تحرير تجارة الخدمات يعزز القدرات التنافسية للدول العربية

  • 5/26/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: سامي مسالمة تأتي أهمية اتفاقية تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية ضمن خطط لدعم العمل العربي المشترك، وهو الأمر الذي يسهم في تنمية وتيسير تجارة قطاع الخدمات وتأثيره في قطاع السلع كمدخلات وسيطة للتصنيع، حيث لا توجد سلعة مصنّعة يمكن إنتاجها وتسليمها إلى المشتري من دون إشراك الخدمة، كما أكدت الأبحاث الحديثة التأثير الإيجابي لتحرير تجارة الخدمات في أداء قطاعات الصناعة التحويلية في سلسلة التوريد، حيث تعتبر القيود المفروضة على تجارة الخدمات في كثير من البلدان والقطاعات مرتفعة في كثير من الأحيان.أكد مسؤولون أن تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية سيعمل على تعزيز قدراتها التصديرية، ويحسن من الميزان التجاري، إضافة إلى أنه من المتوقع أن تجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية المباشرة إلى قطاع الخدمات، ما يوفر المزيد من فرص العمل، وسترفع من حجم التبادل التجاري بين الدول العربية بنسبة 14%، وهو ما يساعد في تجاوز القيود والعقبات التي تشهدها حركة التجارة البينية العربية، وستعزز مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب زيادة نصيب الدول العربية من تجارة الخدمات العالمية.وكانت الإمارات قد وقعت في وقت سابق من هذا العام على اتفاقية تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، وتهدف هذه الاتفاقية إلى خلق إطار قانوني للتحرير التدريجي لتجارة الخدمات بين الدول العربية، وتهيئة بيئة مواتية لتنمية وتيسير التجارة في الخدمات فيما بينها، بهدف تعزيز وتفعيل التعاون والتكامل الاقتصادي العربي، وزيادة مساهمة التجارة في التنمية الاقتصادية للدول العربية مع مراعاة الظروف الإنمائية لكل الدول العربية. تنويع حركة التجارة وقال عبدالله آل صالح وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية: إن مشاركة الإمارات في اتفاقية تحرير التجارة في قطاع الخدمات بين الدول العربية تعد خطوة مهمة تدعم جهود الدولة في تنويع وتنمية حركة التجارة الخارجية، فضلاً عن أنها تعمل على تعزيز الجهود المبذولة لتطوير منظومة التعاون والتكامل الاقتصادي العربي.وأوضح آل صالح في تصريحات ل «الخليج» أن دولة الإمارات نجحت في ترسيخ سمعتها محوراً تجارياً حيوياً في المنطقة وعلى مستوى العالم، من خلال تأسيس بنية تحتية متطورة وفق أفضل الممارسات العالمية لدعم الأنشطة التجارية، مع حفاظها على مبدأ الانفتاح وتحرير التجارة وتسهيل حركة البضائع والسلع والخدمات عبر الحدود والمساهمة الفعالة في تنمية التجارة الدولية، ودعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، وهو الأمر الذي مكنها من تحقيق مستويات قياسية في نمو التجارة الخارجية غير النفطية خلال الأعوام الماضية. وأضاف أن المراتب المتقدمة التي تحققها الدولة على مؤشرات التجارة الدولية يترجم جهود الدولة في هذا الصدد، حيث تحتل اليوم المركز الأول عربياً وإقليمياً في صادرات وواردات السلع والخدمات، فيما جاءت في المرتبة ال 15 عالمياً في الصادرات السلعية وال 18 عالمياً في الواردات السلعية، والمرتبة ال 21 عالمياً في صادرات الخدمات وال 17 عالمياً في واردات الخدمات، وفقاً لإحصاءات منظمة التجارة العالمية لعام 2017، كما حلت في المركز الثالث عالمياً من حيث إعادة التصدير، مستحوذة على نحو 13 % من إجمالي إعادة تصدير العالم خلال 2017، وقد بلغ متوسط نمو الصادرات في الدولة ما معدله 8% والواردات 7%، مقابل 2% متوسط النمو العالمي في كل من الصادرات والواردات. رفع القدرة التنافسية وأشار إلى أن قطاع الخدمات يشكل القطاع الأكبر حصة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث يمثل الخدمات نحو 50% من الناتج المحلي، إذ يسهم بشكل فاعل في النمو والتنمية الاقتصادية للدولة، وفي رفع القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية على المستوى الدولي ليس فقط لقطاع الخدمات ذاته، بل كذلك لقطاع إنتاج السلع، الذي يستخدم الخدمات كمدخلات في الإنتاج مثل خدمات النقل والمناولة والتغليف والتسويق والدعاية والإعلان، وغيرها، موضحاً أن تحرير التجارة في قطاع الخدمات بين الدول العربية من شأنه أن يلعب دوراً محفزاً لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، كما أنه يساعد في تعزيز تنافسية هذا القطاع داخل الأسواق العربية، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تمتلك قدرات تنافسية عالية في هذا الصدد، خصوصاً أن الاستثمارات الإماراتية حققت سمعة عالمية متميزة في العديد من القطاعات الخدمية المتخصصة، ومن أبرزها خدمات الاتصالات والتشييد والبناء، وإدارة الموانئ، والسياحة، والطيران وغيرها، وهي بالتأكيد ستستفيد من الوصول إلى الأسواق العربية. وأكد محمد الكمالي نائب المدير التنفيذي لمؤسسة دبي لتنمية الصادرات نائب رئيس الاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية أن الخدمات تشكل أكبر قطاع في الاقتصاد العالمي، حيث تمثل 65٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2016، و49٪ من العمالة العالمية لعام 2018، و46٪ من الصادرات العالمية مقيسة بالقيمة المضافة بحسب إحصاءات البنك الدولي، لذا من الصعب اليوم أن نتخيل الأعمال التجارية من دون تقديم خدمات فعالة، مثل الاتصالات، والإنترنت، والتمويل، والمحاسبة، والخدمات القانونية والنقل والخدمات اللوجستية. مكاسب تحرير تجارة الخدمات وقال الكمالي في تصريحات ل «الخليج»: «يُتوقع من تحرير هذا القطاع تحقيق مكاسب عدة أهمها: جلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية المباشرة إلى قطاع الخدمات، وهو ما يوفر المزيد من فرص العمل، وزيادة حجم التبادل التجاري بين الدول العربية بنسبة 14%، وهو ما يساعد في تجاوز القيود والعقبات التي تشهدها حركة التجارة البينية العربية، ورفع مساهمة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نصيب الدول العربية من تجارة الخدمات العالمية».وأضاف الكمالي: «إن أحد أهم الجوانب التي تحتاج إلى دراسة فيما يتعلق بالخدمات هو القضايا المتعلقة بالتكنولوجيا من وجهة نظري الشخصية، فقد غيرت التطورات الحديثة مفهوم تجارة الخدمات التي لم تعد تتطلب السفر عبر الحدود، وهو ما يجعل تنظيم تجارة الخدمات أكثر ضرورة في الوقت الحالي مع التغير الواضح في نمط المستهلكين على مستوى الدول العربية، ونشأة جيل جديد يستقبل تعليمه بصورة مختلفة وأدوات تكنولوجية متنوعة، لذلك، فإنه من الضروري النظر في كيفية تعزيز التجارة الرقمية في الخدمات مع منح المشترين الحماية التي قد يتلقونها من بلدانهم الأصلية، وهذا يتطلب تنسيقاً كبيراً بين الدول، إضافة إلى القبول بأن هذه الخدمات تزيد من مستوى تجارة الخدمات».ولفت الكمالي إلى أنه في الوقت الذي لم تتجاوز فيه مستويات التجارة البينية العربية 10%، فإن ذلك يرجع إلى الهياكل الاقتصادية العربية من جهة، وتشابهها من جهة أخرى، وهو ما أدى إلى إمكانية حدوث تحدٍّ في الأسواق العربية، واستمرار بقاء الدول العربية على هامش النظام التجاري الدولي بنسبة معينة من حجم التجارة العالمية للسلع والخدمات، لافتاً إلى أنه من هنا فإن تحرير التجارة إلى المستوى المطلوب يقتضي تنسيقاً أكبر في اللوائح والقوانين والأنظمة والإجراءات والرصد والمتابعة والتطوير والمواصفات، إضافة إلى الحاجة إلى تنمية القطاعات الإنتاجية لتعزيز التكامل في الإمكانات والتخصصات للدول العربية التي تعمل على اكتفائها الذاتي في مقابل الاعتماد على السلع والخدمات المستوردة من الخارج. صناعة الخدمات الناشئة ورداً على سؤال: لماذا يجب على الدول العربية تحرير التجارة في الخدمات على المستوى الإقليمي، أكد الكمالي أن صادرات الدول العربية من الخدمات للعالم سجلت 192 مليار دولار بنسبة نمو 5% في 2017 عن 2016 وفقاً لإحصاءات مركز التجارة العالمي بجنيف، ومما لا شك فيه أن تحرير تجارة الخدمات بين الدول العربية نفسها سيعزز قدراتها التصديرية ويحسن الميزان التجاري، كما أن تحرير تجارة الخدمات على المستوى الإقليمي يساعد على دعم صناعة الخدمات الناشئة من خلال المنافسة داخل حدود السوق الإقليمية ودعمها لكي تكتسب القدرة على المنافسة دولياً وعالمياً.وقال: «إضافة إلى أن تحرير تجارة الخدمات له أثر أكبر من التحرير الإقليمي لتجارة السلع، حيث يقدر أن 30% من مكونات إنتاج السلع هي خدمات، ما يعني أن تعزيز تجارة الخدمات من خلال تحرير التجارة الإقليمية يعزز تنافسية إنتاج السلع ومن ثم يحقق المزيد من التأثيرات الإيجابية في تجارة السلع نفسها، كما أن إدخال الخدمات في المفاوضات الدولية إلى جانب السلع من شأنه توسيع الاستفادة من قطاع الخدمات، وينطبق ذلك أكثر على الدول التي لديها قطاع تصديري منافس».وأضاف: «نرى أن هناك اتجاهاً مستمراً لنمو قطاع الخدمات في الأسواق الناشئة، حيث أصبح قطاع الصناعات التحويلية أكثر توجهاً نحو الخدمات من خلال زيادة الإنفاق في البحث والتطوير والتسويق والمبيعات ودعم العملاء والخدمات المالية». فتح الإمكانات الاقتصادية المتنوعة ازدهر قطاع الخدمات في الآونة الأخيرة، ليتماشى مع التقدم التكنولوجي ونمو التجارة الرقمية، وقد لاحظ الاتحاد العربي لتنمية الصادرات الصناعية مدى تأثير تجارة الخدمات في تعزيز مشاركة المرأة في الأعمال التجارية على سبيل المثال، ومع انتشار تجارة الخدمات في الاقتصاد العالمي، فإن تحقيق خدمات أكثر كفاءة سيؤدي إلى فتح الإمكانات الاقتصادية، ليس فقط في قطاع الخدمات ولكن في جميع المجالات، بما في ذلك التصنيع، نظراً لأن الخدمات هي أحد المحركات الأساسية للابتكار، إضافة إلى تأثيرها الكبير في زيادة الحصة الإنتاجية في اقتصاد العديد من الدول. تعزيز التكامل والنمو إن الأهمية الكبيرة لقطاع الخدمات في الاقتصادات العربية المقدّر مساهمتها بنحو 50% من الناتج المحلي تشكل نقطة قوة لتبادل تجارة الخدمات ما يعزز التكامل والنمو ليس في قطاع الخدمات نفسه فقط بل أيضاً في قطاع إنتاج وتجارة السلع الذي يعتمد على الخدمات في تعزيز قدرته على المنافسة العالمية مثل خدمات النقل والاتصالات.لذلك فإن تحرير تجارة الخدمات سيساهم في استقطاب الاستثمارات الخارجية من خلال تحرير الاستثمارات المباشرة للشركات العربية في أسواق بعضها البعض، والذي سيخلق بيئة مشجعة وحاضنة للمستثمرين ورجال الأعمال وسيزيد من المنافسة بين الشركات، ما يزيد الكفاءة الإنتاجية للمنتجات العربية، إذ إن معظم الدول العربية لديها استراتيجيات اقتصادية طموحة للغاية تسعى إليها بحلول عام 2071، والهدف من هذه الاستراتيجيات هو تطوير اقتصادها لتمكينه من المنافسة عالمياً، كما يتم التشديد على أهمية التجارة بشكل عام من خلال تصنيف البنك الدولي «سهولة ممارسة أنشطة الأعمال» . التكنولوجيا تنعش القطاعات الخدمية المنغلقة مما لا شك فيه أن تجارة الخدمات تشهد نمواً سريعاً في ظل التطور التكنولوجي المتسارع والذي ساهم في تقريب المسافات، وتخطي القيود والحواجز أمام حركة الخدمات؛ ليجعل التبادل التجاري أكثر انسيابية بين دول العالم؛ حيث استطاعت التكنولوجيا فتح المجال أمام القطاعات الخدمية المنغلقة للتداول عالمياً؛ من خلال منصات محلية ودولية قوية للغاية تتيح للشركات الصغيرة والمتناهية الصغر تصدير السلع والخدمات من خلال هذه المنصات، الأمر الذي انتقل بتجارة الخدمات إلى مستويات جديدة، وهو ما سيؤدي إلى زيادة القدرات التنافسية في الأسواق العالمية؛ لذلك فإنه لابد من مواكبة هذا التطور من خلال تحرير تجارة الخدمات؛ لتسهيل وتسريع عمليات التبادل التجاري بين الدول العربية، والتمهيد للدخول بشكل أقوى في المنافسة العالمية.كما أن القيام بهذه الخطوة سيوفر للقطاعات الخدمية الرائدة مزيداً من الفرص للتوسع في الدول العربية، على سبيل المثال فإن العديد من القطاعات الخدمية من دولة الإمارات العربية المتحدة أصبح لها وجودها المشهود على المستوى العالمي؛ مثل: خدمات الاتصالات والتشييد والبناء، وإدارة الموانئ، والسياحة، ولكن فتح السوق الإقليمية العربية سيرفع من تنافسيتها، وسينمي الخدمات الناشئة فيها؛ لتشمل الريادة في تصدير خدمات جديدة.

مشاركة :