التصعيد الأميركي ضد إيران يعيد توزيع الأدوار في الشرق الأوسط

  • 5/23/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وتعلم طهران جيدا أن رفض النهج الأميركي لن يجلب لها دعما وتأييدا من أعداء واشنطن، أكثر من الشجب والاستنكار. لكنها ربما تتوهّم بأنها قادرة على تجيير بعض المواقف الدولية لمصلحتها، وقد تتوهّم أنه يمكنها أن تخرج قوية ومنتصرة في مواجهة عسكرية محدودة إذا حصلت، اعتمادا على امتداد أذرعها وتعدد خياراتها الممتدة على رقعة جغرافية تشمل منطقة الشرق الأوسط وجزءا من أفريقيا، مما يمنح الإيرانيين قدرة إضافية على المبادرة والمفاجأة. رغم تصريحات الطرفين الأميركي والإيراني التي تشير إلى عدم الرغبة في الحرب، فإن الإيرانيين يحاولون إظهار أنهم على أهبة الاستعداد للحرب، وأن لديهم مفاجآت تربك الخصوم. مقابل ذلك ترد أنباء عن استعدادات أميركية ممنهجة للحرب، فكيف ستنتهي المبارزة بين الجبروت الأميركي والدهاء الإيراني؟ أدى الإنفاق العسكري غير المتوازن مع الموارد دورا سلبيا على النمو الاقتصادي، حيث ارتفع معدل التضخم من 11.9 بالمئة عام 2014 إلى 34.9 بالمئة عام 2018. كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 25 بالمئة من عدد السكان، بينما يعاني 40 مليون إيراني من العيش تحت خط الفق. وتدنى سعر صرف العملة الإيرانية ليصل إلى أقل مستوياته على الإطلاق، حيث خسر أكثر من 85 بالمئة من قيمته أمام الدولار ليصل إلى 43.166.90 تومان مقابل الدولار الواحد. ولعل السبب الرئيس فيما آل إليه الوضع الاقتصادي في إيران، هو سيطرة الحرس الثوري على نحو 55 بالمئة من حجم الناتج القومي للبلاد، واستخدام هذه الأموال في دعم الميليشيات الطائفية المسلحة العاملة خارج إيران. ونجم عن ذلك تزايد الديون، وارتفاع الضرائب، وانخفاض إنتاجية القطاع الخاص، وتراجع معدلات الادخار والاستثمار، ما دفع الشعب الإيراني إلى الخروج إلى الشوارع تعبيرا عن سخطه واحتقانه الداخلي في مظاهرات غاضبة عمت قبل أشهر معظم المدن الإيرانية. لولا الدعم الإيراني لسقط نظام الأسد، عبارة طالما كررها المسؤولون الإيرانيون. ولا أحد يماري في أن الدعم الإيراني لبشار الأسد هو الذي حال دون سقوطه، سواء كان هذا الدعم بالتدخل العسكري المباشر من خلال حزب الله والميليشيات الشيعية التي جلبتها إيران من مختلف البلدان، أو من خلال الدعم الاقتصادي خصوصا في ما يتعلق بالإمدادات النفطية. مقابل دعمها، وقعت إيران اتفاقيات كثيرة مع نظام الأسد، حصلت من خلالها على بعض المكتسبات المادية، لكن جميع هذه المكتسبات المستقبلية لا يمكن أن تغطي إلا الجزء اليسير مما أنفقته إيران نقدا في سوريا، خصوصا وأن نظام الأسد قام بتوقيع بيع / إيجار بعض المؤسسات الحكومية للروس والإيرانيين في وقت واحد. في المؤتمر الصحافي بين وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة، بدا واضحا أن الطرف الروسي غير مكترث بالتهديدات الأميركية ضد حليفه الإيراني. واللافت أكثر، كان تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما ألقى باللائمة على إيران قائلا“بمجرد أن تتخذ إيران الخطوات الأولى كرد فعل، وتعلن خروجها من الصفقة، فسينسى الجميع أن الولايات المتحدة كانت هي البادئ بانهيار الاتفاق، وسيتم إلقاء اللوم على إيران“. وأضاف بوتين أن “روسيا ليست فرقة إطفاء ونحن غير قادرين على إنقاذ الجميع”. وبدت الجملة الأخيرة بمثابة رسالة لواشنطن بأن موسكو على استعداد لمقايضة طهران.

مشاركة :