لأنني عالقة في المطار أطارد شبكة النت والأفكار كي أكتب مقالتي، عقلي بارد ولا أتابع الصحف، وعقلي يلومني على هذه الورطة، فكل الناس حولي يتسوقون ويأكلون ويشربون ووحدي أطارد فكرة ومقالة وشبكة، فتشت في عقلي البارد فلم أجد سوى حكاية أثيرة عندي من حكايات السفر والمطارات. منذ ثلاثة أعوام قضيت عطلة صيفية في لبنان جمعت خلالها عدداً من الكتب، أحضرتها معي إلى مكان إقامتي في دبي. بعد أن هبطنا من الطائرة لم أجد صندوق كتبي مع الحقائب التي جمعها لي عامل العفش، بل وجدت بدلاً منه كرتوناً من الرطب فأعدته إلى موظف الخطوط، ثم سجلت بلاغاً في مكتب المفقودات بمواصفات كرتوني الذي يقارب حجمه حجم كرتون الرطب المهمل. وطوال أسبوعين كنت أتصل بمكتب المفقودات وأسألهم: «هاه لقيتوا الصندوق»؟ فأحصل على إجابة واحدة لا غير: لا. بعد أن تأكدت من أن صندوقي «مفقود مفقود» كتبت مقالة بعنوان «ضاع الصندوق يا محمد»، وهو عنوان أغنية مصرية شهيرة أرثي فيها صندوق كتبي وأتفجع عليها. من حسن حظي أن مدير الخطوط السعودية في دبي قرأ مقالتي فأصرَّ على أن يعد خطة تدخل سريع لاستعادة الصندوق المفقود، فطلب من الموظفين الاتصال بصاحب صندوق الرطب الذي ترك صندوقه حتى فسد، فلا بد من أن يكون هو من أخذ صندوقي بالخطأ، وهنا المفارقة المضحكة، اتصل الموظف بصاحب الصندوق وسأله لماذا لم تأخذ صندوق رطبك، فقال إنه أخذه، فقالوا له وهل وجدت بداخله رطباً؟ فقال لهم إنه قد أرسله إلى أناس آخرين هدية بمناسبة رمضان، فطلبوا منه أن يتصل بالناس ويسألهم ويتأكد من أن ما بداخله رطب، فاتصل بالناس وسألهم هل وجدتم به رطباً؟ فقالوا إنهم لم يفتحوه بل حملوا الصندوق مباشرة إلى الثلاجة وتركوه هناك، فطلب منهم أن يخرجوه من الثلاجة ويفتحوه، وينظروا ما بداخله، ففتحوه ليجدوا أن ما بداخله كتباً وليس رطباً، فطلب منهم أن يعيدوه. وهكذا عاد الصندوق إليّ بعد أن كنت قد يئست منه. وعليها فإنني أوجه نداء لكل من يتقبل هدية في الصيف، ولا سيما بعد عودة الناس من الإجازات أن يتأكد مما في صندوقه قبل أن يضعه في الثلاجة. وإن وصله عليه أن يتأكد من أنه رطب وليس حصيلة كتب من تجميع الصيف، مع أن من يعود من صيفه بحصيلة كتب ندرة من الناس، لكن للاحتياط إفتح صندوقك فقد لا يسرك دائماً ما فيه. balbishr@gmail.com
مشاركة :