صندوق النقد الدولي: فشل أردوغان جعل الليرة التركية "ثاني أسوأ عملة في العالم"

  • 5/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حذر مسؤولون سابقون في صندوق النقد الدولي من أن تركيا قد تتخلف قريباً عن سداد ديونها الخارجية المتراكمة بسبب فشل رئيسها رجب طيب أردوغان في التعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب بلاده في الفترة الحالية، والتي أدت إلى حدوث هبوطٍ حادٍ في قيمة العملة المحلية. وقال ديزموند لاكمان النائب السابق لقسم تطوير ومراجعة السياسات في الصندوق، إن الكارثة الاقتصادية التي تُحدق بتركيا ستلقي بظلالها على آفاق نمو باقي الاقتصادات الناشئة في أوروبا ومصارفها، خاصةً في دولٍ مثل إسبانيا، وذلك في ضوء تفاقم حالة «الانكشاف» التي يعاني منها ملف الديون التركية في الوقت الحاضر. وأشار لاكمان - الذي يعمل حالياً باحثاً بارزاً في مركز «أميركان إنتربرايز إنستيتيوت» للأبحاث والدراسات في واشنطن - إلى أن الليرة التركية أصبحت في ظل حكم أردوغان «ثاني أسوأ عملة من حيث الأداء على مستوى العالم، بعدما انهارت قيمتها بنسبةٍ تصل إلى 30% خلال العام الماضي». وأكد الخبير الاقتصادي المرموق أن مسيرة الانهيار تواصلت منذ مطلع العام الجاري «لتفقد العملة التركية قرابة 14% من قيمتها، مع عدم وجود أي مؤشراتٍ على إمكانية حدوث استقرار لها» قريباً، قائلاً إن أساس المشكلة التي تعاني منها الليرة تكمن في «فقدان المستثمرين المحليين والأجانب ثقتهم في قدرة حكومة أردوغان على تصحيح الاختلالات الاقتصادية الضخمة، التي تراكمت على مدار سنوات من انتهاج السياسات المالية والنقدية المتساهلة بإفراط». وفي مقالٍ نشره الموقع الإلكتروني لمركز «المنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية» للأبحاث الذي يتخذ من لندن مقراً له، شدد لاكمان على أن مخاوف هؤلاء المستثمرين، تفاقمت مع وصول معدل التضخم في تركيا إلى 20% على الأقل «وهو ما يزيد بواقع أربعة أضعاف عن المعدل الرسمي الذي يستهدفه المصرف المركزي للبلاد». كما زاد من الأزمة المالية الحادة التي تضرب تركيا، الضغوط الهائلة التي يمارسها أردوغان على المصرف المركزي لإجباره على عدم اتخاذ قرارٍ برفع سعر الفائدة، وذلك بهدف وقف التراجع الحاد والمستمر في سعر العملة المحلية وكبح جماح التضخم الخارج عن نطاق السيطرة. وفي مقاله الذي حمل عنوان «تركيا بصدد التخلف عن سداد ديونها وأردوغان يتحمل المسؤولية عن انهيار قيمة الليرة»، أكد الخبير الاقتصادي الدولي أن الرئيس التركي هو المسؤول الأول والأخير عن الطريق المسدود الذي تواجه بلاده حالياً على الصعيد الاقتصادي والمالي، مُشيراً إلى سياسات المحسوبية التي ينتهجها أردوغان، والتي عزل في إطارها المسؤولين الأكفاء في الشؤون المالية واختار «شخصياتٍ أشبه بالدُمى، توافق دائماً على كل قراراته، مثل ما حدث عندما عين صهره وزيراً للمالية». وقال إن أردوغان أذكى مخاوف المستثمرين في مدى قدرة الاقتصاد التركي على الخروج من أزمته عبر تبنيه سياساتٍ طائشةٍ أخرى، من قبيل تدخله السافر لإعادة الانتخابات المحلية في مدينة إسطنبول، بعدما خسر مرشح حزبه الاقتراع الذي أُجري هناك في 31 مارس الماضي، أمام مرشح المعارضة. ومن بين هذه السياسات أيضاً، إمعان الرئيس التركي في توتير علاقات أنقرة بواشنطن من خلال التشبث بإتمام صفقة شراء منظومة «إس 400» الروسية المتطورة للدفاع الصاروخي، على الرغم من رفض الولايات المتحدة وباقي دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) لهذه الخطوة المتهورة. وأكد الكاتب في المقال أن تركيا باتت تعاني جراء كل ذلك من مستوى مرتفعٍ للغاية من الديون قصيرة الأجل، كما أن قطاع المؤسسات والشركات فيها استدان بصورةٍ مفرطةٍ مبالغ كبيرةً بالدولار، وبقيمةٍ هائلةٍ بلغت 300 مليار دولار، مُشيراً إلى أن «عبء خدمة الدين تزايد في ظل تراجع قيمة الليرة والانكماش الذي يضرب الاقتصاد» التركي. وأوضح أن التقديرات تفيد بأن «تكاليف خدمة الديون الخارجية التي سيتعين على النظام التركي سدادها خلال العام المقبل تصل إلى 180 مليار دولار، وهو ما يتزامن مع تضاؤل احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي إلى ما لا يزيد على قيمة ما يكفي لتغطية تكاليف ثلاثة أشهر من الواردات». وانتقد تباطؤ أردوغان في التحرك للتعامل مع الأزمة النقدية الحالية، قائلاً إن هذا الرجل «لا يبدي أي إشارةٍ على شعوره بأنه من الملح اتخاذ أي إجراءاتٍ على هذا الصعيد، بل إنه يُفاقم في واقع الأمر من مناخ عدم اليقين السائد على الساحة السياسية، عبر إجبار (اللجنة العليا للانتخابات) على إعادة الاقتراع في إسطنبول». وأشار إلى أن هذا التقاعس يزيد من مخاطر دخول الليرة في «جولةٍ أخرى من دورتها المشوهة، التي تقود إلى إفلاس الشركات والمؤسسات، وهو ما يفضي بدوره إلى حدوث تآكلٍ أكبر في ثقة المستثمرين، مما سيؤدي بالتبعية إلى تعميق أزمة ضعف العملة». وبحسب المقال، تشكل الاضطرابات السياسية التي تموج بها تركيا حالياً عاملاً إضافياً من شأنه «إضعاف قيمة الليرة، وتراجع ثقة المستثمرين».

مشاركة :