"فاينانشال تايمز": رشى أردوغان الانتخابية تعمّق أزمة الاقتصاد التركي

  • 5/22/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

حذرت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية المرموقة من أن حملة الرُّشى الانتخابية التي انغمس فيها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل الانتخابات المحلية الأخيرة، ستلحق أضراراً بالغة بالاقتصاد في البلاد على المدى البعيد، حتى وإن كانت ستؤدي إلى خروجه من هوة الركود مؤقتاً. وقالت الصحيفة -في تقريرٍ أعدته مراسلتها من أنقرة لورا بيتيل- إن أردوغان لجأ خلال هذه الحملة إلى زيادة القروض المصرفية الممنوحة للناخبين وكذلك رفع مستوى الإنفاق العام، وهو ما يحذر خبراء اقتصاديون من أنه لم يُعالج أوجه الخلل الرئيسة، التي أدت إلى النزيف المالي والاقتصادي الحالي في تركيا، والذي قاد إلى أن تهوي قيمة عملتها المحلية بمعدلاتٍ قياسية. ونقل التقرير عن هؤلاء الخبراء قولهم إن أي تحسن ينجم عن إغداق النظام التركي أمواله على الناخبين لكسب أصواتهم «سيكون قصير المدى» إلى حدٍ بعيد. وشددوا على أن أي تغيرٍ إيجابيٍ ستعكسه البيانات الاقتصادية المزمع الكشف عنها نهاية الشهر الجاري حول أوضاع الاقتصاد في تركيا، سيعود في الأساس إلى «فورة الإنفاق الحكومي (التي أمر بها أردوغان) وفورة الإقراض الذي انغمست فيه المصارف المملوكة للدولة»، بأوامر من الرئيس التركي في إطار مساعيه ووزرائه لـ«الحد من مخاطر تصويت الناخبين ضد الحزب الحاكم في الانتخابات البلدية» وهو ما لم يحل دون خسارة الحزب بلديات العديد من المدن الكبرى، وعلى رأسها العاصمة أنقرة. وشملت الخطوات التي أقْدَمَ نظام أردوغان عليها في هذا الصدد، ممارسة ضغوطٍ هائلةٍ على المصارف لزيادة حجم الإقراض وتقليص معدلات الفائدة، بجانب تقديم إعفاءاتٍ ضريبيةٍ وحوافز لأرباب الأعمال. وبحسب الخبراء الذين تحدثوا للصحيفة البريطانية المتخصصة في عالم المال والأعمال، فإن «تلاشي المحفزات السياسية» سيؤدي إلى أن يغرق الاقتصاد التركي في هوة ركودٍ تفوق نسبته 10% خلال شهورٍ قليلة. ونقلت «الفاينانشال تايمز» عن محللين في مؤسسة «جولدمان ساكس» الأميركية للخدمات المالية والاستثمارية، تأكيداتهم على أن تركيا ستشهد «ركوداً جديداً» لا محالة، حتى في حال خروج اقتصادها مؤقتاً من حالة الركود الحالية. وقال إنان دمير الخبير الاقتصادي في مصرف نومورا الياباني إن هذا الانهيار المتوقع سيحدث في الربع الثاني من العام الجاري، بفعل «حالة عدم اليقين السياسي والتقلبات التي تضرب الأسواق المالية» التركية. وشددت الصحيفة البريطانية على أن «مساحة المناورة المتاحة أمام القادة الأتراك» للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة «محدودةٌ للغاية»، في ظل بقاء معدلات التضخم قريبةً من مستوى الـ20% على مدار الشهور القليلة الماضية، بالتزامن مع تواصل الضغوط التي تتعرض لها الليرة التركية، وهو ما أجبر المصرف المركزي على الإبقاء على معدل الفائدة الرئيسة لديه، عند مستوى قياسيٍ يصل إلى 24%، مما قلص الاستثمارات على نحوٍ كبير. وأضافت «الفاينانشال تايمز» أن الضائقة الاقتصادية الخانقة التي تضرب تركيا تتفاقم بفعل افتقار النظام الحاكم هناك للقدرة على التحفيز، بسبب التدهور الحاد في عجز الميزانية، والاتهامات الموجهة للحكومة باستغلال احتياطيات النقد الأجنبي، على نحوٍ يقوض الوضع المالي للبلاد بشكلٍ أكبر. وحذرت الصحيفة البريطانية من حدوث مزيدٍ من التدهور في الأوضاع الاقتصادية على الساحة التركية، على خلفية «العقوبات الأميركية التي تلوح في الأفق (جراء تشبث أردوغان بشراء منظومة تسلح روسية متطورة) وبسبب تفاقم الشكوك بفعل إعادة الانتخابات على رئاسة بلدية إسطنبول، وهو ما أفزع المستثمرين الأجانب والأتراك». وحذر الخبراء أن من بين المشاكل الرئيسة التي يعاني منها الاقتصاد التركي في الوقت الحاضر، حجم الدين الهائل الذي تتحمله الشركات والمؤسسات، وما ينجم عن ذلك من تأثيرٍ على القطاع المصرفي، الذي يتحمل عبء القروض شبه المعدومة، التي تُقدر بمئات المليارات من الدولارات.

مشاركة :