لولا الجائزة الخاصة التي فاز بها الفسطيني إيليا سبيمان عن فيلمه البديع "لا شك أنها السماء"، ولولا فوز الفيلم الكوري "بارازيت" لبونغ جون هو بالسعفة الذهبية، المستحقة على أي حال، لكان في الإمكان إعتبار النتائج التي تمخض عنها الحفل الختامي لمهرجان كان السينمائي، أسوأ نتائج لأي دورة منذ زمن طويل. هنا حتى فوز الإسباني المبدع أنطونيو بانديراس بجائزة أفضل ممثل عن دوره في "ألم ومجد" لبيدرو المودوفار لم تصلح الأمور طالما أن الإعلان عن هذا الفوز، المستحق وبكل قوة، أوضح منذ البداية ان الفيلم نفسه لن يفوز بالسعفة كما كانت تشير كل التوقعات. مرة أخرى خرج بيدرو المودوفار من عرس كان من دون حمّص. مرة أخرى أخطأ محكمو المسابقة الرسمية في حق واحد من أكبرسينمائيي العالم اليوم، وفي حق واحد من أجمل الأفلام التي حققها. لكن المودوفار لم يكن الوحيد الذي سهى المحكمون برئاسة المخرج المكسيكي أليخاندرو إينياريتو (صاحب أعمال رائعة مثل "بابل" و"العائد" و"بيوتيفول") عن فيلمه. فكين لوتش أيضا غاب عن النتائج تماما. وتيرنس مالك شاركه غيابه مع أنه قدم هنا في حياة خفية"، واحدا من أفضل ما حقق وعرفت السينما منذ سنوات، وكانت تلك حال كونتن تارانتينو أيضا. المحكمون فضلوا على هؤلاء وغيرهم من كبار الكبار أفلاما بدا بعضها جيدا لا أكثر ("أطلانتيس" لماتي ديوب الذي فاز بالجائزة الكبرى، والبرازيلي "باكاراو" لصاحب "أكواريوس" مندوسا فيليو...)، فيما كان البعض الآخر موضع تساؤل عما جاء يفعل في مسابقة "كان" الرسمية، أصلا ("البؤساء" على سبيل المثال والذي تقاسم جائزة لجنة التحكيم الخاصة مع "باكاراو" وشتان بين الإثنين، وفي هذا السياق نفسه يمكن بالطبع إدراج الأخوين البلجيكيين جان – بيار ولوك داردين اللذين فازا معا بجائزة الإخراج عن أسوأ فيلم حققاه منذ زمن: "الفتى أحمد"). أما بالنسبة الى جائزة السيناريو فقد فازت بها سيلين شامّا عن فيلمها "يورتريه للصبية وسط النار" الذي يمكن أن تكون له مميزات كثيرة لكن "قيمة" السيناريو الذي يقوم عليه ليست واحدة منها بالتأكيد. يبقى أن نعود هنا في الختام، مرة أخرى الى الجائزة الخاصة التي نالها الفلسطيني إيليا سليمان والتي بدت وكأنها جائزة تسويات أكثر منها أي شيء آخر، مع أن "لا شك أنها الجنة" كان يستحق ما هو أكبر منها بكثير، وهو ما لا بد أن نعود إليه... ما أن نفيق من هذه الخيبة التي سببها لنا مخرج مكسيكي كبير كنا نعتقد أحكامه السينمائية أكثر صوابا فإذا به "يفعلها" ويوزع ورفاقه الجوائز بشكل يضعنا أمام تساؤلات عديدة أقل ما تفعله هو انها تدفعنا باتجاه التنقيب عن شركات الإنتاج والتوزيع التي تقف وراء الأفلام... الفائزة!
مشاركة :