ويستفيد من نظام الدعم الحكومي المترهل، الذي تعتمده الجزائر منذ استقلالها في عام 1962 كل المواطنين دون استثناء سواء كانوا أغنياء أو فقراء، وهو ما أدى إلى عمليات احتيال في نهاية المطاف. وترددت السلطات كثيرا في السابق لإصلاح نظام الدعم، والذي سمح لها بشراء السلم الاجتماعي باستخدام الأموال الطائلة التي وفرها ارتفاع أسعار النفط قبل 2014. ويعتمد نظام الدعم المعمول به على ركيزتين أساسيتين، الأولى التحويلات الاجتماعية، وهي مخصصات مالية في موازنة الدولة لتمويل الصحة والتعليم المجانيين لكل المواطنين مهما كان دخلهم، إضافة إلى توفير السكن بأسعار منخفضة. وتتعلق الركيزة الثانية بتعويض سياسة مراقبة الأسعار المعتمدة إلى سنوات 1990، بدعم المواد الغذائية الأساسية وهي الخبز والزيت والسكر والطحين والحليب، إضافة إلى دعم أسعار الكهرباء والغاز والنقل. ومن الواضح أن نظام الدعم بشكله الحالي أثر كثيرا على المالية العامة مع تقلص عوائد الطاقة، لا سيما وأن الجزائر تعتمد على هذا المورد الذي يشكل أكثر من 90 من عائداتها المالية. وبالإضافة إلى كون نظام الدعم سخيا جدا، فهو في الوقت ذاته غير عادل بما أنه يلائم أكثر المواطنين الذين يستهلكون أكثر، أي الأغنياء. ويقول صندوق النقد الدولي إن 20 بالمئة من الجزائريين الأكثر ثراء يستهلكون 6 مرات أكثر من الوقود من نحو 20 بالمئة الأكثر فقرا. ولا تزال البلاد حتى اليوم مرتهنة للأسواق الخارجية لتلبية احتياجاتها الغذائية، وهذا الأمر يشكل دائرة خطر على الدولة التي تعاني من تراجع غير مسبوق في عوائد الطاقة منذ بداية الأزمة منتصف 2014 رغم أن الأسعار عادت وتعافت. وتأمل الجزائر في زيادة إنتاج القمح، أحد المكونات الرئيسية في فاتورة واردات الغذاء، إلى 5.3 مليون طن بحلول 2022 من 3.5 مليون طن تم إنتاجها العام الماضي. وتوقعت ذ إدارة الخدمات الزراعية الدولية بوزارة الزراعة الأميركية في تقرير أصدرته العام الماضي أن تستهلك الجزائر، أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، قرابة 10.55 مليون طن من القمح في موسم الزراعي الحالي. وفي وقت سابق هذا الشهر، انحنت السلطات الجزائرية لعاصفة العجز التجاري المتفاقم واتخذت عدة قرارات هامة تهدف إلى تقليص الفاتورة السنوية للواردات. وقالت الحكومة في بيان حينها إن “القرارات تشمل كافة قطع غيار السيارات والمواد الأولية التي تدخل في صناعة التجهيزات الإلكترونية والهواتف الذكية”.
مشاركة :