مستقبل التمويل الإسلامي وتوحيد المعايير

  • 5/23/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عباس بسراي * يشهد قطاع التمويل الإسلامي شعبية متزايدة؛ الأمر الذي يدفع الخبراء إلى تعزيز المعايير في هذا المجال والعمل على تطوير حلول مبتكرة تتماشى مع متطلبات السوق.بلغت قيمة الأصول المالية الإسلامية تريليوني دولار في 2018، وتشير التوقعات إلى نمو هذه الأصول بما يزيد عن 30٪ خلال العامين المقبلين، لتسجل 3.2 تريليون دولار بحلول العام 2020. وتعد دول مجلس التعاون الخليجي وإندونيسيا وتركيا من المراكز الاقتصادية الأسرع نمواً في هذا المجال. يشكل المسلمون حوالي ربع سكان العالم، ومن المتوقع أن تزيد نسبة المسلمين بواقع 29.7٪ بحلول العام 2050. وتشير الأبحاث إلى هناك فرصة كبيرة بشأن إدراج المسلمين في النظام المالي الرسمي حول العالم؛ كما يعد التمويل الإسلامي بديلاً جذاباً لغير المسلمين.وأصبح التمويل الإسلامي مقبولاً على نطاق واسع في الأسواق المالية العالمية، وذلك من خلال إصدار صكوك (سندات متوافقة مع الشريعة الإسلامية) والتي بلغت قيمتها 44.2 مليار دولار أمريكي عالمياً في النصف الأول من العام 2018. وأنشأت العديد من البنوك التقليدية نوافذ إسلامية. وهنا؛ حددت رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة مساقات برامجها الهادفة إلى تعزيز مكانتها كعاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي.هذا وقد شهد قطاع التمويل الإسلامي نمواً كبيراً على مدار ال 30 عاماً الماضية في الأسواق المالية باعتباره أحد عروض التمويل البديلة. ومع ازدهار هذا القطاع، يظهر عدد من المجالات تتطلب الاهتمام من أجل الحفاظ على مسيرة التمويل وتعزيز نموه؛ بما في ذلك المناقشات حول «تفوق الشكل على الجوهر» والحاجة إلى زيادة الشفافية ومتطلبات تنسيق المعايير فضلاً عن توفر المزيد من خبراء الأعمال المصرفية الإسلامية، إلى جانب تعزيز ثقة الجمهور في المنتجات والخدمات وتوافقها مع مبادئ الشريعة. وقد تمت دراسة هذه التحديات أدناه.يساعد التدقيق الخارجي للتوافق مع الشريعة الإسلامية على مواجهة التحدي الأخير. ويمثل الامتثال للشريعة الإسلامية العمود الفقري للأعمال المالية الإسلامية الدولية؛ وهو عرض ذو قيمة فريدة من نوعه لأصحاب المصلحة في هذا القطاع. وبشكل العام، يتولى مدققو الشريعة الداخليون مهمة ضمان ما إذا كانت أنشطة المؤسسات المالية تتم وفقاً للقواعد التي يحددها مجلس الرقابة الشرعية لدى المؤسسة. ورغم أن هذا النموذج يوفر مزيداً من التحكم، إلا أنه لا يتم عادة الكشف عن التفاصيل للجمهور.وقطعت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) ومجلس الخدمات المالية الإسلامية (IFSB) شوطاً طويلاً من أجل تعزيز المعايير في قطاع التمويل الإسلامي. وطبقت بعض الهيئات التنظيمية المحلية أطر حوكمة أكثر قوة، وأنشأت العديد منها هيئة مركزية للرقابة الشرعية على أن يتم اعتماد النموذج المركزي في شتى مجالات هذا القطاع على نحو متزايد، حيث أنشأت كل من سلطنة عمان ومملكة البحرين وماليزيا وإندونيسيا وباكستان مجالس الشريعة الحكومية في السنوات الأخيرة. ويتوقع أن ينمو هذا الاتجاه ويتم تطبيقه في الهيئات القضائية الأخرى؛ والتي من المحتمل أن تتعلم من بعضها بعضاً.ونعتقد أن جهود الحوكمة الكبيرة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية سوف تكون على رأس أولويات الجهات التنظيمية، حيث يصبح التمويل المالي مهماًَ بشكل منهجي في بعض البلدان؛ ما يزيد من مصداقية هذا القطاع ويعزز ثقة أصحاب المصلحة فيه.وتساعد الشفافية المتزايدة في معالجة النقاش الدائر حول «تفوق الشكل على المضمون». ونظرياً، يحق لحاملي الودائع المشاركة ليس فقط في الأرباح المتعلقة بالأنشطة التي تمولها ودائعهم، ولكن أيضاً يُطلب منهم تحمل حصة من الخسائر. جدير بالذكر أنه لم يتم تطبيق هذا المبدأ في الماضي بشكل متسق ولم يقم أي مصرف إسلامي بتحميل العملاء أي خسائر خلال الثلاثين عاماً الماضية. ومع ذلك، كان هنالك تقدم ملحوظ نحو تنفيذ هذا المبدأ خلال السنوات الأخيرة. ومثال على ذلك؛ قرار السلطات الماليزية لجعل هذه الحسابات ممتصة للخسائر بصورة واقعية اعتباراً من يونيو 2016، مما يمنح العملاء فرصة الاختيار بين الحسابات الممتصة للخسائر والحسابات غير الممتصة للخسائر.علاوة على ذلك، نحن ندرك أن بعض البنوك الإسلامية فقط تفصح عن معادلة تقسيم الأرباح والخسائر أو احتياطيات معادلة الأرباح أو احتياطيات مخاطر الاستثمار. تم إنشاء احتياطات مخاطر الاستثمار للمساعدة على تعزيز العائد على الودائع خلال الظروف الاقتصادية المتقلبة والحد من مخاطر السيولة.وإذا كان سوق التمويل الإسلامي قادراً على تحقيق قدر من الوحدة العالمية فيما يتعلق بإطاره القانوني؛ فينبغي توحيد المعايير. وفي الوقت الحالي، يمكن أن تكون المعاملات الأساسية، بما في ذلك إصدار الصكوك، معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً بسبب عدم وجود وثائق قانونية موحدة وشرعية. لقد أصبح هذا الأمر أكثر صعوبة حيث إن الأسواق لديها تعريفات مختلفة لما هو متوافق وما هو غير متوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية. مما يعني أنه لا يمكن تطبيق وثائق الشريعة بسهولة عبر الحدود. ويجب أن تكون عملية إصدار الصكوك واضحة مثل عملية إصدار السندات التقليدية، لكن هذه ليست هي الحال في الوقت الحالي.وأدى النقص في عدد خبراء الأعمال المصرفية الإسلامية والابتكار إلى حدوث فجوة في السوق لإنشاء منتجات جديدة ليس لها نظير مماثل في التمويل التقليدي.ويبدو أن هناك حاجة ملحة لتنشيط هذا القطاع وتبني ابتكارات تقنية جديدة. ويتطلب الابتكار توفر خبراء وموظفين مدربين على أعلى مستوى ومكرسين للبحث عن أفكار جديدة وتطبيقاتها التجارية وتطوير مفاهيم جديدة.وهنا يستدعي مصطلح «الحاجة أم الاختراع»؛ حيث تدفع المشكلة أو التحدي أصحاب المصلحة إلى بذل كل ما في وسعهم من أجل مواجهة هذه التحديات. لا شك في أن العالم الإسلامي قادر على توفير حلول مصرفية رائدة تلبي متطلباته المالية متوافقة مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية. تقع على عاتق العلماء والجهات التنظيمية والمصرفيين والمشرعين الحكوميين مسؤولية مشتركة لتلبية متطلباتهم من الأعمال المصرفية الإسلامية. * شريك في «كيه بي إم جي» الخليج الأدنى

مشاركة :