باريس: ميشال أبو نجم ما زال تحطم طائرة «جيرمان ويغز» التابعة لشركة لوفتهانزا الألمانية صباح أول من أمس في منطقة جبال الألب الفرنسية لغزا محيرا. وحتى مساء أمس، لم تتوافر أي معلومات دقيقة بانتظار أن ينجح الفنيون في استخراج المعلومات من الصندوق الأسود الأول الذي عثر عليه عصر الثلاثاء. وقد نقل الصندوق إلى «مكتب التحقيقات والتحاليل» الفرنسي القائم قريبا من مطار شارل ديغول. وبحسب وزير الداخلية برنار كازنوف والمدعي العام لمنطقة مارسيليا بريس روبان، فإن الصندوق «أصيب بأضرار لكنه صالح للاستغلال». ورغم أن المسؤولين الفرنسيين (رئيس الحكومة ووزراء الداخلية والنقل والبيئة والطاقة) يجمعون على أن «كل الفرضيات موضع بحث»، فإنهم يستبعدون أن تكون الطائرة سقطت بسبب عملية تفجيرية. وقال وزير الداخلية برنار كازنوف الذي كان أول مسؤول وزاري وصل إلى منطقة الحادث إنه «يتعين النظر في كل الفرضيات طالما أن التحقيق لم يفض بعد إلى نتيجة». لكنه أضاف أن احتمال أن تكون الطائرة قد سقطت ضحية عمل إرهابي «ليست الأكثر ترجيحا». وكرر وزيرا النقل والطاقة العبارات نفسها تقريبا كما فعل ذلك رئيس الحكومة مانويل فالس. وبرر وزيرا الداخلية والنقل برنار كازنوف وآلن فيداليس استبعاد العمل الإرهابي بالمساحة الضيقة التي انتشرت فيها بقايا الطائرة وجثامين الركاب والطاقم. فضلا عن ذلك، فإن شهود عيان لم يلحظوا انفجار الطائرة قبل سقوطها ولم يروا فيها نيرانا تشتعل أو دخانا يخرج منها. لذا، فإن نظريات الخبراء تتراوح ما بين عطل فني طارئ ربما أصاب المحركين اللذين تعمل بهما الطائرة، علما بأنها وضعت في الخدمة قبل 25 عاما، أو غياب الضغط الهوائي داخل قمرة القيادة، أو استنشاق قائد الطائرة ومساعده لغازات أفقدتهما الوعي. أما الفرضية الأخيرة فتقوم على احتمال تعطل بعض آلات الملاحة، الأمر الذي قد يكون أثر على تصرف الربان ومساعده أو على «القائد الآلي»، أي الكومبيوتر الذي تدخل إليه معطيات الرحلة ويتولى بالتالي قيادتها. وعصر أمس، أعلن ريمي جوتي، أحد مسؤولي مكتب التحقيقات والتحاليل، أن المكتب «ليس لديه أي تفسير» لأسباب تحطم الطائرة، كما أنه نفى ما أعلنه الرئيس هولاند بخصوص العثور على الصندوق الأسود الثاني الذي يحتوي على بيانات الرحلة، فيما الصندوق الأول يتضمن المحادثات التي تجري في قمرة القيادة. ويسعى المحققون إلى التعرف على سر غياب التواصل مع فريق الملاحة في الدقائق التي سبقت تحطم الطائرة في منطقة جبلية. وقد حاول برج المراقبة الموجود في مدينة أكس أو بروفانس والمكلف حركة الطيران في الجنوب الفرنسي أكثر من مرة التواصل مع الطائرة للسؤال عن سر هبوطها عن ارتفاعها المعتاد، لكن من غير نتيجة. وبحسب شركة «جيرمان وينغز» فإن سقوط الطائرة دام 8 دقائق ارتطمت بعدها بجبال الألب الجنوبية الغربية قريبا من مدينة برسلونيت الفرنسية. وبعد ظهر أمس، حلق رئيس الجمهورية الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في طوافة فوق منطقة سقوط الطائرة فيما لحق بهما بالسيارة رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي في مدينة سين لي ألب التي تحولت إلى «غرفة عمليات» ميدانية تنطلق منها الطوافات وفرق الإسعاف التي عاودت عملها منذ صباح أمس. كذلك فإن هذه المدينة قد جهزت لاستقبال عائلات الضحايا التي بدأت بالوصول إلى المنطقة وسط موجة تضامن وتعاطف واضحة من الأهالي. وأعدت باريس فرقا كاملة من رجال الإطفاء والدرك والجيش والإسعاف والطوافات، إضافة لمترجمين وعلماء نفس للتعامل مع هذه الكارثة التي هي الأسوأ التي عرفتها الأراضي الفرنسية منذ 35 عاما. وبحسب مدير «جيرمان ويغز» فإن الحادثة «عصية على الشرح» لأن الطيار مجرب، ولأن الحالة الميكانيكية للطائرة كانت جيدة، ولأن الظروف المناخية كانت ملائمة. وتبدو عمليات البحث معقدة بسبب تشتت الحطام على نحو 4 هكتارات في منطقة وعرة يصعب الوصول إليها في جنوب جبال الألب على ارتفاع 1500 متر. وقال محقق من قوات الدرك مساء أول من أمس إن «أكبر أشلاء رصدناها لا تفوق بحجمها» حقيبة يد صغيرة، كما لم يتم رصد أي جزء كبير من هيكل الطائرة، وقال أحد المحققين إن «منظومة العجلات وحدها تم التعرف عليها». وأعلنت السلطات الفرنسية أن ضحايا هذه الكارثة الجوية يتحدرون من 15 بلدا. وأفاد وزير الخارجية لوران فابيوس بأن الجنسيتين الرئيسيتين هما ألمانيا وإسبانيا. ومن أصل 150 قتيلا أعلنت ألمانيا وإسبانيا عن مقتل 72 ألمانيًّا و49 إسبانيًّا على أقل تقدير. وقال فابيوس: «هناك جنسيات مؤكدة هي أيضا الأرجنتين وأستراليا وبلجيكا وكولومبيا والدنمارك وبريطانيا وإسرائيل واليابان والمغرب والمكسيك وهولندا». بعدما كان رئيس الوزراء مانويل فالس أشار إلى سقوط «أميركي» بين القتلى. وأعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند مقتل 3 بريطانيين على الأقل في تحطم الطائرة، فيما أعلنت سلطات كازاخستان عن وجود 3 من مواطنيها بين الركاب.
مشاركة :