنطقة»، بدوره حذر محمد صالح جوكار نائب قائد الحرس الثوري للشؤون البرلمانية من ان الصواريخ الإيرانية القصيرة المدى يمكنها الوصول للسفن الحربية الأميركية في الخليج. وكانت الولايات المتّحدة قد أرسلت حاملة الطائرات ابراهام لينكولن والمجموعة الضاربة المرافقة لها الى الخليج العربي كما عزّزت من عدد القاذفات في القيادة المركزية الاميركية في المنطقة، إضافة الى إعادة نشرها لمنظومة باتريوت الدفاعية في عدد من دول المنطقة. الرسالة من هذه التحرّكات واضحة، أي هجوم إيراني ضد أهداف أميركية أو ضد اهداف للحلفاء سيقابل برد مدمّر. المعركة الجوية يبلغ تعداد سكان ايران ثمانين مليون نسمة وهي تمتلك جيشاً ضخماً من حوالي ٥٥٠ ألف جندي، وتبلغ موازنتها الدفاعية حوالي ١٤ مليار دولار. وبالرغم من هذه المعطيات، فإنّ ميزانية الجيش الإيراني متواضعة إذا ما قورنت بموازنات الدول المجاورة أو بالموزانة الدفاعية للولايات المتّحدة التي تفوقها بحوالي ٧٠ ضعفاً، كما أنّ قدراته العسكرية التقليدية متدنّية للغاية فهو يمتلك العدد الرخيص وغير الفعّال في مقابل النوعية الثمينة وعالية الفعالية. ولهذا السبب بالتحديد، فإنّ إيران لا تمتلك القدرة على الدخول في حرب مباشرة مع الولايات المتحدة. تمتلك واشنطن ما يقرب من ١٢٣٠٠ طائرة تشكّل عماد سلاحها الجوي الضارب. ومع ازدياد التوتر، مؤخراً، في مياه الخليج، قامت الولايات المتّحدة بنشر المزيد من مقاتلاتها (اف – ٢٢) رابتر في المنطقة، وهي مقاتلة متطورة من الجيل الخامس قادرة على تسيّد الأجواء وعلى لعب أدوار متعددة من بينها قصف الأهداف الأرضية. في المقابل، تمتلك إيران حوالي ٨٥٠ طائرة من بينها ما يقارب الـ٥٥٠ مقاتلة، لكنّ معظمها لا يصلح للدفاع عن أجواء البلاد، فضلاً عن تحقيق السيادة الجوّية أو التفوّق الجوي في أي معركة. وفي هذا السياق، يعتبر سلاح الجو الإيراني من الأسلحة البدائية والمتخلّفة الى حدّ كبير، ولذلك فإنّ المقاتلات الإيرانية ليس لديها أي فرصة في الوقوف أمام مقاتلة «اف – ٢٢» التي يعتقد أنّها ستكون السلاح رقم واحد في تأمين الأجواء في أي نزال مباشر بينهما. وللدلالة على وضع القوة الجويّة الايرانية المزري، يقول رئيس الأركان السابق الأميركي الجنرال مارك ويلش في شهادة له «في مارس من العام ٢٠١٣، حاولت مقاتلة (اف – ٤) تابعة لإيران اعتراض طائرة أميركية من دون طيار في الأجواء الدولية فوق الخليج العربي، وقد كانت مقاتلة شبح أميركية من طراز (اف – ٢٢) رابتر ترافق الطائرة من دون طيّار فاقتربت الأخيرة –دون أن يتم رصدها- من القسم السفلي للمقاتلة الإيرانية لتفقّد نوعية الأسلحة التي تحملها وبعدها اتجهت المقاتلة الأميركية يساراً وتمّ تحذير الطيّار الإيراني بالقول (من الأفضل ان تعود الى ديارك)». الحرب اللاتناظريّة بسبب النقص الحاد في القدرات العسكرية الإيرانية، تعتمد البلاد على إستراتيجية لا تناظريّة في الغالب في البر والبحر. وتعتبر سياسة الإغراق إحدى أهم الوسائل التي يعوّل النظام الإيراني عليها للتغلّب على التفوّق التقليدي للقوّة الأميركية. وتقوم هذه السياسة على مبدأ إمطار الأهداف الأميركية في الخليج بعدد كبير من الصواريخ البالستيّة وصواريخ كروز المحمّلة على متن الزوارق السريعة للحرس الثوري، إضافة الى الطوربيدات البحرية فائقة السرعة والطائرات بدون طيّار الانتحارية. تهدف الكثافة الكميّة للهجوم الإيراني الى تجاوز المنظومات الدفاعية الأميركية «أيجيس» على متن السفن الأميركية، إضافة الى «ثاد» و«باتريوت» المنتشرة في دول الخليج العربي، من أجل إلحاق أكبر قدر من الأضرار في الأماكن المستهدفة. في مواجهة التكتيك الإيراني المكشوف، تطوّر الولايات المتّحدة سلاحاً -لم يدخل عملياً بعد في حرب رسمية لها- يهدف الى حرمان طهران من الاستفادة من تكتيكات الإغراق، لا سيما فيما يتعلق بالزوارق السريعة الخاصة بالحرس الثوري، والطائرات بدون طيار (درون) الانتحارية. فبدلاً من الاعتماد على الانظمة الدفاعية لتقليدية باهظة الثمن التي قد تختبر العديد من المشاكل في مواجهة تكتيكات الإغراق، فإن أنظمة الليزر التي تطوّرها البحرية الاميركية ستكون قادرة على تدمير أسراب كبيرة من الزوارق الحربية والطائرات بدون طيّار وبتكلفة أقل بكثير من الطرق التقليدية. ووفقاً للبحرية الأميركية، فإنّ ضربة واحدة من سلاح الليزر الموجّه ستكلّف حوالي دولار واحد فقط لا غير. علاوةً على ذلك، لن يكون هناك قلق من إمكانية نفاذ الذخيرة في هذه الحالة! لكن حتى اذا ما قررنا تجاهل هذا العامل، فبالرغم من انّ سياسة الإغراق قد تتسبّب بمشاكل للجانب الأميركي، فإنّها غير قادرة على تحقيق نصر في حال استخدامها في استراتيجية دفاعية. علاوة على ذلك، ما أن تمتص واشنطن الضربة حتى تقوم برد فعل مدّمر للأهداف الإيرانية في البر والبحر. الولايات المتّحدة تمتلك قوّة صاروخية وقوّة جويّة غير محدودة وقادرة على مسح بنك الأهداف الايرانية بالكامل بما في ذلك مصانع الصواريخ البالستية الرئيسية وقواعدها العسكرية والبرنامج النووي الإيراني، إضافة الى القواعد العسكرية البحرية. في تغريدته الاحد ردّاً على سقوط صاروخ كاتيوشا بالقرب من مبنى السفارة الاميركية في بغداد، عبّر الرئيس دونالد ترامب بشكل واضح تماماً عن مأزق إيران في أي حرب مقبلة، قائلاً «اذا كانت إيران تريد الحرب، فستكون تلك هي نهاية إيران بشكل رسمي».

مشاركة :