نعتقد أن الساعات والأيام والأشهر والسنون طويلة ودائمة بشكل يمنحنا حرية العيش (الدائم) وكما نريد.. ـ هكذا نعتقد بل هو الواقع الذي نعيشه إلى أن تحين لحظة نشعر حينها بأن السنين أقل من الثواني وأننا لم نكتف من هذه الحياة ولم نعش كما نتمنى.. ـ متناقضات لكنها واقع نعيشه.. ـ في لحظة شعرت بأن السنين مرت كالثواني وربما أسرع.. ـ رحلت شقيقتي دون عودة.. رحلت قبل أن نكتفي (أنا وأشقائي وشقيقتي وزوجها وأبناؤها وبناتها) بجلسة وحديث معها.. ـ رحلت قبل أن نسعدها ونقوم بواجبنا تجاهها.. ـ تأخرنا في خدمتها.. والجلوس معها.. والحديث إليها.. معتقدين أنها (ونحن معها) سنعيش للأبد. ـ انشغلنا (عنها) بهمومنا الخاصة.. عمل ومنزل وأسرة.. في وقت كانت هي (رغم مسؤولياتها ومشاغلها) تنشغل (بنا).. تسأل عن صحتنا.. تحمل همومنا..(حين) تصرح (وأحيان) أخرى تكتم في صدرها.. ـ قلبها الضعيف (صحياً) كان قوياً (اجتماعياً).. كانت تحمل داخله الحب (لنا) والخوف (علينا).. بعد رحيل والدتنا كانت هي الأم التي لم تلدنا.. تهتم بالكبير قبل الصغير.. تسأل عن البعيد قبل القريب.. ـ حملت في (قلبها) المرهف (المتعب) همومنا الضخمة والمتنوعة حتى لم يعد ذلك القلب الأبيض الطيب الضعيف يحتمل فانهار فجأة لتنهار ونسارع (متأخرين) لنلتف حولها مؤملين النفس بأن نشبع منها ولو بإمساك يدها.. تمنى كل واحد منا لو أن يقتلع قلبه ويضعه بديلاً لقلبها المرهق.. ولو فعلنا فلن تعوض قلوبنا (مجتمعة) قلبها الطيب.. ـ حملت همومنا وانهارت.. شعرنا حينها بأن السنين مرت (سريعاً) وأننا انصرفنا عنها (كثيراً وطويلاً) وعدنا لها في وقت متأخر للغاية لم يسعفنا لكي نسعفها.. ـ انهارت وضعف قلبها الذي كنا نعتقد أنه كبير للغاية (وهو كذلك مشاعراً وحباً وحناناً لكننا حملناه فوق طاقته) حينها فقط شعرنا بالندم وتمنينا لو أن الزمن يعود للوراء لنكون بجانبها لا نفارقها.. ـ لا نشعر بمكانة الأحبة إلا ساعة مغادرتهم لنا.. نبحث حتى عن الدقائق ونتمنى لو نستطيع أن نسترجعها لنعيشها معهم فلا نجد أياً من ذلك.. ـ نبحث عن الكلمات لنرثيهم فنعجز ليس لأنهم لا يستحقون.. ولا لأننا لا نجيد الكتابة.. إنما لأن قواميس اللغة عجزت أن تمنحنا كلمات يمكن أن ترثيهم أو تفيهم حقهم.. ـ سامحيني أختي الغالية.. قصرت معك في حياتك.. واليوم أقصر في رثائك... حاولت أن أرثيك فعجزت .. لا كلمات ممكن أن تصفك وتنصفك وترثيك.. تعطلت لغة الكلام.. ـ ربما أن الرثاء والإنصاف الأجمل كان في جملة المشيعين والمعزين رجالاً ونساءً.. شيوخاً وشباباً.. ولأنك غالية ومختلفة عن الجميع فقد تسابق كثيرون لتشييعك والتعزية برحيلك.. شكراً لهم جميعاً فقد حفظوا ماء وجهنا بعدما قصرنا بحقك.. لقد كانوا هم الرثاء الحقيقي.. ـ إذا كانت ساعات وأيام وشهور وسنون الحياة (الدنيا) مرت سريعاً أختي الحبيبة فأسأل الله لك الرحمة والمغفرة وأن نلتقي في (الآخرة) دار القرار والدوام.. هناك في الفردوس الأعلى.
مشاركة :