بعد أسابيع على الإشادة بقدراته العسكرية وذكائه في التعامل مع الأحداث الأمنية إلى حد وصفه بأنه "أسطورة" يبدو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء قاسم سليماني، في موقف محرج على جبهتي سوريا والعراق، فبعد ظهوره بلباس القتال والحرص على التقاط الصور في الخطوط الأمامية، تبدو مخططات سليماني بحاجة للمراجعة على ضوء النتائج الميدانية. ففي العراق، يسود الجمود جبهة تكريت التي هاجمتها قوات كبيرة من الجيش العراقي والمليشيات الشيعية، ونسب الفضل في التقدم الذي حصل بالأيام الأولى للقتال إلى مخططات سليماني الذي وصفه بأنه قادر على قيادة حروب في أكثر من جبهة بوقت واحد. وأدت الانتهاكات التي اتهمت المليشيات الشيعية بتنفيذها في المنطقة بتوجيه انتقادات حادة إليها، وهي المعروفة بقربها من الحرس الثوري الإيراني، وقد وجهت الإدارة الأمريكية انتقادات علنية لتلك القوات مشترطة تراجعها إلى خارج المدينة من أجل المساعدة على توجيه ضربات جوية لقوات داعش التي تدافع عن أحياء فيها استعصت منذ أيام على القوات العراقية. وفي سوريا، كانت المواقع المقربة من إيران وسوريا وحزب الله اللبناني قد تحدثت طوال أسابيع عن عملية عسكرية حاسمة يخوضها آلاف الجنود الموالين لنظام الرئيس بشار الأسد في شمال وجنوب سوريا، بهدف دفع المعارضة بعيدا عن دمشق في الجنوب، واسترداد مناطق واسعة قرب الحدود مع الأردن وإسرائيل، وفرض الطوق على مدينة حلب في الشمال تمهيدا لاستعادتها. ولكن الأمور انقلبت بشكل عكسي على الجبهتين، ففي الشمال صدت قوات المعارضة - بعد توحيد صفوفها – الهجوم الواسع النطاق وتمكنت من استعادة مناطق خسرتها بأيام المعارك الأولى حول حلب، وكبدت القوات المهاجمة خسائر كبيرة ونقلتها إلى موقف دفاعي في بعض البلدات القليلة التي مازالت بيدها. واستكملت الخسائر النظامية السبت بإعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو هيئة معارضة مقرها لندن، عن معارك طاحنة في شوارع مدينة إدلب تخوضها "جبهة النصرة" (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وحركة "أحرار الشام الإسلامية" وتنظيم "جند الأقصى" مع القوات النظامية داخل مدينة إدلب التي كانت أكبر معقل للنظام شمال البلاد، وذلك بعد سلسلة خسائر فتحت الباب أمام تقدم المعارضة نحو قلب المدينة. أما في الجنوب، فقد استوعبت المعارضة السورية الهجوم الواسع للقوات النظامية المدعومة بحزب الله اللبناني في محافظة درعا، وتمكنت من صده بعد معارك واسعة، وانتقلت القوات المدافعة إلى موقف هجومي توّج قبل يومين بالسيطرة على مدينة بصرى الشام، التي تعتبر أبرز موقع للنظام السوري قرب الحدود مع الأردن، خاصة وأنها تضم أقلية شيعية موالية له.
مشاركة :