فضيحة مصرفية في «أندورا» تزيد المخاوف من تساقط قطع «الدومينو»

  • 3/26/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تلقى مصرف بانكا بريفادا دو أندورا المصرف الرئيس في إمارة إندورا الذي يمثِّل 21 في المائة من القطاع المالي في الإمارة الصغيرة، اتهامات من السلطات الأمريكية بضلوعه في عمليات غسل أموال. وحسب تقارير إعلامية، مقروءة ومرئية، نشرت في بلد المصارف سويسرا أمس، فإن الحكومة المحلية بدأت تحقيقات مع المصرف، وأن صفوفاً كبيرة تصطف أمام المصرف لسحب ودائعها، بعد أن وضعت الحكومة قيوداً على سحب الأموال لا تسمح بموجبها للعميل بأن يسحب أكثر من 2500 يورو في الأسبوع. الإمارة التي يقطنها 85 ألف نسمة، لا نسمع من يتكلم عنها أبدا، لكنها تعد ملاذاً آخر للتهرب من الضرائب، وهذه هي أندورا الغنية تعيش هذه الأيام في "قلق" حسب تغير وزير ماليتها. هذا الجيب الصغير الواقع في جبال البرانس الإسبانية، الشهير بازدهاره، يكتم أنفاسه على أمل ألا تؤدي هذه الفضيحة المصرفية إلى تلوّث اقتصاد الإمارة الهش الذي يستند إلى السرية، وسياحة التسوق لآلاف من سكان البلدات الفرنسية والإسبانية المجاورة الفارين من الغلاء. وبدأت الرياح العاتية مع تقرير أصدرته "الشبكة الأمريكية لإنفاذ قوانين الجرائم المالية" (فاينانشال كرايمز إنفورسمنت نتوورك)، الذي اتهم مصرف "بانكا بريفادا دو أندورا" ، أحد خمسة مصارف في الإمارة، بممارسة عمليات غسل أموال قادمة من منظمات إجرامية. وقرأت " الاقتصادية " على موقع الشبكة الأمريكية، أن مسؤولين فاسدين كبارا في مصرف بانكا بريفادا دو أندورا، فضلا عن أنظمة راقية جداً تتعلق بمحاربة غسل الأموال في أندورا، جعلت من المصرف وسيطا سهلا لأولئك الذين يغسلون الأموال من خلال تمرير عوائد الجريمة، ونظم الفساد، والاتجار بالبشر عبر النظام المالي للولايات المتحدة. وبعد هذه الاتهامات، لم تتأخر الحكومة المحلية في حظر أصول المصرف أولاً، ثم تقييد الحد الأعلى لسحب العميل عند 2500 يورو في الأسبوع، لتُتوِّج إجراءاتها بعد ذلك بالتحقيق مع خوان باو ميكويل براتس رئيس المصرف بتهمة غسل الأموال وإقامة علاقات مع المافيا الروسية والصينية. وكان لقرار الحكومة في هذه المنطقة الصغيرة المكونة من 468 كيلومترا مربعا، تأثير رهيب، فقد أظهر فيلم بثه التلفزيون السويسري، شوارع وسط المدينة، وفيها صفوف انتظار تشكلت حول هذا المصرف الذي يعد أحد الكيانات المصرفية الخمسة في أندورا، ويمثل وحده 21 في المائة من النظام المالي في الإمارة، وهدف تلك الجموع المتكدسة استرداد كل الأموال الممكنة أو تحويلها إلى مصرف آخر. ولمواجهة هذا "الوضع الإستثنائي"، طمأن سينسا جوردي، وزير مالية الإمارة السكان بالقول، إن أندورا تتمتع بمركز مالي متين، معترف به، والهدف الوحيد للإجراءات هو الحفاظ على المكانة المالية لأندورا، والمصارف الأربعة الأخرى تمارس نشاطها وفقاً للأنظمة المحلية، وهي تتبادل المعلومات الضريبية وفقاً للمعايير الدولية، غير أنه أقرَّ في الوقت ذاته أن الوضع مقلق قليلاً. ويقول لـ" الاقتصادية " فرانسوا موسو الكاتب الاقتصادي السويسري، إن هناك ما يكفي لتغذية القلق الذي تحدث عنه وزير مالية البلاد، فإضافة إلى التجارة والسياحة (7.7 مليون زائر سنوياً)، تعيش أندورا أساسا على مصارفها، التي تستفيد منذ عدة عقود من المتهربين من الضرائب. وأضاف موسو، أنه من هؤلاء وحدهم، تصل أصول الكيانات المصرفية الخمسة إلى 15.8 مليار يورو، أو ما يعادل 6.5 مرات الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، ووفقا للبنك المركزي الأوروبي، فإنَّ لوكسمبيرج ومالطا تحققان نتائج أعلى من أندورا بين دول منطقة اليورو، الـ 19. وحسب، موسو، ففي اقتصاد أندورا، حيث يقرض هذا المصرف جميع الشركات المحلية، فإن الخوف من تأثير تحرك قطعة واحدة من قطع الدومينو، كبير جداً. يقول إنه إذا امتدت العدوى إلى مصرف "إندبانك" و" كريدي أندورا "، و "بانكا مورا " و"بانكساباديل"، وجميعها تقع في أيدي عدد قليل من العائلات التي تهيمن على السياسة والإعلام والاقتصاد، فستكون هناك كارثة مالية في الإمارة.وأضاف أن المصرف جزء من الحمض النووي للأندوريين، وأن الناس يتساءلون كيف يمكن لمركز مالي كان السبب دائماً في تحقيق الثراء والاستقرار والأمن أن يفرض مثل هذه القيود المالية على السحب؟ لكن مع ذلك، فالرأي العام للمحللين الماليين يعكس القناعة بأن التدابير الجذرية التي اتخذتها السلطات بتجميد الأصول ووضع قيود على السحوبات المالية تماثل عملية قطع النزيف وإنقاذ الإمارة من خطر فقدان المصداقية الشاملة. لكن هذا لم يمنع دوران شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إن المصارف الأربعة الأخرى أيضا تخضع للتحقيق القضائي، ورصدت "الاقتصادية" نفياً مطلقاً على رابطة المصارف في أندورا "أي بي أي" لهذه الأنباء مع التأكيد بأنه ربما تكون هناك جماعات لديها مصالح معينة ترغب في نسف مصداقية الإمارة ككل. لكن السياق العام للإمارة فيه حساسية خاصة، إذ اعتبرت منظمة التعاون والتنمية الأوروبية أندورا أنها ملاذ للمتهربين من الضرائب حتى عام 2012 لكنها منذ ذلك التاريخ أخذت طريقها نحو الشفافية. وقبل ثلاث سنوات، وقعت أندورا اتفاقيات لتبادل المعلومات الضريبية مع 22 بلداً، وتعهدت، ابتداء من عام 2018، القيام بتسليم المعلومات الضريبية تلقائياً.

مشاركة :