للمرة الأولى في تاريخ مجلس النواب يتم النشر عن حجم أداء كل نائب بالمجلس خلال دور انعقاد واحد من حيث نصيبه الكامل في أداء آليات المجلس الرئيسية المختلفة: الاقتراحات بقوانين – الاقتراحات برغبة – الأسئلة.. وقد نشر حجم أداء كل نائب مقرونا بالاسم والصورة! ولا أستطيع أن أجزم أن الإنجاز موجه وموافق عليه من رئاسة المجلس أو من هيئة مكتب المجلس برئاسة رئيسة المجلس معالي الأستاذة فوزية زينل.. أو أنه اجتهاد شخصي للمحررين الثلاثة في الزميلة «الوطن»؟ أنا أميل إلى أن ما تم وأنجز هو من اجتهاد الزملاء الثلاثة لأن موافقة رئاسة المجلس على هذه الخطوة شبه مستبعدة، ذلك لأن ما تم وما أنجز لا بد أنه قد اغضب بعض السادة النواب، وخاصة الذين تم الكشف عن أن أداءهم العددي «هزيل».. وأن رئاسة المجلس تدرك ذلك.. ولا يمكن أن تقدم على خطوة يمكن أن تغضب بعض السادة النواب.. وحتى تكون هذه الخطوة مشروعة كان لا بد من أخذ موافقة جميع السادة النواب على النشر.. ذلك لأن مجلس النواب قد رفض من قبل نشر مثل هذا الذي أقدم عليه الزملاء الصحفيون.. باعتبار أن هذا النوع من البيانات هي بيانات شخصية يملكها السادة النواب أنفسهم وليس غيرهم حتى لو كان من وافق على النشر هي هيئة المكتب أو رئاسة المجلس نفسها. في رأيي أن هذا الشيء الذي تم الإقدام عليه هو عمل صحفي متميز، مهما كانت الوسيلة التي تم اللجوء إليها للحصول على المعلومات المنشورة.. كما أن مجلس النواب هو مجلس الشعب.. وأن أداء السادة النواب ملك الشعب ويخصه من دون غيره. ومن حق الشعب أن يعرف حقيقة ما أنجزه السادة النواب ومعرفة حجمه أيضا.. وأن من يحاسب الشعب إذا قصر في حق الشعب هو الشعب وحده وليس غيره! ومن هنا فإنه على هيئة مكتب المجلس أن تعترف بمشروعية ما حصل.. وأن تجعل منه عرفا قابلا للتطبيق في نهاية كل دور انعقاد، أو في نهاية كل فصل تشريعي؛ لأن ذلك يعد أنجح دعاية انتخابية.. وأن هذا الذي تم وأنجز للمرة الأولى سيشعل الحماس لدى السادة النواب.. وسوف يتبارون في العطاء والأداء.. وهذا في مصلحة الشعب والوطن بأكمله على حد سواء. سمعت أن بعض السادة النواب قد غضبوا من هذا النشر، وأنهم قد عابوا عليه.. وخاصةً الذين ظهر أن أداءهم على مدى دور انعقاد كامل قد جاء مقتربا من الصفر.. وأن هذا النشر قد «عرَّاهم». وكانت الأمور تسير من قبل في إطار من «الستر» للجميع، سواء من أدى بزخم كبير أو تكاسل.. وأنا أرى في هذا المقام الشديد الأهمية على الساحة البحرينية أن الأمور والمقياس ليس بكثرة ما أُنجز أو قُدم من الاقتراحات بقوانين، أو الاقتراحات برغبة، أو بعدد الأسئلة النيابية التي قُدمت ونُفذت!.. فرب اقتراح برغبة واحد أفضل من (20) اقتراحا برغبة.. ذلك لأنه رب اقتراح واحد يغير وجه الحياة كلها على الأرض، ويجيء نفعه إيجابيا أو خصبا للجميع أو للكثيرين. وأرى أيضا أن مقياس العطاء الحقيقي في مجلس النواب هو في «آلية المشروعات بقوانين»؛ ذلك لأنها هي ما يجسد عصب وظيفة أو رسالة السلطة التشريعية.. وأن هذه الآلية هي ما يحتاج إليه الوطن أكثر، وإن كان الرصيد التشريعي على أرض المملكة يعد الرصيد الأكبر مقارنة برصيد أي دولة خليجية أو عربية إذا قيس الأمر بعدد السكان.. كما أنه رصيد قوي وخصب ومتعوب عليه في أكثر من محطة يمر بها وخاصةً محطتي النواب والشورى. كما أنه ليست كل الاقتراحات بقوانين المقدمة من السادة النواب تجيء بحسب المستوى المطلوب.. فهناك اقتراحات بقوانين تسقط سقوطا مدويا منذ أول خطوة في مسيرة التشريعات الجديدة، إذ إن بعض الاقتراحات بقوانين تُقْبَرُ في مهدها وتُكفن بمسودتها رغم أن بعضها تكون هيئة مكتب المجلس قد وافقت عليه؟! وهذا الذي أقوله لا يجوز أبدا أن يؤخرني عن أن أحيي سعادة النائب أحمد العامر الذي تربع على عرش الإنجاز في مجال آلية التشريعات أو الاقتراحات بقوانين، وأشد على يديه.. ذلك لأنه قد تقدم في دور انعقاد واحد بـ(8) اقتراحات بقوانين وهذا رقم كبيرا قد استلزم جهدا وعملا كبيرين، وخاصةً عندما يكون هذا الرقم الذي أُنجز قد جاء في دور انعقاد واحد. فأي اقتراح صحيح بقانون يستلزم تعبا وبحثا ودراسة مسبقة وإلماما كاملا برصيد الثروة التشريعية البحرينية.. فاكتشاف أن أي اقتراح بقانون قد جاء مكررا وموجودا على الأرض هو في حد ذاته كارثة لا تغتفر.. وهذا بعكس الاقتراحات برغبة التي تعرض على المجلس، ويناقشها المجلس ويقرها في جلسة عامة ثم ترفع إلى الحكومة.. وأحيانا كثيرة تعود من عند الحكومة مقرونة بعبارة «إن هذا الاقتراح برغبة مطبقٌ على أرض الواقع»!!! ورغم أنني لست متحمسا كثيرا لآلية الأسئلة النيابية ومدى جدواها وتسببها في هدر وقت المجلس.. إذ إنها الآلية التي يجلس خلال طرحها (39) نائبا كمتفرجين ساعات طويلة.. وأن من يوجهها هو نائب واحد إلى وزير واحد.. ولا يجوز لأي نائب آخر أن ينطق ببنت شفة أثناء الحوار الذي يدور بين النائب والوزير. لكني رغم ذلك أعترف بأنه توجه أحيانا أسئلة نيابية من قبل بعض السادة النواب إلى أصحاب السعادة الوزراء يترتب عليها تفجير قضية مجتمعية مهمة وخطيرة قد لا يهدأ أوارها إلا بعد سنوات، وإنني لا أغالي إن قلت إن بعض الأسئلة تأخذ أحيانا مرتبة «الاستجواب» في جدواها ونتائجها وأهميتها ومستواها.. إن لم يكن أفضل وأعلى!! وقد لاحظت أن السادة النواب في معظمهم قد جاءوا مُرَشِّدين من تلقاء أنفسهم في التقدم بأسئلتهم النيابية في دور الانعقاد الأول، وأن معظمهم لم يصلوا بأسئلتهم المقدمة إلى الحد المسموح به قانونا خلال دور الانعقاد الواحد.. وقد حققوا ما كنت أتمناه ويتمناه الجميع بألا يسرف السادة النواب في توجيه الأسئلة النيابية إلى الوزراء.. إذ إنه في الفصول التشريعية الأربعة السابقة كان الإسراف في التقدم بالأسئلة النيابية هو الظاهر إن لم يكن على أشده.. ولم يكن ذلك يعد إنجازا في حد ذاته لأن معظم الأسئلة كانت تسأل عن معلومات وبيانات.. وكان يمكن الحصول على هذه المعلومات بشكل أسرع لو رفع السائل سماعة التلفون وخاطب سكرتيرة الوزير!! ولكنها الرغبة الجامحة في الاستعراض أمام جميع الزملاء وعبر سحر الأثير!! وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقدم شهادة مُقتضاها أن السادة النواب قد أبلوا بلاءً حسنًا في التعامل مع آلية الأسئلة النيابية؛ فقد ساد طرحهم الأدب الجم والتحضر العالي في التحاور مع أصحاب السعادة الوزراء.. وهذا بعكس فصول وأدوار انعقاد سابقة.. ولذلك لا أملك سوى أن أحييهم جميعا، داعيا لهم بتواصل هذا النهج القويم في أدوار الانعقاد المقبلة.
مشاركة :