كلام عن الصحافة.. يحتاج إلى حقيقة!!

  • 3/3/2011
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

هذه خطوة رائدة أقدمت عليها مجلة اليمامة! إن الصحافة المعاصرة ينبغي عليها أن تواكب «المحتوى الزمني» بكل ما فيه، والقارئ اليوم يتوخى وجود أجوبة تفصيلية عن كل ما يعتمل في ذهنه ونفسيته من أسئلة تتوالد يومياً وهو قارئ يمارس بنظراته على صفحات الجرائد والمجلات اللعبة الشعبية «البربر!».. ويعتقد أن الدراسات والقراءات العميقة، والمتابعة الفكرية لم يعد مجالها الصحف والمجلات وإنما يتعلمها من الكتاب، والقارئ - كذلك - لم يعد يقتنع بجانب واحد من جوانب الحياة.. تنفرد به مجلة أو صحيفة!. إن المجلات الأدبية تقدم «الخبز» فقط، والخبز هو الذي يشبع «وعاء» الجسد.. وهو شبع الفقراء دائماً، والناس في هذا العصر يرفضون - مبدئياً - فكرة الجوع، وينكرون - ابتداعياً - حقيقة الفقر، ويتوقون - استطلاعياً إلى حياة غنية.. ولهذا أصبحت هناك حقيقة تشير إلى «صورة!» الناس وهم يبحثون عن أخبار كل شيء في العالم.. إن «الخبز» وحده لم يعد يكفي. بل يجب أن يكون مع الخبز خضراوات، ورز، وفاكهة، وحلوى، ومهضمات!. والمثل لدينا.. في سنوات آفلة قديمة.. كان هناك مجلة «الرسالة» تصدر من مصر، وكان يكتب فيها أعلام النهضة الأدبية في تلك الفترة.. وقد نجحت كمجلة أدبية فكرية، وغذت عقول القارئين في كل العالم العربي، واعتبرت مدرسة فكرية تخرج منها الكثير.. وفي تلك الفترة لم يكن انتشار التعليم كما هو متسع، وشامل الآن.. ولم تكن قضايا العالم تستقطب اهتمام الإنسان.. لأن الإنسان نفسه كان محدود الذهن، والتفكير، مقعى الفهم... لا يتخطى حدود المعرف الإنسانية«!» وعصرنا اليوم ارتقى بالمدارك بعد انتصار المعلم، ودخوله كل منطقة حتى أدغال إفريقيا.. فأصبح الخبز وحده لا يشكل غذاءه كاملاً.. أعني أن الأدب وحده لم يعد ثقافة، ومعرفة.. إن القارئ يبحث اليوم عن قضايا الساعة. عن أحدث صرخة اجتماعية.. عن أطرف نادرة... عن أمتع بحث سياسي.. عن أخبار العلم.. بجانب تقبله للقصة المحبوكة، والرواية الهادفة التي تعكس له قضاياه الاجتماعية والقصيدة الشعرية التي تنتصر لمتطلباته «!». وهكذا سقطت واختفت مجلة الرسالة حتى بعد إعادة إصدارها قبل سنوات وحتى لا تسقط مجلة الآداب أدخلت إلى محتواها مع الأدب بحوثاً سياسية واجتماعية، واستطاعت مجلة العربي أن تنجح بسبب اهتمامها بكل الجوانب في حياة الإنسان!. وأسلوب «الساندويتش» والترانزستور هو سمات هذا العصر.. لم يعد القارئ يطيق احتمال الموضوعات المطولة.. إلا إذا كان قارئ كتاب ودارس، والقارئ المصري «مفلحس» ومغرور.. إنه كما قال توفيق الحكيم: * «من القراء من يشبه البحار الجاهل الذي يسير بغير بوصلة، ولا يعرف شماله من جنوبه، ولا يحسن إلا أن ينشر شراعه، وينطلق في بحره على غير هدى.. فإذا ضل لم يتهم جهله.. إنما اتهم البحر وخلوه من الجزر والشواطئ»!. وهذا يعني أن على الصحافة اليوم أن تكون ذكية لاكتساب القارئ، وبالتالي للاستفادة ما تقدمه للقارئ. تستفيد الصحافة بتنوير القارئ.. باقتناعه.. بالتأثير على فكرة.. لتنعش الصحافة بعد ذلك وتؤدي رسالتها كاملة، وبلا عناء..! إن الصحيفة الناجحة اليوم تعتمد - لكي تنجح - على طابعها، وقسماتها، وشكلها.. هذا مطلب أولي.. ثم تعتمد على خفة الروح، والحركة والإجادة، في العرض.. فالجمود الصحفي لا يفيد إلا أصحاب الحوانيت (!).. فإذا ضمنت الصحيفة ذلك قدمت الأفكار التي تريدها، وتهدف من ورائها إلى تحقيق «زواج» بين تلك الأفكار وذهنية القارئ!.. وبلادنا تكاد تكون خلواً من المجلات الأدبية الاجتماعية المصورة.. إن الصورة.. هي عامل مهم لاجتذاب القارئ!.. والقارئ نفسه - فيما يخيل إلي - يعتني بحاضره كأساس يشيد عليه قوائم مستقبله.. كأنه يردد عبارة المازني القائلة: * «فلندع الخلود إذن.. ولنسأل كم شبراً مهدنا من الطريق»؟! إن هذا يعني.. البحث عن الحقيقة! والصحافة دائماً تبحث عن الحقيقة، وتضيء الجوانب كلها لتشير إلى الحقائق.. وأكثر ما يهم الإنسان أن يجد حقيقة واحدة، وتتوالى بعد ذلك كل الحقائق!.. فالصورة حقيقة، والخبر الجديد «الطازج» حقيقة، والكاريكاتير حقيقة ساخرة، والقصة حقيقة، والاستطلاعات الصحفية تتحدث عن حقائق، والخواطر حقائق في النفس، والشعر حقيقة الأماني، والمقال الصحفي إشارة إلى حقائق! وفي إطار هذه المفاهيم يتحتم على الكاتب أن يؤدي رسالته، ويتوجب على الصحيفة والمجلة أن تعطيا أكلهما، ويترتب على القارئ أن يطالب بما يريده، وأن يشارك في البناء ما أمكن! إن الصحافة منطلق.. وبدهي أن يكون المنطلق شريفاً، مخلصاً، أميناً، واحتياج الناس في بلادنا إلى مجلة مصورة.. شاملة.. معناه بلورة الرغبة المشرئبة إلى معرفة ما يدور في العالم، وتفهم ما يقال، ومتابعة ما يجري! ولقد خطت اليمامة هذه الخطوة لعاملين: - التجاوب مع رغبات ومطالب القراء! - المواكبة للتطور الصحفي الملموس في بلاد شقيقة! و..... بعد كل هذه «الدربكة» هناك كثر لا يزال يحمل مصباح ديوجين.. ويرفعه إلى عين الشمس! * * * آخر الصفحة: * من قصيدة - إلى العام ============== الجديد - للشاعرة فدوى طوقان.. حفظت هذه القطعة: «أعطنا حباً، فبالحب كنوز الخير فينا تتفجر وأغانينا ستخضر على الحب وتزهر وستنهل عطاء.. وثراء.. وخصوبة أعطنا حباً فنبني العالم المنهار فينا من جديد.. ونعيد فرحة الخصب لدنيانا الجديدة»!

مشاركة :