الحزم، هو عنوان السياسة السعودية حاليا. الحزم نقيض التراخي والتسويف، التردد والنكوص، الحزم كان سبيل البقاء؛ فقد وصل الأمر لنقطة الحرج، وبلغت الروح الحناجر، وحزت خناجر إيران، و«القاعدة»، و«داعش»، عضد العرب. عاصفة تقوض تخت كسرى في صنعاء، ليقوم صرح اليمن العربي، حيث تخلقت سحنة العرب وتعرشت غصونهم منذ الأزل. فرضت السعودية، مع أشقائها في الإمارات والكويت وقطر والبحرين ومصر والأردن والسودان والمغرب، مشهدا جديدا، وتطايرت أوراق إيران كعصف مأكول، وضربت الطير الأبابيل أصحاب الفيل الآتي من اليمن، وعلى متنه أبرهة جديد، بعمامة فارسية هذه المرة. العمل العسكري متقن، والحوثي وحليفه صالح ذاقا المرارة هذه المرة، وفرح أهل اليمن، بخلاصهم من جمهورية مستنسخة من جمهورية الخميني، كان يريد عبد الملك الحوثي، الناتئ حتى عن المتن الزيدي، أن يكون فيها «مرشد الثورة» من صعدة. الأمر يتجاوز اليمن، إنه بداية الحرب العربية الحقيقية لكل الغزو الإيراني للأمن العربي، وبتر يد التخريب والفتن التي يمدها ملالي طهران ومفسدو حرس الثورة الخمينية. النجاح لم يقتصر على الشق العسكري، وضرب مقرات ومعسكرات وقوافل الحوثي العسكرية، ومعه خونة الجيش من محاسيب علي عبد الله صالح، فثمة نجاح سياسي كبير، تجلى في بناء تحالف إقليمي دولي صلب ضد المشروع الإيراني، ويكفي للبرهنة عليه النظر في موقف السودان ورئيسه عمر البشير، فعلاوة على المشاركة السودانية العسكرية، أعلن البشير مواجهته لإيران، ذات العلاقات الوثيقة بجماعة الإخوان، وهذا لعمري اختراق كبير، يوازي الظفر العسكري. من البدهي أن يصرخ حزب الله اللبناني - الإيراني، ويندب خطباء طهران، ويحنق نوري المالكي، ويرتاب سيرغي لافروف، فما جرى مع عاصفة الحزم العربية، هو إرباك لبناء معقد شيدته طهران مع أذرعها في المنطقة، وساندتها روسيا نكاية بأميركا. وعرب المنطقة في كل هذا يراد تغييبهم وشطبهم من النشاط، لكن «عاصفة الحزم» أبت هذا، وأجبرت الكل على التحدث بلسان العرب. الحرب تكمل ما عجزت عنه السياسة، وسيصمت هدير الطائرات قريبا، ليبدأ حديث السياسة، الذي أبى الحوثي الإصغاء إليه من قبل، بسبب ضجيج الشعارات في رأسه، وقد عولج هذا الضجيج الآن.. هذا النموذج السعودي الفعال والسريع، يؤسس لمنهج عربي جديد، لذلك كان التفاعل الفوري في القمة العربية بشرم الشيخ. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، أن وزراء الخارجية العرب وافقوا في اجتماعات التحضير للقمة، على إنشاء قوة عربية عسكرية لمواجهة التهديدات الأمنية المشتركة. في قصر الملك سلمان (العوجا) الملتصق بناحية (الطريف) التاريخية، حيث مقر الأئمة من آل سعود القدماء بالدرعية، ولد الحزم، وهبت العاصفة. من قبل قال العوني شاعر الحماسة لوالد سلمان: مني عليكم ياهل العوجا سلام/ واختص أبو تركي عَمَى عين الحريب يا شيخ باح الصبر من طول المقام/ يا حامي الوندات يا ريف الغريب اضرب على الكايد ولا تسمع كلام/ العز بالقلطات والراي الصليب
مشاركة :