الموروث الشعبي منذ القدم وهو بمنزلة الحديث الثابت لدى شرائح المجتمع خصوصا المجتمع البدوي وذلك الحديث هو انطلاقة حديث المجالس لدى العرب إذ إن مجالسهم تكاد لا تخلو من أحاديث الأدب الشعبي بشكل عام. جماليات تلك الأحاديث هي لكونها كانت قديما في تلك المجتمعات لأنه لم يكن لدى أفرادها سوى الاجتماع في ديوانياتهم وتبادل الأحاديث التي تشتعل بينهم عن الشعر والموروث الشعبي الذي هو شغلهم الشاغل آنذاك ومن هنا سمعنا ما يروى عنهم الآن وعن أحاديثهم الجميلة والشقية. لم يكن المجتمع قديما ذا تكلف او يتسم بالصعوبة من حيث الترابط الأسري على الأقل، بل كان مجتمعا ترتسم عليه ملامح الحب والإخاء والمودة إضافة إلى كون الطبيعة التي عاش فيها أبناء ذلك المجتمع أضفت عليهم روح الجمال والروعة فجاءت أحاديثهم في مجالس سمرهم وهي تقرأهم بكل روعتهم وعذوبهم ويمكن القول هنا إن الطبيعة هي المحرك الرئيس لقصصهم ومعاناتهم وكان للشعراء هنا دورهم البارز في سرد قصصهم وغرامياتهم وآهاتهم التي تنم عن صدقهم. في القرية قديما يجتمع الشعراء في مسامراتهم ويبدأ ليلهم بالشعر والسرد التلقائي عن ما في انفسهم وخواطرهم فينثرون أعذب القصائد واجمل المعاني وهنا يتضح لنا الآن الفارق الكبير بين متهم عليه آنذاك وما نحن عليه الآن إذ إن لدينا غيابا كبيرا في حديث المجالس الذي يجب أن يعاد في ظل وجود بعض ممن هم يعون عملية السرد والرواية الشعرية من المعاصرين. في وقتنا الحاضر اصبحنا لا نكاد نسمع للقصص الشعبية او الروايات شيئا الا في القليل، أتى ذلك في غياب البرامج الشعبية التلفزيونية التي كانت في السابق تستعرض القصص وروايات شعبية ومن هنا اجد انه من الضروري إحياء تلك البرامج الشعبية من قبل المتخصصين فيها الذين استطاعوا في فترة سابقة أن يقدمون للمشاهد والمتابع برامج شعبية نجحت وربطت الحاضر بالماضي في شكل حديث يرقى بالذائقة. يبقى الفرق واضحا بين الأمس واليوم في حديث المجالس عن الموروث الشعبي وعن الشعر ولكن يظل في نفس الوقت هاما لكل متابع ومهتم بأدبنا الشعبي في مجتمعنا الحالي. أخيرا: أنا اللي ضيعت ظلما ليالي غربته دربه وأنا اللي تاه في همه وأنا اللي كثرت أسفاري أصيح وصرخة أحزاني نزيف جروح مضطربة ألا يا غربة العاشق كفاني دمعي الجاري
مشاركة :