السياب ينير درب جيكور من جديد

  • 3/29/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الطريق إلى جيكور قرية الشاعر بدر شاكر السياب يمتد بنا نحو الجنوب العراقي. طريق تحفه النخيل، ومتعرج وكثير الجسور، وما بين جسر وآخر ثمة قرية. القرى هنا ما زالت تحتفظ بأسمائها القديمة، وكأن الزمن توقف عندها، عكس مناطق البصرة وحاراتها التي تتبدل أسماؤها بتغير الأنظمة السياسية. لم نسأل أحدا من أهل قضاء أبي الخصيب عن أصل تسميات القرى، فهي تنتهي بألف ونون على صيغة المثنى: عويسيان، وحمدان، ومهيجران، وباب سليمان، ويوسفان. قرى احتفظت بطيبة أهلها، وحسبنا أن السياب الذي تغنى بها كان يشعر أنها ستبقى عصية على الزمان ولن تتغير: أشجارها دائمةُ الخضرة كأنها أعمدة من رخام لا عُري يعروها ولا صفره وليلها لا ينام يطلع من أقداحه فجره لكنّ في جيكور للصيف ألواناً كما للشتاء وتغرب الشمس كأن السماء حقلٌ يمصُّ الماء أزهاره السكرى غناء الطيور لم تعد جيكور مزهرة كما وصفها السياب، والنهر طمرته الحشائش ولم يعد يعتني به أحد. عودة للحياة لكن بيت السياب عاد للحياة من جديد بعد أن تم ترميمه وغيرت ملامحه باستثناء الشبابيك المقوسة والمزاريب التي تمتد على سطحه. ويقول عبد المجيد وهو ابن عم السياب إن قرار ترميم البيت يعود لثمانينيات القرن الماضي. ويوضح أنه والسياب ولدا في هذا البيت الذي يعود لجدهما عبد الجبار مرزوق السياب، الرجل الإقطاعي الذي كان يملك أراضي كثيرة، وخمسين جريبا كل واحد منها يضم مائة نخلة. ويقول عبد المجيد إنه يتذكر من ملامح البيت المداخل والأبواب ذات الطراز العربي وهناك الإيوان بطرازه الذي يوحي بقيمته كبيت لعائلة ميسورة. ويضيف تم شراء المنزل من قبل وزارة الإعلام في سبعينيات القرن الماضي في عهد الوزير المرحوم شفيق الكمالي بثلاثة آلاف دينار وهو مبلغ زهيد جدا. وكان قرار تحويل البيت إلى متحف أمنيةَ كل مثقفي المدينة وأحباء الشاعر الكبير شاكر السياب، لكن الحرب العراقية الإيرانية اغتالت هذا الحلم حيث كانت قرية جيكور منطقة معارك حينها وتضرب كل يوم بمئات من القاذفات والصواريخ. ويشير عبد المجيد إلى أنه تم الاتفاق بعد عام 2003 مع الحكومة المحلية على أن يبقى التصميم المعماري للبيت القديم كما كان وألا تجرى عليه تغييرات كبيرة. لكن ما جرى هو عكس ما اتفق عليه، حيث أضيفت كثير من الزخارف والديكورات التي غيرت شكله، بحيث صار تكوينا وبناء جديدا تماما يحمل القليل من بيتنا، الغرفة التي ولدت فيها قبالة الغرفة التي ولد فيها بدر. دار جدّي من جانبه ذكر مدير قصر الثقافة والفنون بالمنطقة عبد الحق المظفر أنه تم رصد مبلغ 360 مليون دينار عراقي (حوالي 3 ملايين دولار) كمرحلة أولى لترميم المنزل، في حين ستخصص مبالغ أخرى لمقتنيات السياب الشخصية من أجل أن يكون المتحف خاصا به. وأضاف للجزيرة نت أن عائلة الشاعر أبدت استعدادها للتعاون مع سلطات السياحة والآثار، وأشار لوجود مقترح لتأسيس مركز ثقافي باسم الشاعر. وقال إن البصرة تسعى لتخليد رموزها الثقافية والأدبية وبدأت بمنزل السياب الذي يعد علما شعرياً عربياً كبيراً. وذكر عضو المجلس المركزي لاتحاد أدباء وكتاب العراق الشاعر عبد السادة البصري أن المشهد العام يعطي انطباعا للزائر بأنه في بيت السياب رغم التغيير الكبير الذي طرأ عليه. ونحن نغادر المنزل الذي يسميه السياب دار جدي في قصيدة المنشورة بديوان المعبد الغريق، نكاد نسمعه وهو يقف أمام تلك الدار مرددا: مطفأة هي النوافذ الكثار وباب جدّي موصدٌ وبيته انتظار وأطرق الباب، فمن يجيب يفتحً؟ تجيبني الجرار جف ماؤها، فليس تنضح بويب، غير أنها تذرذر الغبار. مطفأة هي الشموس فيه والنجوم...

مشاركة :