السياسة السعودية.. قدرة فاعلة لمواجهة التحديات

  • 3/27/2015
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

تسارع الاحداث في اليمن والمفاجأة المدوية التي احدثتها العمليات العسكرية التي اعلن عن انطلاقها سفير المملكة في واشنطن مساء امس الاول استجابة لطلب الرئيس الشرعي وحماية لأمن واستقرار اليمن والمنطقة وبما تحقق لهذه العملية من دعم والتفاف عربي اسلامي ودولي تعيد حلم الانسان العربي بالكرامة والعزة والقوة لمسارها الصحيح وتعيد للشرعية الدولية هيبتها وتمكنها من تقليم المخلب الايراني الحوثي في اليمن وبالتأكيد ستعيد بمشيئة الله وبتوفيقه ونصره الامور الى نصابها وستعيد توازن القوى في منطقتنا العربية بما يحقق الردع المطلوب للقوى الاقليمية التوسعية، ان الانتصارات التي حققتها مليشيات تحالف ايران- علي صالح المعروفة بالحوثيين وتمكنها من فرض الواقع تلو الواقع وفق طرح عقائدي طائفي مقيت متجاهل لكل الحقوق والقيم الاسلامية والانسانية والسياسية قبل عاصفة الحزم تؤكد تماهي واستمرار النظام الحاكم في ايران الجاد لفرض استراتيجيته في المنطقة القائمة على الهيمنة السياسية لتحقيق الحلم الفارسي وايضا الهيمنة العقائدية الطائفية، وسبق ان طرحت في مقال سابق ان هذه الاستراتيجية معقدة ومتعددة الادوات والآليات وتتميز بوضوح الرؤية وشمولها وتتميز كذلك بنفس طويل وبقدرة كبيرة على احتواء المكون الفارسي حتى المعارض والمكون الشيعي المؤمن بولاية الفقيه الفارسي وتتميز بقدرة فاعلة على حفز جميع موارد الدولة الايرانية المالية والثقافية والفكرية والاعلامية استراتيجية بالغة التنظيم شديدة المركزية تقوم على مبدأ تميز الفرس عرقا وثقافة وعلى مبدأ صناعة حلم رفاه الدولة الامبراطورية للقفز على الواقع المعيشي للإيرانيين الصعب جدا من خلال تجييش وحشد ديني وثقافي واعلامي لعامة الايرانيين ولعامة الشيعة في خارج ايران خصوصا في منطقة الخليج وتتبني مظلوميات وهمية للطوائف الشيعية في العالم العربي لتكون التنمية مدخلا للتبشير الطائفي ولصناعة النموذج والنفوذ، كما حدث في لبنان ويحدث في العراق وتحاول فرضة في اليمن الآن، ويلاحظ ان هذه الاستراتيجية بنيت وفق قاعدة شغل الفراغ الامر الذي يتطلب يقظة الذئاب للانقضاض على الفرص المتاحة وهو ما يتطلب مرونة ومعرفة حقيقية بنقاط القوة والضعف في السياسة الدولية والمناطق المستهدفة في العالم العربي ومدى حالة الاتحاد والتشرذم وحالة الترهل والانكفاء على الذات وهذه مهارة تحسب لصانع هذه الاستراتيجية فهي تتحرك وفق مستويين الحالة الدولية والحالة العربية تنشط حينا وتتربص حينا لذلك نجد ان هذه الاستراتيجية بلغت اوج نشاطها في السنوات الخمسة عشرة الماضية التي شهدت تراجعا للدور المصري والسعودي وبلغت ذروة هذا النشاط على المستوى الدولي ثم بعد 11 سبتمبر2001 فمدت جسور التعاون مع الامريكي في افغانستان والعراق وبذلوا جهودا كبيرة متواصلة لإقناع الغرب ليحصر تخوفه الديني ليكون في المحيط السني وهذا تبعه اقناعه بعدم وجود نظام عربي سني قادر على ضبط التطرف السني وبالتالي لايوجد غير ايران لضمان مصالح الغرب في المنطقة فشهدنا هذا التحول الامريكي الذي ارسى مراسي سياسته في المنطقة في طهران، ما يحدث اليوم في المنطقة وما تقوم به ايران من بلطجة في منطقتنا من العراق الى سوريا ولبنان واليمن وما تحققه من اختراق للأمن القومي العربي والخليجي مرة تلو الاخرى لاشك انه ثمرة عمل استراتيجي ولكنه ايضا نتيجة لحالة التشظي العربي ونتيجة لتراجع المشروع الوحدوي الخليجي الذي من اجله اقيم مجلس التعاون الخليجي وهو نتيجة لغياب المشروع السياسي الجامع والمحفز وهو نتيجة لضبابية الرؤية ولحالة الارتباك التي نعيشها منذ امد وهي كذلك نتيجة لضياع الهوية وهي ايضا نتيجة للانغماس في الرفاه وهي ايضا نتيجة الثقة بالآخر والاستكانة لدعمه فما كان ليحقق المشروع هذا القدر من النجاح لو تعاملنا مع الطموحات الايرانية بالجدية اللازمة انطلاقا من ثقتنا بعقيدتنا وبمنهجنا السياسي وبقدراتنا وامكانياتنا وهي بحمد الله كثيرة، يجب ان نتأكد انه رغم تلك النجاحات الايرانية الا ان الامر لم ينته فما هي الا جولات، المطامع الايرانية لم تنته فما نحن سوى في بداية مشروع امبراطورية الولي الفقيه الفارسية وكذلك امتنا لاتزال في خير وهو ما اعلنت عنه عاصفة الحزم فما زالت امامنا فرص كثيرة لتغيير هذا الواقع المؤلم ولا تزال امامنا فرص حقيقية لردع البلطجة الايرانية ووضعها في حجمها ومكانها المناسب لها وهذه الفرص بالتأكيد لن تتحقق فقط من خلال عاصفة الحزم ولا بالتمني ولن تتحقق في ظل اختلال موازين القوى الناعمة والخشنة ولن تكون باستراتيجيات ردود الافعال البطيئة والمتثاقلة والمحدودة الهدف والرؤية والتي تفتقد الشمول والعمق والتنوع والمرونة والالتزام والانضباط وبالتأكيد لن يكون في ظل حالة فرقة الصف وفي ظل حالة التشظي الفكري ولن يكون في ظل خطاب سياسي ديني مراهق يقدم مصالح الجماعة على مصالح الامة ولن تكون بمنظومة دينية وتعليمية وفكرية وثقافية واعلامية بليدة تفتقد القدرة على الوعي والابداع والتحفيز الايجابي ولن تكون بمنظومة اقتصادية واجتماعية عاجزة عن حل المشكلات والحد من الفساد الاجتماعي والمالي، نعم الانتصار في هذه المواجهة بتحقيق الردع وتوازن القوى ممكنة على هذا النظام الذي يستهدف وجودنا ومقدساتنا ومقدراتنا وفق الاسس السابقة، سبق ان ذكرت من خلال هذه الجريدة قبل اسابيع ان الاستراتيجية الايرانية تشكل تحديا حقيقيا ليس للأمن والاستقرار في المنطقة فقط وليس لمصالحنا فقط بل هي ايضا تمثل تحديا سياسيا اخلاقيا وتمثل تحديا فاصلا بين العمل السياسي القيمي والعمل السياسي غير القيمي وتشكل تحديا بين اصحاب الرؤى السياسية التي تعمل فقط للمصالح الضيقة على حساب الآخر وبين اصحاب الرؤى السياسية الاخلاقية المبنية على مراعاة الآخر وهي تشكل ايضا تحديا لمستقبل التعايش والسلم الاقليمي والدولي، واكد الكثير ان التعامل مع مثل هذه الاستراتيجية يمثل تحديا كبيرا ومصيريا يتطلب سرعة اعادة بناء استراتيجية سياسية حديثة تحمي مصالحنا ومستقبلنا وتعكس ثقتنا في قيمنا وثوابت اخلاقنا السياسية العربية الاسلامية الانسانية وبينت ان دول المنطقة العربية والاسلامية التي تدفع فاتورة المغامرات الاستراتيجية الايرانية وطوفان سياستها الطائفية البغيضة منذ زمن قادرة على المواجهة والردع واعادة توازن القوى السياسية في المنطقة بما تملكه من امكانات وثروات من اهمها العقيدة الحضارية غير الطائفية الجامعة لكل التنوع الديني والمذهبي والطيف العرقي العربي والكردي والتركي والفارسي والارمني وغيرها من الاعراق في المنطقة وبما تحتضنه منطقتنا من مقدسات وتنوع ايجابي للعنصر البشري وما نتوافر عليه من تجربة حضارية غنية وطويلة وكذلك ما يتوافر للمنطقة اليوم من زخم بروز قيادة سعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قيادة ملهمة للخروج من حالة الضعف والتيه التي تعيشها الامة قيادة يعرف المجتمع الدولي والعربي والاسلامي قيمة ما تمتلكه من معرفة راسخة وعمق سياسي وقيم اخلاقية وخبرات تعكس حقيقة التجربة السياسية السعودية المعززة للأمن والاستقرار والرخاء في المنطقة والعالم وما يتوافر لها من صفات قيادية تتأكد يوما بعد الآخر مدى حاجة المنطقة والعالم لمثلها، قيادة قادرة على دفع و تجديد العمل السياسي العربي الاسلامي وقادرة كذلك على تعزيز ثقة واحترام المحيط العربي والاسلامي والدولي ولا شك ان المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قادرة على القيام بدور فاعل لبناء استراتيجية سياسية خليجية عربية تكبح جماح طوفان التوسع الايراني وهو ما اعلنت عن ولادتها عاصفة الحزم،استراتيجية واضحة الرؤية محددة الهدف عميقة شاملة تقوم على معرفة عميقة بنقاط القوة ونقاط الضعف الايرانية ومحاكاة الادوات والوسائل المستخدمة في الاستراتيجيات الايرانية (ضمن اطارنا الاخلاقي)، استراتيجية قادرة على توظيف كل القوى المحلية العامة والخاصة والقوى الاقليمية والدولية فالتحدي في بدايته واكبر من قدرات المؤسسات السياسية، استراتيجية قادرة على توحيد اهداف المكون الوطني المتنوع وتحفيزه، استراتيجية قادرة على تفعيل المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية لتنهض من سباتها وترهلها وغفلتها لتتحول من عبء على العمل السياسي الى شريك فاعل فيها، استراتيجية شاملة متعددة الخطوط والمستويات مترابطة تعمل بشكل متزامن وبتناغم منضبط مستمر من خلال برامج متجانسة تفتح الباب امام الجميع بدون اقصاء لاحد على اساس عرقي او طائفي او ديني، استراتيجية تقوم على هدف بحجم التحدي وبحجم التطلع العربي هدف يسع جميع من يؤمن به ويحتاج اليه.

مشاركة :