يخوض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد الانتخابات الأوروبية، بعد عامين من اعتلائه منصب الرئاسة، كمدافع عن الديمقراطيات الليبرالية في مواجهة الشعبويين ووحدة الاتحاد الأوروبي، رغم تراجع شعبيته في بلاده التي تأثرت بأزمة "السترات الصفراء" منذ ستة أشهر. ووضع ماكرون نفسه رأس حربة في الحملة، ما يعني أن أي خسارة له في مواجهة اليمين المتطرف قد تجبره على تغيير فريقه الحكومي وإعادة النظر في وتيرة إصلاحاته. وبعدما أظهرت استطلاعات الرأي لوقت طويل تقاربا كبيرا بين "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبن وحزب "الجمهورية إلى الأمام" الرئاسي، باتت قائمة اليمين المتطرف تتقدم بما يراوح بين 0.5 نقطة ونقطتين، وذلك في نهاية حملة اتخذت شكل صراع بين المعسكرين. وأعلن الرئيس الفرنسي الثلاثاء العنوان العريض للانتخابات، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يهدده "خطر وجودي" قد يفضي إلى "تفككه" تحت وطأة الموجة الشعبوية. وأعرب عن أمله في "بناء ائتلاف كبير من التقدميين" في مواجهة "من يريدون تدمير أوروبا عبر القومية". من جهته، اعتبر الاميركي ستيف بانون أحد المهندسين الرئيسيين للمعسكر الشعبوي في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان" أن الانتخابات في فرنسا ستكون "الأكثر أهمية" للأوروبيين، مضيفا "أنها استفتاء عليه (ماكرون) وعلى رؤيته لاوروبا".بدورها، تدرج مارين لوبن المرشحة الخاسرة في انتخابات 2017 الرئاسية، هذه المعركة في الإطار المذكور، علما بأنها اختارت على رأس قائمتها مرشحا أصغر سنا من ماكرون هو جوردان بارديلا (23 عاما). وطالبت الناخبين بعدم "منح (الرئيس) شيكا على بياض" فيما تسعى الأحزاب الأخرى إلى إسماع صوتها في ظل هذا الانقسام العمودي. ويرى سيباستيان مايار مدير معهد جاك دولور أن "خسارة شخص ما مؤيد لأوروبا الانتخابات الأوروبية في عقر داره تشكل مساسا بمصداقيته". وفي هذا السياق، لن يكون الرئيس الفرنسي مجبرا على اتخاذ خطوات في فرنسا فحسب، عبر تغيير حكومته على الأرجح، بل سيكون لهذا الأمر تأثير طويل المدى في أوروبا. ويقول بريس تانتورييه المدير العام لمعهد ايبسوس لاستطلاعات الرأي إن "قدرته على أن يكون أحد أبرز القادة في أوروبا مستغلا قرب انتهاء المسيرة السياسية لأنجيلا ميركل وانقسامات في أماكن أخرى، سيلحق بها ضرر كبير في حال تعرض لخسارة قوية"، وخصوصا أن الرئيس الفرنسي يواجه مرحلة حساسة مع المستشارة الألمانية، حليفته الأولى على المسرح الأوروبي والتي تناهض بدورها الحركات الشعبوية التي يجسدها الايطالي ماتيو سالفيني والمجري فيكتور أوربان وحتى لوبن. والخلافات كثيرة، وبينها كيفية توزيع المناصب داخل المؤسسات الأوروبية.ويلاحظ مايار عدم ارتياح فرنسي إلى موقف ألمانيا التي لا تجاري ماكرون في نيته المضي قدما في تنفيذ أفكاره ومشاريعه على صعيد أوروبا. وعلى صعيد السياسة الداخلية، سيكون الرئيس الفرنسي مجبرا على الأرجح على تغيير حكومته واعادة النظر في خطته الإصلاحية، علما بأنه يرغب في تطبيق "الفصل الثاني" من تلك الإصلاحات بعدما نفذ جزءا منها في مستهل ولايته، وأبرز عناوين هذا الفصل ما يتصل بقانون العمل. ويقول وزير لم يشأ كشف هويته "إذا تقدمت الجبهة الوطنية في شكل كبير فلا بد من تغيير حكومي. كيف يمكن للمرء أن يخسر الانتخابات" ولا يغير رئيس الوزراء مثلا. ويبدو أن ماكرون فاتح وزراءه بهذا الأمر في الكواليس، وتحديدا في 30 أبريل، حين لمح إلى تغييرات في الفريق الحكومي في حال هزيمته في الانتخابات الأوروبية.
مشاركة :