منذ نجاح انقلاب 18 برومير (Coup of 18 Brumaire) يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1799، الذي أنهى سنوات الثورة الفرنسية وأسقط حكومة المديرين وأوجد بدلاً منها حكومة القناصل، اتجه نابليون بونابرت لإنهاء الخلاف القائم بين الكنيسة الكاثوليكية والدولة الفرنسية. وبفضل اتفاقية عام 1801 بينه وبين البابا بيوس السابع، نظم بونابرت ذو 32 سنة، والذي شغل حينها منصب القنصل الأول، العلاقة بين الدولة والدين. وتميزت العلاقة بين بونابرت والبابا بالعداء والكراهية المتبادلة. فخلال السنوات التي تلت اتفاقية الصلح بين الكنيسة وفرنسا عام 1801، تزايدت الخلافات بين نابليون وبيوس السابع وقد تجسد ذلك بالأساس من خلال الإهانات التي تعرض لها البابا خلال حفل تتويج بونابرت إمبراطوراً على فرنسا عام 1804 وحادثة إعدام الفرنسيين لدوق أنغيان. ومع رفض البابا بيوس السابع لسياسة الحصار القاري التي فرضها بونابرت على بريطانيا عام 1806، تدهورت العلاقة بشكل سريع بين الدولة البابوية والإمبراطورية الفرنسية. واجتاحت قوات الجنرال الفرنسي، ميوليس، مطلع شباط/فبراير 1808، روما. وبعدها بشهر واحد تدخل جنود مملكة إيطاليا النابليونية بمناطق أنكونا وفيرمو وماشيراتا وأوربينو، التي كانت خاضعة للنفوذ للبابوي. وقد سجلت هذه الواقعة بداية القطيعة بين الدولة البابوية وفرنسا. وخلال أيار/مايو 1809، واصل بونابرت سياسة الاستيلاء على الممتلكات البابوية، فأصدر مرسومين اتهم من خلالهما البابا بسوء استغلال الأراضي الممنوحة له لتباشر إثر ذلك جيوش الإمبراطورية الفرنسية اجتياح ما تبقى من الأراضي القابعة تحت سلطة بيوس السابع وتنزل علم الدولة البابوية من أعلى قلعة سانت أنجلو في 10 حزيران/يونيو 1809. وكتعويض للبابا على عملية إخضاع ممتلكاته، أمر بونابرت بصرف جراية سنوية بلغت قيمتها مليونا فرنك لبيوس السابع. ورداً على كل هذه الأحداث، عاقب البابا الإمبراطور الفرنسي بالحرمان الكنسي، ناعتاً إياه بالسارق والمجرم. وحال سماعه لهذا الخبر، استشاط بونابرت غضباً ووصف البابا بالمعتوه الذي يجب حبسه. وفي الليلة الفاصلة بين 5 و6 تموز/يوليو 1809، وجهت قوات الجنرال الفرنسي، إتيان كاديت، مدافعها نحو جدران غرفة نوم البابا بمقر إقامته في قصر كيرينالي قبل أن تباشر بعملية اقتحام المكان، حيث اعتمد الجنود الفرنسيون على السلالم للتسلق نحو النوافذ ودخول القصر بحثاً عن البابا. وعند دخولهم من النوافذ، أثار الجنود الفرنسيون ضجة استفاق على إثرها بيوس السابع ليرتدي ثيابه على عجل ويصدر أوامره للحرس البابوي بعدم التصدي لقوات بونابرت. ومع اجتيازهم لأبواب القصر، وجد الفرنسيون أنفسهم أمام البابا، البالغ من العمر 65 سنة. وخرج بيوس السابع من قصر كيرينالي وهو ممسك بيد كاديت ليوضع إثر ذلك في عربة اصطحبته تحت حراسة مشددة نحو فلورنسا وغرينوبل وأفينيان قبل أن تحط الرحال في النهاية بمدينة سافونا قرب جنوة. ومكث البابا 3 سنوات كاملة بسافونا قضاها في مطالعة الكتب ورفض الهدايا والمنح الفرنسية، حيث اعتبر نفسه حينها أسيراً لبونابرت. ومع اقتراب موعد حملته العسكرية على روسيا، أمر بونابرت في أيار/مايو 1812 بنقل بيوس السابع نحو فونتينبلو بالعاصمة باريس قبل أن يجبره على توقيع اتفاقية جديدة بين الكنيسة البابوية وفرنسا. وظلت الاتفاقية حيز التنفيذ لحدود سنة 1905، وهو العام الذي اتخذت فيه فرنسا قراراً بفصل الكنيسة عن الدولة. وقبيل هزيمته وتنازله عن العرش بفترة وجيزة، سمح بونابرت لبيوس السابع بمغادرة الأراضي الفرنسية والعودة إلى روما لتنتهي بذلك 5 سنوات قضاها البابا في الأسر. وفي وقت لاحق، استقبل بيوس السابع عدداً من أمراء عائلة بونابرت بروما، كما توسل للبريطانيين بتسهيل إقامة بونابرت بمنفاه في جزيرة سانت هيلينا.
مشاركة :