عرض وسط استحسان كبير من قبل الجمهور العربي والأجنبي، الفيلم الجزائري «بابيشا» الذي عرض ضمن مسابقة «نظرة ما» ثاني اهم مسابقة في المهرجان من بعد المسابقة الرسمية، والذي تترأس لجنته في هذه الدورة المخرجة اللبنانية نادين لبكي. الفيلم يعود بنا لجزائر التسعينات، هذه الفترة التي شهدت الارهاب و التطرّف الديني و عانى منها الجزائريون لسنوات طويلة باعتبارها جزء قاسي و مؤلم من تاريخ الجزائر وهو مااطلق عليه الجزائريون اسم «السنوات السوداء» …يعود بنا الفيلم و خلال ساعة و نصف الى التسعينات من خلال حياة فتاة جامعية شابة اسمها نجمة (الممثلة لينا خضري) او كما تحب ان ينادوها صديقاتها «بابيشا» تعيش مع مجموعة من صديقاتها في سكن جامعي ولها احلام و طموحات كبيرة في ان تصبح يوما ما مصممة ازياء عالمية لشغفها بعالم الموضة و الخياطة و الأزياء. المخرجة الجزائرية منية مدور، ارادت ان تستعرض من خلال فيلمها الاول معاناة هؤلاء الشابات اللواتي لهن طموحات في تحقيق احلامهن لكن يصبن بالإحباط عندما يواجهن التطرّف الاسلامي في البلد آنذاك من تهديدات و مضايقات مجتمعية وصولا الى الارهاب و التفجيرات. بابيشا، التي تشبه بنات كثيرات في سنها لاتود الخضوع لتهديدات الجماعات المتشددة ولا تأبه لما يفرضه المجتمع عليها فتحاول التمرد على كل ماهو تقليدي و تصر على عمل عرض ازياء في بيت الطالبات يساعدنها فيه صديقاتها من الطالبات كي تعرض مجموعتها الاولى من تصاميمها للملابس النسائية. المخرجة مدور استطاعت ان تنقل صورة عن تناقضات المجتمع و الصعوبات في العيش ضد التيار و الخوف من التشدد الديني و المجتمعي…حيث اختزلت المخرجة هذا التناقض في مشهد في بدايات الفيلم عندما نرى بابيشا و صديقتها وسيلة «الممثلة شيرين بوتلة» تخرجان خلسة من السكن الجامعي للسهر في احدى المراقص الليلية، فنراهن في التكسي خائفات، حذرات عندما يتوقف صاحب التكسي عند احد الحواجز للجماعات الإسلامية المتطرفة، فتسارع البنتان لوضع العباءة والحجاب للسماح لهن بالمرور بعد مسائلتهن عن الواجهة التي يردن الذهاب اليها في وقت متأخر من الليل. اداء جيد لبطلات الفيلم و عمل مقبول بالنسبة لمخرجة في عملها الاول التي ارادت ان تركز فيه الى القيود التي فرضت على المرأة دينيا و اجتماعيا، كما انها استوحت بعض من جوانب الفيلم من تجربتها الشخصية عندما كانت طالبة في السكن الجامعي في تسعينيات القرن الماضي.
مشاركة :