التربية ومهمة تصحيح المفاهيم

  • 3/25/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة صورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا لرجل يسحق باقة من الورد بقدميه، والصورة تبدو صادمة لمن لا يرى في الورد إلا علامة على الجمال ورمزا يحيل إلى الحب، وهي الدلالة الرمزية نفسها التي دفعت ذلك الرجل لسحق تلك الباقة بقدميه متلذذا بما يقوم به مستشعرا أنه يؤدي واجبا يختلط فيه الشرعي بالاجتماعي على نحو يتنزل فيه ما يقوم به منزلة الحماية للمجتمع من الانحراف والوقوع في مهاوي الرذيلة والفساد. هذه الصورة على ما فيها من قسوة وعلى ما يمكن أن تستثيره في الأنفس من استغراب يمكن لها أن تختصر كثيرا من التصرفات التي تواجهنا والمواقف التي تدهشنا على نحو لا يصبح فيه الورد مجرد زهرة تتوج الأغصان ولا يصبح الجمال قيمة رفيعة تمنح العالم مكانة خاصة ولا يغدو الحب عاطفة إنسانية سامية بقدر ما يصبح ذلك كله مصطرعا لتصورات متضاربة ومعان متعارضة تفضي إلى مواقف لا يمكن التوفيق بينها كما لا يمكن التعايش بين أصحابها. الأمر نفسه يمكن أن يفسر لنا أحداثا مشابهة منها ما يحدث في معرض الكتاب من اعتراض بعض الأشخاص على المعرض في حد ذاته أو الاعتراض على ما يشهده من فعاليات وأنشطة، فالكتاب الذي يشكل عند أكثر الناس بابا للمعرفة والعلم والتواصل مع العالم لا يعني لبعض الأشخاص إلا بابا من أبواب الفتنة التي تنحرف بالمجتمع عن درب الفضيلة وتقوده إلى مهاوي الرذيلة. ولمواجهة ذلك كله فإن هذه المعضلة لا يمكن حلها بغير إعادة تصحيح التصورات التي ترتكز عليها تلك المواقف وذلك لا يتحقق إلا إذا نهضت التربية بدورها في تنشئة أجيال تعرف معنى الجمال فلا تنحرف به دلالاته الرفيعة وتفهم معنى الحب فلا تلوثه بما ليس فيه وتدرك قيمة العلم والمعرفة فلا ترتعد خوفا على المجتمع من كتاب.

مشاركة :