توقعت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" عودة النشاط الاستثماري إلى قطاع التكرير في السنوات المقبلة في ظل تزايد الطلب على النفط المكرر في الدول النامية. وقالت المنظمة "إن ذلك سيكون المحرك الرئيسي للاستثمارات المقبلة، حيث ستتركز المشاريع الجديدة إلى حد كبير في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط". وأكدت "أوبك" في تقريرها الدوري استمرار دعم جهود الحوار والتعاون الدولي من أجل استقرار سوق الطاقة، وأكدت حرصها على المشاركة في اجتماعات المستوى الوزاري إلى جانب المشاركة في ورش العمل المشتركة والندوات مع الاتحاد الأوروبي وروسيا ووكالة الطاقة الدولية. وقال تقرير المنظمة "إنها تسعى دوما إلى تبادل وجهات النظر والرؤى مع غيرها من أصحاب المصلحة في سوق الطاقة"، مشيرا إلى تمسكها بالنهج التعاوني وتفعيل الحوار بما يعود بالفائدة على السوق ويحقق الاستقرار المنشود على المديين القصير والطويل. وأشار إلى أن صناعة النفط والغاز تعتمد بشكل أساسي وواسع على الموارد البشرية عالية التأهيل التي تتسم بقدرات ومهارات متطورة، موضحا أن الصناعة واجهت عديدا من المتغيرات بسبب التطور والحداثة والتنافس على استقطاب العمالة عالية التأهيل. وذكر أن الاتجاهات العالمية الحديثة انعكست على هذه الصناعة خاصة زيادة استخدام التقنيات المتقدمة في المراحل المختلفة من عمليات الصناعة إلى جانب المنافسة المتزايدة في مجال الحصول على العمالة الماهرة. وأشار التقرير إلى أن استمرار نقص القوى العاملة الثابتة يعد مصدر قلق كبير لصناعة النفط، حيث يمكن أن يتسبب هذا النقص في تأخير العمليات اليومية وزيادة التكاليف وزيادة المستويات العامة للخطر. وأوضح أن الشركات النفطية بحاجة إلى معالجة المشكلات الهيكلية في التعليم والتدريب، وتحسين صورة هذه الصناعة وجذب الشباب لهذه الصناعة وتحسين استبقاء العاملين وتعزيز فعالية نقل المعرفة إلى عمال جدد. وطالب التقرير بتوسيع التعاون الدولي من أجل العمل على تخفيف حدة فقر الطاقة، مشيرا إلى أن هذا الأمر لن يتحقق إلا ببرامج تنموية واسعة وطموحة على الصعيد الدولي. وأشار التقرير إلى أهمية تعبئة الموارد الاقتصادية العالمية لمكافحة الفقر وضمان حصول الفقراء على الطاقة بأسعار معقولة بما يحقق شعار "الطاقة الحديثة للجميع". وأوضح أن التنمية في العالم تتطلب تمكين الفقراء من خلق فرص مدرة للدخل وضمان حصولهم على النصيب العادل من الطاقة واستخدام الطاقة من جانب الفقراء في توليد دخل إضافي لهم وتحسين أوضاعهم المعيشية بشكل مستدام. وقال التقرير "إن القطاع الزراعي يمكن أن يلعب دورا رئيسيا في خلق فرص عمل للفقراء لأن كثيرا منهم يعيشون في المناطق الريفية وكثير من الأنشطة الزراعية الحديثة تعتمد على استخدام الطاقة". وأوضح التقرير أن قضية التغيرات المناخية من القضايا المهمة والمعقدة ووثيقة الصلة بقطاع الطاقة، مشيرا إلى أنه بحلول عام 2040 ستشهد انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون التراكمية ارتفاعا بنحو 40 في المائة الناتجة من صناعة النفط ومصادر الطاقة الأخرى. كما أن الدول الصناعية صاحبة الاستهلاك الأكبر في الطاقة ستسهم بأكثر من 50 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية الضارة. وطالب التقرير بتغيير أنماط استهلاك الكهرباء والتوسع في التقنيات التي توفر إمدادات للطاقة منخفضة في الغازات الضارة وفى مقدمة ذلك الطاقة المتجددة والطاقة النووية والتوسع في محطات توليد الكهرباء الحديثة التي تعتمد على توليد الطاقة من الغاز الطبيعي والعمل بشكل كبير على الحد من الانبعاثات. وأشار إلى أهمية دور "أوبك" في مساعدة أعضائها وبقية الدول ذات علاقات التعاون الوثيقة على الحد من الانبعاثات في قطاع النفط. وقال "إن الحصول على النفط سيصبح أكثر تكلفة في المستقبل بسبب التوسع في زيادة الطاقة الإنتاجية من النفط غير التقليدي الذي يتم إنتاجه في ظروف بيئية صعبة ويحتاج إلى تقنيات عالية الثمن ترفع تكاليف الإنتاج وتؤدي إلى صعوبة تحقيق التوازن في الإنتاج بسبب ضغوط التكلفة الصاعدة ومستوى الأسعار الهابط". وأوضح التقرير أن النفط التقليدي سيظل الأقوى لأنه أقل في التكلفة كما أن تقنيات إنتاج النفط التقليدي قد تم استكمالها من قبل، فيما المصادر الجديدة البديلة ستظل أكثر تكلفة خاصة الإنتاج من الرمال النفطية والنفط الخام الضيق فضلا عن سوائل الغاز الطبيعي. وقال "إن المصادر الجديدة عالية التكاليف، كما أنها تتسم بسرعة النضوب وصعوبة الوصول إليها مقارنة بالنفط التقليدي". وتوقع استمرار الضغوط نحو تخفيض تكاليف الإنتاج بالنسبة للمصادر الجديدة، مشيرا إلى تواصل النقاش بين المنتجين الجدد حول ضرورة التوازن بين هذه الضغوط وقدرة التكنولوجيا على العمل في الاتجاه المعاكس وسرعة التوصل إلى تقنيات أقل تكلفة. وأوضح التقرير أن التكنولوجيا تلعب دائما دورا حاسما في تطور ونمو صناعة النفط وتشكل بتأثيراتها في هذه الصناعة عنصرا قويا في تحديد ملامح خريطة العرض والطلب، كما تساعد بشكل رئيسى على إيجاد الاحتياطيات الجديدة وتعزيز التنقل وتحسين الكفاءة في الإنتاج وتطوير إنتاج مواد جديدة وزيادة الاستخدامات والتطبيقات في مجال النفط. وأشار إلى أن التكنولوجيا تطورت كثيرا في مجال نظم الحفر وتكسير الصخور ومكنت من وصول هذه الصناعة إلى موارد جديدة متمثلة في النفط الخام ضيق والنفط في المياه العميقة وسهلت عملية استخراج النفط، ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة رؤى تكنولوجية أكثر تطورا تخفض التكاليف وتقود إلى تطور كبير في قطاع النقل وأنواع الوقود البديلة. وأشار إلى أهمية العمل سريعا على تحسين كفاءة الإنتاج وتطوير منظومة استغلال وإدارة الطاقة خاصة في مجال النقل. وقال لـ "الاقتصادية" نبيل الكزبري رئيس الغرفة العربية النمساوية "إن سوق الطاقة في السنوات المقبلة ستشهد كثيرا من ملامح التغير بعد تعدد مصادر الإنتاج ودخول موارد جديدة للنفط مثل الصخري والرملي لكن هذه التجارب لم تنضج بعد رغم تأثيراتها الواسعة في السوق في المرحلة الماضية". وأشار إلى وجود جهود مكثفة يقوم بها المنتجون من المصادر غير التقليدية من أجل المنافسة مع النفط التقليدي من خلال تخفيض تكلفة الإنتاج، إلا أن الضغوط تتزايد عليهم بفعل زيادة المعروض وانخفاض الأسعار. وقالت لـ "الاقتصادية" المحللة الروسية ريما سوبحانوكولوفا "إن تناميا قويا للطلب يأتي من الأسواق الآسيوية بفعل الزيادة السكانية حيث ما زال هناك ملايين حول العالم يفتقدون إلى الحد الأدنى من حقوقهم في مجالات الطاقة الأساسية". وأشارت إلى ضرورة الاستفادة من الأسعار المنخفضة للنفط الخام في التوسع في الصناعات البترولية المرتبطة بها التي تمثل قيمة مضافة مهمة لاقتصاديات الدول المنتجة.
مشاركة :