من المؤسف أن الذي ينقم على منجزات الوطن ويسيء إلى مؤسساته - وكأننا دولة متخلفة - يتصدر المجالس ويسمع كلامه. ومن ينحاز للوطن ومنجزاته يصبح منافقا. روح سلبية ونقمة حول كل ما هو على الأرض وسافلها: على الطرق، الصحة، التعليم، الإسكان، الخدمات وغيرها، وكأننا لا نستطيع أن نرى المناطق المبهجة ونرحب بها، ونعزز قوتها، كي ننقل العدوى الإيجابية منها إلى المناطق الرمادية والسوداء. أرسل صديق لي رسالة "واتساب" عندما كان في أحد مطارات أستراليا بصحبة ابنته المبتعثة، يتهكم فيها على وضع إحدى "الخطوط الجوية" هناك وما حدث له معها وقال "كم نحن في نعمة في السعودية" وأرسل لي رابطا لموقع إلكتروني. أثار فضولي وتصفحت الموقع العالمي الذي أرسله وهو flightstats.com الذي يقوم برصد يومي لكل شركات الطيران في العالم وكانت المفاجأة: ناقلنا الوطني (السعودية) يحصد الإعجاب دوليا ويقابل بالنقد الحاد داخليا. وكي لا أكون عاطفيا، تحققت أكثر متلمسا وقائع تقنعني "إحصائيا"، ووجدت مثلا: أن الخطوط السعودية تتفوق على الإماراتية بعدد الرحلات: في شهر فبراير الماضي مثلا، السعودية سيرت 15022 رحلة بينما الإماراتية 14032 أي بفارق ألف رحلة تقريبا. وهو يخالف الاعتقاد السائد بأن الإمارات تسير رحلات أكثر منا. المثال الثاني: في مواعيد وصول الرحلات، حقق ناقلنا الوطني المركز 15 على مستوى العالم في دقة مواعيد الوصول بنسبة تأخير لا تتجاوز 10% وهي نسبة رائعة بالمقارنة مع خطوط عالمية أخرى تصل نسبة التأخير لديها إلى 50% بحسب الموقع الإحصائي المحايد نفسه وكانت الإماراتية التي نتغزل بها مثلا ولها كامل الاحترام طبعا في المركز الـ٤١، المثال الثالث: الخطوط السعودية حصلت في عام 2014 على جائزة أفضل مقعد للدرجة السياحية، وانطلاقا من إحساس التشكيك والصورة النمطية السائدة التي أعاني منها أنا أيضا، بحثت فوجدت أن طائرات ناقلنا الوطني 770/300 ، تم تنظيم كراسي مقاعد الدرجة السياحية فيها وفق الشكل التالي: 3X3X3 ، بينما أغلب الطائرات في العالم مثلا كان تنظيمها هكذا: 3X4X3، مما يعني أن الخطوط السعودية ضحت بمقعد كامل في كل صف في الطائرة من أجل اكتساب مساحة أوسع لراحة المسافر، وعليه حصلت على هذه الجائزة. أنا مؤمن تماما بأننا كسعوديين تفوقنا على غيرنا كوننا الناطقين الرسميين لـ"السمعة السيئة" من خلال تضخيم الصوت عبر وسائل صوتنا العالي مثل "تويتر"، فيكون الموقف الواحد الذي تعرض إليه أحدنا يسمعه ويقرأه ويتناقله ويمضغه كل متابعينا، ويتم إعادة التغريد كعادة فطرية سلبية لكل سيئ دون تفكير في وطننا، فتتطور السمعة السيئة لتصبح شكاوى لا حقائق فيها.
مشاركة :