يتوجه النيجيريون إلى صناديق الاقتراع اليوم لانتخاب رئيس للبلاد وجمعية تشريعية، على وقع مخاطر العنف السياسي وتهديدات جماعة «بوكو حرام» المتشددة. وعشية هذا الاقتراع، أعلن الجيش أنه استعاد أمس مدينة غوزا الواقعة في شمال شرقي البلاد، والتي أعلنت جماعة «بوكو حرام» منها العام الماضي «دولة الخلافة». وحذر الرئيس المنتهية ولايته الطامح لفترة ثانية، غودلاك جوناثان، أمس، من وقوع أعمال عنف خلال الانتخابات، وحث مواطنيه على التصويت بكثافة وهدوء. وقال جوناثان «بصفتي رئيسا للجمهورية وقائدا أعلى للقوات المسلحة، فإنني ملزم بموجب القسم الذي أديته بالدفاع عن أرواح جميع النيجيريين وعن أمن بلادنا في جميع الأوقات. لن أتخلى عن مسؤولياتي في هذا الصدد». وأضاف «على من يضمرون نوايا لاختبار إرادتنا عبر القيام بأعمال عنف خلال الانتخابات لدفع طموحاتهم السياسية أن يعيدوا التفكير». وشدد على أنه لا يوجد أي شيء يبرر ارتكاب أعمال العنف أو سفك الدماء، مضيفا أن إجراءات أمنية قد اتخذت لضمان عملية انتخابية حرة ونزيهة. وبالفعل، أغلقت الحدود البحرية والبرية منتصف الليلة قبل الماضية بينما فرض «منع تام» على حركة السيارات اليوم باستثناء «المهمات الأساسية» بين الساعة الثامنة صباحا والخامسة مساء. ويبدو أن الانتخابات الرئاسية ستشهد منافسة هي الأشد في تاريخ هذا البلد الذي يضم 173 مليون نسمة، بين الرئيس الحالي وخصمه الجنرال السابق محمد بخاري. من جهتها، قالت وزارة الدفاع النيجيرية على حسابها على «تويتر» إن «الجيش سيطر على غوزا ودمر مقر ما يسمى الخلافة للإرهابيين». وأضاف أن «عددا كبيرا من الإرهابيين قتلوا أو أسروا»، موضحا أن «عملية تطهير كاملة تجري في غوزا وضواحيها». وبدوره، أكد المتحدث باسم الجيش النيجيري كريس أولوكولادي أن استعادة المدينة كانت «نتيجة عمليات برية وجوية متفق عليها ومنسقة بشكل جيد». وأضاف أن «أسلحة وذخائر كثيرة عثر عليها في المقر الإداري العام لـ(بوكو حرام) ودمرت بالكامل». وتابع أن عمليات بحث واسعة أطلقت «لرصد أماكن الإرهابيين الفارين أو الرهائن الذين يحتجزونهم». وكان أبو بكر شيكاو، زعيم ما يسمى «جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد» المعروفة بـ«بوكو حرام»، قد أعلن في أغسطس (آب) الماضي من غوزا التي استولى عليها المتمردون في يونيو (حزيران) 2014 «الخلافة» في المنطقة التي سيطر عليها المتشددون في شمال شرقي البلاد. وكان سكان من هذه المدينة قالوا إن متشددي «بوكو حرام» يتجمعون فيها ويقتلون المدنيين الذين لم يتمكنوا من الرحيل. ويبدو أن التنظيم كان يستعد للدفاع عن معقله بعد الهزائم التي ألحقها به الجيش النيجيري وحلفاؤه من الدول المجاورة خصوصا تشاد. وقال المتحدث باسم الجيش إنه عثر على جثث في بئر. وأكد عثمان علي الذي أرغم على القتال في صفوف «بوكو حرام» أن شيكاو شخصيا أمر بقتل نساء المدينة. من جهته، أكد علي، المزارع البالغ من العمر 35 عاما، بعدما نجح في الهرب، أنه حضر خطابا لشيكاو إلى مقاتليه في 15 مارس (آذار) الحالي. وقال «طلب منهم العودة إلى غوزا وقتل النساء اللواتي تركنهم، وأنهم إذا لم يفعلوا ذلك فلن يذهبوا إلى الجنة»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس. وتشكل استعادة غوزا في حال تأكدت نجاحا رمزيا كبيرا للجيش النيجيري والرئيس جوناثان الذي واجه انتقادات طوال ولايته لعجزه في تطويق المتشددين. من جهة أخرى، عبر الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي ينشر قوات من بلده في نيجيريا، في مقابلة أمس، عن استيائه لنقص التعاون الذي تبديه أبوجا في مواجهة متشددي «بوكو حرام»، واستغرابه لغياب العسكريين النيجيريين على الأرض. وقال ديبي في مقابلة مع مجلة «لوبوان» الأسبوعية الفرنسية «بعد شهرين من بداية هذه الحرب، لم نتمكن من تأمين اتصال مباشر على الأرض مع وحدات من الجيش النيجيري»، مؤكدا أن «الجيش التشادي يخوض معاركه وحده داخل نيجيريا وهذا يطرح مشكلة». وأضاف «كنا نأمل في وجود وحدة نيجيرية مع الجيش التشادي، حتى إنه طلب واضح عبرنا عنه للحكومة النيجيرية. لكن لأسباب نجهلها حتى الآن لم نتمكن من العمل معا». وتابع «اضطررنا لاستعادة بعض المدن مرتين. نحن مجبرون على تركها ثم تعود (بوكو حرام) فنعود إليها»، مشيرا إلى أن «لذلك ثمنا بشريا وماديا كبيرا». وتأتي هذه التصريحات بينما وصلت كتيبة من نحو 1500 جندي تشادي مساء أول من أمس إلى مدينة مورا الكاميرونية القريبة من معاقل بوكو حرام في نيجيريا، خصوصا من مدينة بانكي التي يسيطر عليها المتشددون منذ أشهر. وأقامت القوات التشادية مقر قيادتها في معسكر للجيش الكاميروني حيث استقبلت رئيس أركان الجيش الجنرال إبراهيم باشا. وتقع مورا على بعد نحو أربعين كيلومترا عن الحدود بين الكاميرون ونيجيريا. وقال الكولونيل الكاميروني جاكوب كودجي، الذي يعمل في منطقة أقصى الشمال، للصحافيين إن «العلاقات جيدة جدا سواء بيننا نحن القادة أو بين الجنود».
مشاركة :